أغلق سكان منطقة نجع العرب فى الإسكندرية أبواب منازلهم عليهم، جلسوا مستكينين خوفا من رصاصة طائشة تصيبهم، بعد المعركة التى شهدتها المنطقة أمس الأول أمام أحد المخابز بسبب رغيف العيش، وراح ضحيتها شاب لم يتجاوز 22 سنة، وطفلة 9 سنوات، المنطقة حول المخبز صارت منطقة منكوبة، لا أحد يقترب منها والأهالى لا يفكرون فى شراء الخبز ولسان حالهم يقول: «رغيف العيش اللى بالدم مش عايزينه». عندما تطأ قدماك نجع العرب تشعر بأنه لا أحد يسكنها، هدوء وحذر، أمام أحد المنازل يجلس الحاج حسن ربيع كبير عائلة «ألفونس» حزينا صامتا مكلوما بعد أن فقد ابن أخيه عيد برصاصة طائشة فى الصدر إثر تدخله لفض مشاجرة بسبب أولوية شراء الخبز أردته قتيلا، يجلس كالأسد الجريح، رافضا تلقى العزاء فى ابن أخيه ويقول: «عزاء إيه إحنا صعايدة»، اكتفى بتشييع جثمان القتيل ودفنه فى منطقة المكس، وجلس أمام أحد منازل العائلة مع أفرادها يستقبل الضيوف والأقارب بشىء من الهدوء. شوارع نجع العرب لم تعد آمنة، هناك حالة ترقب بين عائلة القتيل «ألفونس» وعائلة القاتل «أولاد سلامة»، لا يستطيع أحد من أبناء العائلتين السير أمام منزل العائلة الأخرى بعد أن أصبح بينهما دم بسبب رغيف العيش، وأمام منازل العائلتين تقف مدرعة تابعة للأمن المركزى حائلا بينهما لتأمين المنطقة. يروى كبير عائلة ألفونس الحكاية الدامية حكاية «الخبز والدماء» يقول: «نشبت مشاجرة بين عائلتين بمنطقة نجع العرب بسبب الخبز، تدخل على أثرها كبار العائلات فى المنطقة وأصلحوا بينهما داخل أحد المساجد، لكن تجددت الاشتباكات بين أطراف العائلتين، وابن شقيقى قتل غدرا، وهو لم يكن يحمل سلاحا حينما ذهب لفض مشاجرة، لم يكن هو ولا العائلة طرفا فيها، لكنه أصيب برش خرطوش فى الصدر أطلقه أحد أفراد عائله أبناء سلامة بطريقة عشوائية، وقتل فى الحال هو والطفلة فايزة إسماعيل 9 سنوات التى كانت تسير بالصدفة فى مكان الحادث». الكبيرالذى تعود أصول عائلته لجذور صعيدية رفض تقبل العزاء، ولم يعلق إلا بالقول: «اللى رايدة ربنا حيكون»، رفض فكرة قبول الاعتذار من عائلة القاتل قائلاً «اعتذار إيه». وأضاف: «لدينا معلومات أن رجال عائلة الجانى ليسوا فى منازلهم لكنهم محتجزون فى مديرية الأمن والمنزل ليس فيه إلا النساء، وإحنا ناس مش همج عشان نهجم على الحريم». ويقول أحد أفراد عائله الضحية: «ولكم فى القصاص حياة يا أولى الألباب»، فى إشارة منهم إلى أن العائلة لن تترك دم فقيدها يضيع هدرا مما ينذر بالخطر، ويجعل منطقة نجع العرب على صفيح ساخن، الكل يسير بحساب، وما يزيد الأزمة انتشار الأسلحة بشكل كبير فى منطقة نجع العرب، وأوضح أحد أفراد عائلة المجنى عليه إن عائلة «سلامة» عائلة القاتل استعانت بكميات كبيرة من السلاح خلال المشاجرة حتى وصل بهم الحال إلى إطلاق الأعيرة النارية بطريقة عشوائية لترهيب الطرف الآخر فى المشاجرة. ويضيف أحمد على، أحد سكان المنطقة: «السلاح هنا عامل زى لعب الأطفال، الكل شايل سلاح، وكأننا داخلين حرب والناس بتتسابق فى تسليح نفسها، والسلاح فى نجع العرب أكثر من السلاح فى مديرية أمن الإسكندرية». ويشكو أهالى منطقة نجع العرب من أزمة الخبز بشكل متكرر، وعادة ما تنشب المشاجرات فى هذه المنطقة بسبب هذه الأزمة، يقول أحمد صابر أحد سكان المنطقة: «المخبز بيفتح الساعة 8 الصبح، وبعد نصف ساعة يغلق أبوابه، وتنشب المشاجرات بسبب الأولوية فى الوقوف فى الصف الكل يريد أن يحصل على أرغفة العيش قبل أن يغلق المخبز». وأرجع صابر ذلك إلى جشع أصحاب المخابز وبيعهم الدقيق المدعم فى السوق السوداء. ويقول محمد السيد، أحد سكان المنطقة: «أزمة الخبز أمر واقع، يعانى منها أهالى المنطقة باستمرار ولا أحد يتدخل من المسئولين لوقف نزيف الدماء بسبب رغيف خبز». فيما حمل إسلام مصطفى المنسق الإعلامى لمشروع توزيع الخبز على المنازل فى حملة ال100 يوم الدكتور أسامة الفولى محافظ الإسكندرية مسئولية دماء ضحية نجع العرب، بسبب ما وصفه بتعمده عرقلة مشروع توزيع الخبز على المنازل، مما ساهم بشكل أساسى فى زيادة المعاناة على كاهل المواطن السكندرى، وقال مصطفى إنه يحمل محافظ الإسكندرية والأجهزة الأمنية والتنفيذية مسئولية قتلى طوابير الخبز بعد أن تكررت هذه الحوادث المأساوية بشكل كبير فى الآونة الأخيرة، وأضاف مصطفى إن التطهير الذى بدأ لا بد أن يطال أروقة المحافظة، وأجهزتها الأمنية والتنفيذية، والإسكندرية ستحاسب المحافظ وكل المقصرين الذين تسببوا فى إذلال المواطن، وإهدار كرامته بعد أن تكررت حوادث القتل فى سبيل الحصول على رغيف الخبز المدعم. يذكر أن منطقة «المأوى» القريبة من نجع العرب فى نطاق دائرة قسم مينا البصل شهدت حادثا مشابها منذ أيام، إذ لقى شخصان مصرعهما فى مشاجرة نشبت بسبب الاختلاف على كمية الخبز.