ستنتهى لجان الجمعية التأسيسية المختلفة من تقديم اقتراحاتها إلى لجنة الصياغة كمقدمة لعرضها على الجمعية التأسيسية فى كامل هيئتها ثم عودتها مرة أخرى إلى لجنة الصياغة النهائية قبل عرض الدستور على الشعب، مصدر السلطات، فى استفتاء شعبى. وتتسرب من آن لآخر معلومات أو شائعات حول مسار الدستور ووجهته، ولا يبدو للبعض أن السيدات والسادة أعضاء الجمعية التأسيسية للدستور لم يقرروا بصفة نهائية أى صيغة أو مادة فى الدستور المقترح وإنما هذه المرحلة هى مرحلة تجميع الاقتراحات والاستماع لوجهات النظر. والدستور كما هو معظم القوانين فيه مواد حاكمة لا تزيد على 20 بالمائة منه ثم مواد تابعة وتفصيلية وضابطة لهذه المواد الحاكمة. والجدل فى معظمه يكون حول هذه المواد الحاكمة وليست التوابع. وقد رأيت أنه من المفيد أن يوضح الإنسان موقفه الشخصى من عدد من القضايا موضع النقاش حاليا على سبيل طرح هذه الأفكار للنقاش العام والاستفادة من أى أفكار جديدة فى هذا الصدد. وعليه أسجل اعتراضى، مع احترامى للمخالفين فى الرأى، على إلغاء المجلس الثانى (مجلس الشورى والذى غالبا سيُسمى مجلس الشيوخ)، لأنه ضامن لأن لا «تُسلق» القوانين شريطة أن تكون عضويته على أساس نوعى ومتخصص والحد الأدنى فى عضويته للحاصلين على شهادة جامعية، وأن تعرض عليه كافة القوانين على أن يبت فيها خلال شهر على الأكثر حتى لا يعطل القوانين. ولمجلس الشعب أن يتخطى مجلس الشورى بأغلبية خاصة، ولكن بعد مناقشة مقترحات مجلس الشورى. ولمن لا يعرف أغلب تشريعاتنا التى كانت «تسلق» فى الحقبة السابقة كانت تلك التى لم تعرض على مجلس الشورى. أسجل اعتراضى، مع احترامى للمخالفين فى الرأى، على استمرار نسبة الخمسين بالمائة عمال وفلاحين. واقترحت بديلا عنه وجود مجلس اقتصادى واجتماعى تكون فيه الأغلبية للعمال والفلاحين لمناقشة قضاياهم وتقديم التوصية إلى مجلس الشعب. أسجل اعتراضى، مع احترامى للمخالفين فى الرأى، على أى تعديل للمادة الثانية من الدستور، ولو من تأكيد على حق غير المسلمين من أتباع الديانات السماوية على الاحتكام لشرائعهم فلا بد من إضافة عبارة «فيما بينهم» وتكون فى مادة أخرى منفصلة، مع الالتزام التام بكل المواد التى تؤكد على المواطنة وأن كل المواطنين أمام القانون سواء. أسجل اعتراضى، مع احترامى للمخالفين فى الرأى، على أى دور يلعبه رئيس الجمهورية (أو وزير العدل) فى اختيار القضاة فى أى منصب (سواء فى المحكمة الدستورية أو النائب العام). ويكون دوره فقط التصديق على قرارات مجلس القضاء الأعلى فى هذا الصدد. أسجل اعتراضى، مع احترامى للمخالفين فى الرأى، على أن يكون رئيس الجمهورية مطلق اليد فى تشكيل الحكومة دون حق مجلس الشعب طرح الثقة بها (مثلما هو الحال فى النظام الرئاسى) أو أن يكون من حق مجلس الشعب طرح الثقة بالحكومة دون أن يكون من حق الرئيس حل البرلمان حتى لو بعد استفتاء. إذن لا بد من التوازن بين السلطات. أسجل اعتراضى، مع احترامى للمخالفين فى الرأى، على فكرة انتخاب المحافظين. هذا أمر سيؤدى إلى فتن وتهديدات حقيقية لأمن واستقرار مصر (ولنفكر فى المحافظات التى بها عصبيات شديدة، ومحافظات الحدود وما هى قدرة المحافظ المنتخب أن يعلن رغبته فى الحكم الذاتى مثلا؟) واقترحت البديل بأن يكون من حق المجلس المحلى المنتخب طرح الثقة بالمحافظ المعين من الرئيس لإضافة بُعد الرقابة الشعبية، ويكون على الرئيس تعيين محافظ جديد. الجمعية فيها من النبهاء والشرفاء ما يجعلنى مطمئنا أن ما فى مصلحة الوطن سيتغلب فى النهاية. والله الموفق.