شهدت الإسكندرية مع اقتراب عيد الفطر تنافسا بين كل من الدعوة السلفية، والإخوان المسلمين على ساحات صلاة العيد، وهو تنافس ممتد منذ عقود لكن وتيرته زادت بعد زوال القيود والتضييق الأمني عقب الثورة، وهو ما تجلى بوضوح في عيدي العام الماضي الذي كان بمثل التأسيس للأرضيات والساحات الجديدة لكل من الطرفين، بعد فترة تضييق طالتهم أثناء حكم النظام السابق. ووفقا لما أعلنته الجهات التنظيمية بالإسكندرية داخل المؤسسات والتيارات الإسلامية، فستنظم جماعة الإخوان صلاة العيد في 180 مصلى، والدعوة السلفية في 54 و179 للأوقاف. وبدأ التنافس على أماكن الصلاة مبكرا بين الطرفين من خلال تعليق لافتات تدعو المواطنين إلى الصلاة في ساحة محددة فضلا عن التنويه في صلاة التراويح بمساجد كل منهما. ويقوم كلا الطرفين "بحجز" ساحات الصلاة من خلال إقامة "شوادر" ومنصات وتعليق لافتات تشير للجهة المنظمة في الساحات، والإعلان عن جوائز محددة يجرى عليها السحب بعد الصلاة تختلف أشكالها بين جنيه ذهبي، ورحلة عمرة، وخروف عيد، وأدوات منزلية، وسلع معمرة، فضلا عن هدايا الأطفال. وكانت الصلاة العام الماضي هي المرحلة الأولى لكسب النفوذ في أماكن جديدة كان يسيطر عليها الحزب الوطني أو كان من المستحيل السماح للسلفيين أو الإخوان تنظيم أي صلاة فيها، وهو الأمر الذي أدى إلى انخفاض وتيرة التنافس هذا العيد في بعض الأحياء؛ إذ نجح الإخوان المسلمون في تنظيم صلاة العيد فيما يقرب من 180 ساحة ونظم السلفيون الصلاة فيما يقرب 50 ساحة على مستوى الإسكندرية. ويعد الشارع المواجه لفندق سان استفانوا هو أبرز الأماكن التي استطاعت جماعة الإخوان ضمها إليها حينما نظمت فيه صلاة العيد الماضية التي خطب فيها نائب المرشد جمعة أمين الذي سيخطب فيها هذا العام أيضا، فيما يعد تقاطع شارع 30 مع شارع 45 بمنطقة العصافرة، أبرز الأماكن التي سيطرت عليها الدعوة السلفية، وسيخطب فيها هذا العام القيادي التاريخي الشيخ أحمد فريد. هذا فيما يخطب مشايخ الدعوة السلفية الكبار ياسر برهامي بمنطقة الساعة، وسعيد عبد العظيم بمحطة مصر، وأحمد حطيبة بباكوس، وعبد المنعم الشحات المتحدث باسم الدعوة السلفية في السيوف، بينما يخطب خطباء الصف الثاني في الدعوة بالساحات الأخرى، كعصام حسنين عضو مجلس الشعب في الورديان. نفى حسام الوكيل أحد متحدثي حزب الحرية والعدالة بالإسكندرية، أن تكون صلاة العيد مجالا للتنافس الانتخابي أو السياسي، قائلا "الإخوان لا يستخدمون العباءات للترويج لأعمال سياسية". وقال ياسر متولي أحد كوادر حزب النور بالإسكندرية، إن الدعوة السلفية تنظم منذ سنين صلاة العيد في عديد من الساحات، لأن هذه الصلاة في حد ذاتها دعوة، لكن لن تتم أي دعاية سياسية أثناء الخطبة. حلل إسماعيل الإسكندراني الباحث في علم الاجتماع السياسي هذه الظاهرة، قائلا "في الماضي كان هناك صيغ عديدة من التفاهم السهل بين الدعوة السلفية والإخوان المسلمين بوصفها -ظاهرة التنافس على أماكن صلاة العيد- تعكس تنافسا على النفوذ الاجتماعي ولكن مع دخول بُعد التنافس السياسي بين الطرفين لم تعد صيغة التفاهم هذه موجودة بالكيفية نفسها. ورجح الإسكندراني أن يكون رد فعل الناخب غير المسيس إسلاميا هو الشعور بالاستياء، وهو ما ظهر بوضوح في صلاة العيد العام الماضي، عندما ترك بعض المواطنين الصلاة والخطبة بسبب ما اعتبروه "مؤتمرا انتخابيا في شكل صلاة عيد". ورجح أن الأمر هذا العام "سيتحول لمنبر تهليل وتأييد لمرسي وهذا من شأنه تحويل صلاة العيد إلى وزارة أوقاف جديدة". فيما رأى محمد العربي الباحث في وحدة الدراسات المستقبلية بمكتبة الإسكندرية، أن الأمر لا يخلو من تسييس وصراع على احتكار المجال العام باسم الخدمات الدينية ونشر الأفكار والحشد والتجييش وتوسيع القاعدة الشعبية.