استقبل المرضى والمترددون على العيادات الخارجية بمستشفى الساحل التعليمى إضراب الأطباء الثانى باستياء بالغ، حيث عادوا من حيث أتوا، بعد أن أخبرهم أفراد الأمن الموجودون على البوابات الخارجية بخبر إضراب الأطباء. بصحبة والدته الخمسينية حضر مصطفى أحمد، 25 عاماً، إلى المستشفى فى تمام الحادية عشرة صباحاً قادماً من شبرا الخيمة ليتلقى علاجاً ليده اليمنى التى استقرت بها 4 حبّات من بلى الخرطوش.. «الإخوان كانوا عاملين مسيرة فى شبرا الخيمة فتصدى لهم الأهالى، فضربوا علينا خرطوش وأُصبت أنا و8 آخرون من أبناء المنطقة». يتنهد الشاب قليلاً وينظر إلى والدته بهدوء ثم يكمل: «رحت مستشفى شبرا الخيمة، لكنهم حولونى على مستشفى الساحل، والدكاترة هنا طلبوا منى عمل أشعة على إيدى، تخيل إنى دفعت 65 جنيه عشان الأشعة الصغيرة العادية دى، ويقولوا لك علاج مجانى، كنت عملتها بره أحسن وخلاص، وبعد لما دكتور العظام شافها قال استنى أسبوع وجبّسها، جيت الأسبوع اللى فات لقيتهم عاملين إضراب، روّحت وما رجعتش تانى إلا النهارده وبرضو لقيتهم عاملين إضراب». تتدخل والدته فى الحديث، وتشير إلى يد ابنها المصابة بالخرطوش قائلة: «مصطفى شغال سواق، ومش بيعرف يمسك الدريكسيون بسبب اللى جراله، الخرطوش عامل له عجز فى إيده، ومش عارف يشتغل، فوجئنا بإضراب الأطباء اليوم، ولو كانوا موجودين كانوا قرروا يعملوا إيه فى إيده». تدخلت فى الحوار سيدة أخرى اسمها كريمة حسين، 39 عاماً، كانت تجلس على الرصيف أمام فرد الأمن الداخلى بالمستشفى ومعها ابنتها الشابة: «أنا قاعدة على الباب كده بقالى ساعة، وما دخلتش جوه من ساعة ما قالوا لى الدكاترة عاملين إضراب، إلهى ينشكّوا فى قلبهم، مستشفى الساحل تعبنا قوى معاه». يصمت الجميع لتواصل السيدة: «أنا مريضة بالسكر منذ 9 سنوات وأتناول الأنسولين منذ 4 سنوات من الصيدليات الخارجية، لكن بعض أقربائى نصحونى بعمل قرار علاج على نفقة الدولة من المستشفى، وعندما جئت إلى هنا قالوا اذهبى إلى هيئة التأمينات بشارع الألفى لإثبات عدم التأمين عليك لأنك حاصلة على دبلوم تجارة، يعنى أنا لو كنت موظفة كنت اتعالجت هنا، وهل التأمينات تشمل الحاصلين على دبلومات، غريبة قوى الحكاية دى». تواصل السيدة حديثها وتقول: «مرض السكر يصيب صاحبه بمضاعفات كثيرة ومنها ضعف النظر، حضرت اليوم إلى المستشفى لعمل كشف نظارة جديدة، قلت فى المستشفى هتبقى أرخص، جوزى هو كمان جه معانا عشان كان عاوز يقلع ضرسه لكن معرفش عشان الإضراب، الدكاترة من حقهم يطالبوا بزيادة مرتباتهم بس مش على حساب الناس الغلابة، يعنى لو الواحد مش معاه فلوس يموت؟! وأنا قاعدة هنا كل المدة اللى فاتت شفت الأمن رجّع ناس كتيرة قوى عشان الإضراب، الناس دى هتروح فين؟». ومن مستشفى الساحل إلى مستشفى إمبابة العام، وقف شريف طه، 50 سنة، مستنداً على عكازين يتمتم بكلمات غير مفهومة، بعد أن عجز عن إخفاء دموعه، حيث تصادف وجوده بالمستشفى يوم الإضراب. يقول شريف: «أعمل سائقاً بعقد فى إحدى الشركات، وتعرضت لحادث منذ ثلاثة شهور ونقلونى إلى مستشفى إمبابة العام لتلقى العلاج، وتم حجزى فى المستشفى، وما زلت أتلقى العلاج، وذهبت إلى العمل خوفاً من فصلى، فطلبوا منى التقرير الطبى الذى يثبت دخولى المستشفى لاحتساب فترة غيابى، وبمجرد دخولى المستشفى منعنى الأمن قائلاً مفيش حد موجود والمدير مش هنا، وفيه إضراب، فأفضل لك تروح بيتك وتيجى لما ينهوا الإضراب، ولما سألت: آجى بكرة آخد التقرير؟ قال لى: الله أعلم انا ما عرفش هيشتغلوا بكرة وإلا هيستمروا فى الإضراب». ويضيف شريف طه بعد أن ظل يبحث عن شىء يستند عليه أمام بوابة المستشفى قائلاً: «أنا مش محتاج معجزة، كل اللى محتاجه تقرير طبى يثبت تعرضى للحادثة ودخولى المستشفى عشان ما يطردونيش من الشغل لأنى شغالى باليومية وهددونى فى الشغل لو ما جبتش التقرير هيفصلونى ومش عارف أعمل إيه».