فى دروب الصحراء الشاسعة تتسارع خطواتهم تحتضن الأم طفلها الصغير الذى دفعها خوفها عليه إلى الخروج من بيت لحم، تحمل طفلها الذى لم يتجاوز عمره عامين هرباً من جنود هيرودوس، تشق العائلة المقدسة طريقها إلى مصر، فى رحلة لم تعرف مستقراً لها طيلة 3 سنوات و10 أشهر شهدت الكثير من المحطات، ففى مدينة «أون» آنذاك -المطرية حالياً- استراحت العائلة المقدسة تحت شجرة ضخمة، استظلت وأكلت من ثمارها، تمر السنون وتبقى الشجرة شاهداً على رحلة المسيح والعذراء، بوركت الشجرة منذ ذلك الوقت فظلت «شجرة مريم» مزاراً وملاذاً. وطبقاً للرواية المسيحية لم تتوقف محطة العائلة المقدسة عند الشجرة فحسب، فبجوارها بئر مقدسة راح يوسف النجار -رفيق السيدة العذراء والمسيح فى الرحلة- يحضر الماء لترتوى الأم ووليدها، فغسلت «السيدة مريم» ملابس ابنها، وسكبت مياه البئر التى غسلت بها الملابس حول الشجرة فأنبتت الأرض «البيلسان»، النبات العطرى ذا الرائحة الجميلة، الذى يُستخدم فى عمل زيت (الميرون المقدس). «فى المطرية حموه، طلع شجر بلسم، منه الميرون صنعوه، السلام لك يا مريم» هكذا تروى ترنيمة شهيرة قصة البئر المقدسة، لا تنتهى الحكاية، تكثر الروايات عن مياه البئر المقدسة، فيتناقل الأهالى حكايات عن معجزات البئر فى شفاء بعض الأمراض، فيما لا يخلو التاريخ من حكايات مماثلة، أبرزها ما حدث مع جنود الحملة الفرنسية الذين نقشوا قصصهم بسيوفهم على الشجرة المباركة بعد أن اغتسلوا من مياهها. يحكى إسحاق جورج مفتش آثار بمتحف ومزار البئر المقدسة وشجرة مريم أن الناس يأتون إلى المكان للتبرّك به، نظراً إلى أنه مكان باركه السيد المسيح، وكانوا يحاولون أخذ مياه من البئر، ولكنها عميقة جداً، فضلاً عن أن مياهها غير صالحة، لأنها راكدة منذ مئات السنين. يؤكد «جورج» أن المكان تعرّض للإهمال حتى تدخلت مجموعة من كبار رجال الأعمال المسيحيين، وأعادوا ترميم المنطقة المحيطة بالبئر على نفقتهم، حيث كانت البئر مقصداً لسفراء العالم، خصوصاً جنوب أفريقيا، بالإضافة إلى كونها مزاراً سياحياً له مكانة خاصة لدى القادمين من روسيا وتشيكوسلوفاكيا، حيث يحضرون إلى المكان للتبرك وتلاوة صلوات وتراتيل روحية. يقف جمال طاهر أحد العاملين متذكراً عمله بالمكان على مدار 13 عاماً، فيقول: «أنا مسلم، لكنى دائماً أشعر أن هذا المكان جزء منى، وكثيراً ما أقف أمام المحكى، حيث الصور التى تحكى قصة العائلة المقدسة، رسمها فنان كورى منذ 12 عاماً، وأهداها للمزار، تظهر فيها البئر المقدسة بمياهها الصافية والسيدة العذراء تجلس تحت الشجرة تحمل السيد المسيح وإلى جوارها القديس يوسف النجار». أما أحمد الهوارى، الذى تعلو وجهه الفرحة بمجرد رؤية زائر يقترب، فيسارع باصطحابه فى جولة بالمكان، يشرح للزائرين القصص والتاريخ الذى سطر كلماته فى الشجرة والبئر المقدسة. الأخبار متعلقة: القوى المدنية «تتحدى الإرهاب» وتحتفل مع الأقباط بعيد الميلاد كتاب ترانيم فى يد الشماس.. السلام لكِ يا مريم «الإخوان» تستهدف كاتدرائية دمياط ب«الدم والرصاص» الكنائس تحتفل فى حماية الجيش والشرطة.. والشعب أمنيات المسيحيين على عتبات «الباتعة»: الحب.. والأمان لما رأى «وجيه» التأمين نشر الصور على «فيس بوك»: إحنا آسفين يا شرطة القليوبية: اللجان الشعبية تتحدى البرد والإرهاب