كثيرا ما قلت إن الخلاف بين الداعين لمظاهرات 24 أغسطس الجارى وبين الرافضين لها ليس خلافا دينيا أو عقديا ولا يجب إقحام الدين فى هذه القضية، وإنما هو خلاف سياسى يجب أن يبقى فى حجمه الطبيعى ويقف عند حدوده السياسية دون أدنى تخوين أو تكفير من كلا الفريقين للآخر. وقلت أيضاً إن الخلاف لا ينبغى أن يدفع المصريين إلى التصادم والعنف وإراقة الدماء وحرق المنشآت لأننا فى النهاية، كنا وما زلنا وسنبقى، أبناء وطن واحد حتى وإن اختلفنا فى الآراء والرؤى السياسية. ولذلك انزعجت وبشدة حينما قرأت فى أحد المواقع الإلكترونية تصريحا قد نسبه أحد الأشخاص إلىّ زورا وبهتانا يقول فيه إننى قلت إن الخروج فى مظاهرات 24 أغسطس حرام شرعا، ولذلك بادرت بنفى هذه الإشاعات والرد عليها، وقلت إننى لم أنظر إلى هذه القضية من أى منظور دينى أو فقهى، ولم أكفر الخارجين فى هذه المظاهرات، ولم أعتبرهم خارجين على الحاكم، وإننى فقط اعتبرت من يطالبون بإسقاط الرئيس أو حبسه خارجين على الشرعية التى جاءت برئيس منتخب عبر انتخابات حرة. ولما كثر اللغط فى هذا الموضوع كان من الواجب أن نقرر الآتى: أولاً: إننى أرفض وبشدة فتوى من قال بوجوب قتال الخارجين فى هذه المظاهرات وإهدار دمائهم وأطالب بمحاسبته إذا ثبت ذلك؛ متعجبا من هذا الذى أفتى بهذه الفتوى؛ إذ كيف يتجرأ ويجيز قتل الناس بغير حق وقد قال تعالى: (وما كان لمؤمن أن يقتل مؤمنا إلا خطئا) وقال الرسول صلى الله عليه وسلم (كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه) وقال صلى الله عليه وسلم أيضاً: (إن دماءكم وأموالكم حرام عليكم كحرمة يومكم هذا فى شهركم هذا فى عامكم هذا). ثانيا: نعم، إننا رافضون لهذه المليونية إذا كان الغرض منها إسقاط الرئيس الشرعى المنتخب أو حرق مقرات الإخوان أو حرق المنشآت أو محاصرة الرئيس لتعجيزه عن القيام بمهامه، بل ونطالب بمحاسبة ومحاكمة من يحرّض على ذلك لأن ذلك يعنى الانقلاب على الشرعية المنتخبة وإدخال البلاد فى نفق الحرب الأهلية، ولكن الرفض لا يعنى تكفير الداعين إليها أو إباحة دمائهم، فهذا أمر لا نملكه. ثالثا: إذا كان الخروج فى هذه المظاهرات فقط للتعبير عن الرأى بشكل سلمى بعيدا عن العنف والتخريب وبعيدا عن الدعوة لإسقاط الرئيس الشرعى المنتخب فإننا أيضاً لا نملك أن نعترض على ذلك لأن التعبير عن الرأى حق مكفول للجميع وعلى الدولة حماية المتظاهرين بشكل سلمى. رابعا: إننى حينما دعوت الشعب إلى الخروج فى مليونية 23، 24، 25 أغسطس الجارى لحماية الشرعية فإننى أنوه هنا إلى أن الخروج ليس للصدام مع غيرنا أو الاعتداء على أحد وإنما فقط لحماية الشرعية المنتخبة بإرادة شعبية ولحماية المنشآت والمؤسسات والحيلولة دون وقوع أى صدام أو عنف أو تخريب. خامسا: إننى أناشد كافة المصريين سواء المتفقين أو المختلفين معى فى الرأى أن نحافظ معا على الشرعية وأن يحقن بعضنا دماء بعض وأن نحمى المنشآت والمؤسسات من المندسين وأن ندع التخوين والتكفير جانبا وألا نصبغ القضية بأى صبغة دينية أو طائفية حتى لا يحترق الوطن.. فكلنا فى مركب واحد. وأخيرا أقول للمصريين جميعا، للمختلفين منهم معى قبل المتفقين: عيد سعيد وكل عام وأنتم بخير.