بكل همة بدأ شغله بابتسامة منتصر عزيز علي شريط الترام..حيث أن طبيعة شغله بتخليه هناك أو عالأقل يبدأ من هناك ويتنقل من مكان لمكان! الراجل كان بسيط جدا في ملابسه..يعني ولا لابس ماركات ولا مهتم بعطور وبرفانات بس في نفس الوقت الابتسامة الصافية مفارقتش وشه..باختصار كان مبتسم من غير سبب ومش لحد معين...هو كان مبتسم لحياته ولنفسه. اللي يشوف الراجل البسيط ده يحس أنه أتعس واحد في الدنيا لكن الغريبة أني شفت احساسه بنفسه غير كده!! كان شايف نفسه ملك متوج رغم بساطته وصعوبة ظروفه اللي أنا متأكد منها رغم أني مش عايشاها معاه..نسيت أقولكوا أنه مكنش مستني الترام علشان يركبه..كمان هو مش سائق الترام ولا الكمسري بتاعه.. ولا حتى بياع متجول أو فارش بضاعته في الشارع!! الراجل ده هو "كناس" الشارع كل مهمته أنه يجمع الأوراق والزبالة وفضلات ركاب الترام سواء اللي نازلين منهم ومعاهم التذكرة لسه أو اللي طالعين ومعاهم كانز أو كيس شيبسي في الحالتين الراجل ده موجود علشان كده....! بس تفتكروا الراجل ده كان مبتسم وفي عز نقحة الشمس ليه؟!! هل لو أي حد فينا كان مكانه في عز نقحة الشمس والجو المخنوقة وكمان بيلم زبالة هيفكر يبتسم! علي فكرة الراجل ده مكنش الراجل الوحيد اللي شفته مبتسم يومها...بالعكس شفت كمان الست اللي بتبيع مناديل وكانت مبتسمة إبتسامة كبيرة جدا جدا! كمان الولد الصغير في الاشارة بردو ووشه مليان براءة مصعبتش علي المرض.. لكنه فضل يتحايل علي حياته رغم صعوبتها والظروف اللي بردو معرفهاش لكنها مش محتاجة صحفي يتكلم عنها في تحقيق أو كاتب يحكيها في رواية تقطع القلب! الأمثلة الثلاثة دول كانوا علامات تعجب في الشارع والأعجب من كده أني كنت بشوف ناس عكسهم تماما في كل حاجة...اللي راكب عربيته موديل 2010 ومشغل التكييف ورايح شغله ومكشر, واللي ماسكة الموبايل وبتتكلم عن حياتها بكل زهق وقرف, واللي نازل من بيتهم واحشه كلاكس عربيته فيفضل ماسكه من أول ما يركبها لحد ما ينزل منها..واللي نازل من بيتهم متأخر ويوصل شغله متأخر ساعة تقريبا!! كل الأمثلة دي من الواقع...بس الغريب أنها متناقضة جدا مع كناس الشارع وبياعة المناديل والولد الصغير اللي في الاشارة كلهم ناس مطحونين وشغلهم مش بإيديهم بس رغم كده الابتسامة مبتفارقش وشهم.. ايه بقى سر الابتسامة؟؟ فكرت يمين وشمال لقيت أن السر الوحيد هو الرضا والقناعة..القناعة اللي قالوا عنها زمان كنز لا يفني لكنها دلوقتي زي كنز علي بابا بعد ماسرقوه الأربعين حرامي..القناعة والرضا بقت قيمة مختفية تحت ظروف الحياة الصعبة رغم كده كانت عند الناس البسيطة جدا ومكنتش عند الناس المرتاحة شوية.. مش غريبة! الناس دي نزلوا شغلهم بدري ومبتسمين رغم صعوبة كل الظروف اللي عايشينها..رغم أن أعمالهم ممكن نشوفها مهينة نوعا ما.. بس كل ده مأثرش فيهم..وكانوا أغنياء جدا رغم فقرهم واحتياجهم للشغلانة البسيطة دي! الناس دي كانوا مبتسمين مش لأنهم أغنياء ومعاهم فلوس في البنك وعربية آخر موديل ومش لأنهم بيشتغلوا وظيفة أحلامهم..!! كانوا بيبتمسوا عن رضا وقناعة بحياتهم..صحيح ظروفهم صعبة لكنهم كانوا أعند منها وأقدر عليها ! وعشان كده ابتسم لحياتك واقنع بها زي ما قال الشافعي: رأيت القناعة رأس الغنى ..... فصرت بأذيالها متمسك فلا ذا يراني على بابه ..... ولا ذا يراني به منهمك فصرت غنيا بلا درهم ..... أمر على الناس شبه الملك نهى طارق [email protected]