يحكى أن جماعة تعاني من قلة الأمطار، ذهبت إلى قديس في منطقة بعيدة ليطلبوا منه أن يدعو لهم الرب حتى تنزل الأمطار، فتعجب جدا لأمرهم وقال: "لا أجد فيكم من يحمل مظلة وهذا أكبر دليل على أنكم تأتون إليّ بلا أي أمل، أنتم تعانون من نقص اليقين". أريد أن أتحدث من نفس المنطق، ولكن بطريقة معكوسة، يعرض علينا الرئيس دستور عليه خلاف شديد، يكاد أن يقسم المجتمع إلى نصفين، ويضعنا على أول خطوات الحرب الأهلية، يعرضه علينا ويطرحه للاستفتاء وسط تهليل وتكبير من جماعته، متحديا كل الطرق الدستورية ضاربا بشرعيته نفسها عرض الحائط، ويطالب جموع الشعب في خطابه بأن يطّلعوا على المواد جيدا قبل إصدار حكمهم، متناسيا تماما أن جماعته بالكامل سوف تصوت على الدستور ب"نعم" دون أن "تبص على الدستور بصّة طالب فاشل ليلة الامتحان"، وأن الأتوبيسات هي البطل في قصة حياة جماعته ويعلم جيدا أن من قرأ الدستور من أهله وعشيرته هم فقط من يتعرضون للنقاش والجدال على شاشات التليفزيون. لكني لا أرى في تصرفات الرئيس أو جماعته أو لجنته التأسيسية، أي تلميح ولو بسيط لسيناريو "لا"، فلم يتطرق في خطابه هو أو أحد مستشاريه إلى ما سوف يحدث إذا انتهى التصويت معلنا أن الشعب قد رفض ذلك الدستور، فلا نعلم هل سوف يعود الدستور إلى نفس اللجنة؟، أم سيتم تشكيل لجنة جديدة؟، ولو تم تشكيلها، على أي أسس ومعاير سوف يتم هذا؟، و ما هي المدة المتاحة لصنع دستور جديد يرضي الشعب؟. لا أريد أن أذهب إلى التلميح بأن هذا الاستفتاء سوف يتم تزويره، فهي إهانة للثورة وأبطالها لا أقبلها، وضربة موجعة لنزاهة قضاء يحوي بين صفوفه شرفاء. لكن يبقى السؤال من أين يأتي هذا اليقين؟. يمكن تطبيق كل ما سبق على ما يحدث الآن في الطريق إلى 14 و15 يناير، السيناريو يتكرر، ولولا انشغال الإخوان بحربهم لاستعادة الشرعية لصنعوا نفس الصورة التي تظهر بها مجلة ميكي، يسلمها عمرو موسى إلى عدلي منصور. لتواصل مع الكاتب عبر تويتر @mo7iahmed