ترتبط ليالي الشتاء قارصة البرودة في ذهني، دائمًا، بهذا الاختراع الفرعوني العتيد "اللحاف"، والمقصود به هنا، ليس بالطبع الأنواع الجديدة المرفهة منه، "لحاف الفايبر" وما شابه، من آخر ما توصلت إليه التكنولوجيا الحديثة في فن التدفئة.. وإنما المقصود هنا، هو اللحاف الذي نمنا أسفله، جميعًا، في ثمانينيات القرن الماضي.. نعم أنت لم تقرأ الكلمة خطأً.. فهذا اللحاف كان ثقيل الوزن بشكل لا يوصف، وكأنما تم حشوه بالأسمنت. وهو ما دفعنا كأطفال، لاكتساب مهارة جديدة، هي مهارة اختيار الوضع الأنسب للنوم مساءً، قبل أن يقوم والديك بتغطيتك بهذا اللحاف، حينها يصبح من تاسع المستحيلات أن تستطيع تغيير وضعك، بعد أن أسدل عليك هذا الجدار الأسمنتي، بحيث تصبح نائمًا حرفيًا وقد "نامت عليك حيطة"، تطبيقًا للمقولة المأثورة. كنا نحاول قدر الإمكان، أيضًا، أن لا نستيقظ مبكرًا قبل والدينا، لأنك ستجد نفسك واعيًا بكل ماحولك، ولكنك غير قادر على الحركة، ترزح تحت تأثير الجدار الأسمنتي، فتجد نفسك مضطرًا للتحديق طويلًا في سقف الحجرة، والاستمتاع به قدر الإمكان، حتى يمن الله عليك باستيقاظ أحد والديك، ليرفع عنك هذا الحمل ويطلق سراحك. لله درك، أيها اللحاف الفايبر.. قضيت بخفتك ورشاقتك المتناهية، على هذا الاختراع المخيف ورحمت أطفالنا من أن ترزح، تحت نير هذا الجدار الأسمنتي.