كشف غانم البوعينين، وزير الدولة للشئون الخارجية بمملكة البحرين، عن أن الاجتماع الوزارى الطارئ لمجلس جامعة الدول العربية، الذى جاء بناءً على طلب فلسطين، لم يناقش الأمر الذى دُعى لأجله، وهو الاتفاق الإطارى الذى وعد وزير الخارجية الأمريكى جون كيرى بطرحه على القيادة الفلسطينية، حيث اعتبر أن المساعدة العسكرية المصرية لدول الخليج كفيلة بتعويض تراجع الدور الأمريكى. وحذر الوزير البحرينى، فى حواره ل«الوطن»، من خطورة دعم بعض الدول العربية، مثل قطر، لحركة «حماس» كحكومة بديلة أو حكومة أمر واقع، مؤكداً أن هذا النهج يصب فى مصلحة إسرائيل وتكريس الانقسام الفلسطينى. واعتبر أن مواقف «حماس» السلبية من ثورة 30 يونيو فى مصر تزيد عزلة «حماس»، وأشبه ما يكون ب«الانتحار». * زرت القاهرة أكثر من مرة منذ «30 يونيو»، كيف تراها اليوم؟ — زرت مصر 4 مرات منذ ثورة 30 يونيو حتى اليوم، لكن هذه المرة أحمل انطباعاً مختلفاً، وأول شىء لفت انتباهى هو استعادة الأمن وأن الفوضى قلت بشكل كبير جداً، وللمرة الأولى منذ ثورة 25 يناير نرى وجوداً قوياً جداً لرجال المرور والأمن فى الشوارع، فمصر بدأت تخطو خطواتها على الطريق الصحيح. وبالنسبة للزيارة الأخيرة، هناك تطور ملحوظ فى الوضع السياسى نحو الاستقرار، وإصرار من جانب القيادة المصرية على تنفيذ خريطة الطريق، بل إن هناك توافقاً ورؤية للمستقبل لم تكن موجودة قبل 30 يونيو، حيث كان الوضع السياسى بمثابة «تَوَهان»؛ لا توجد خطة عمل سواء من الإخوان أو بقية الأحزاب أو السياسيين القدامى، والمشروع الوحيد الذى رأيناه لمستقبل مصر السياسى هو مشروع الفريق عبدالفتاح السيسى، المتمثل فى خريطة الطريق، التى نقلت مصر من حافة انهيار الدولة والحرب الأهلية، وكانت الورقة العقلانية الوحيدة التى وضعت مصر على الطريق الصحيح. * هل ترى أن مصر تسير بشكل سليم فى تطبيق هذه الخريطة؟ — بالفعل، وهناك اهتمام بالأولويات مثل الأمن الذى يعد أكثر أهمية من الطعام، لأن العمليات الإرهابية فى سيناء كانت شيئاً مرعباً جداً، وكانت يمكن أن تؤدى كما أدت فى العديد من البلدان إلى مزيد من الفوضى، لكن مصر بقياداتها استطاعت أن تجتاز مرحلة مهمة جداً فى تاريخها المعاصر. ويجب بعد تحقيق الأمن الالتفات إلى الاقتصاد، وهو يحتاج إلى الاستقرار السياسى والأمنى، وغير معقول أن الاستثمارات ستدخل مصر قبل أن تستقر الأمور، ومصر الآن تضع حجر الأساس لهذا الاستقرار. * هل ترى فى الدستور المقبل حجر أساس سليم للبناء؟ — إقرار الدستور يتوقف على إرادة الشعب المصرى لا شك، لكن من خلال متابعتى أرى أن هناك رضاء عاماً عنه، وسيتوج هذا بإقرار الدستور؛ لأنه لا بديل عن إقرار الدستور وبناء المؤسسات إلا الفوضى، وطول المرحلة الانتقالية والتذبذب والتردد فيها ستساعد على زيادة الفوضى، لكن إقرار الدستور هو اللبنة الأولى للبناء، والدستور ليس فقط مهماً كرسالة للعالم بل للداخل أيضاً، فعندما يطمئن المواطن المصرى على حياته وحقوقه وأمنه سيركز على الإنتاج والعمل. * كيف ترى الأعمال الإرهابية التى انتشرت فى مصر بعد سقوط حكم الإخوان؟ — العنف شىء طارئ وغريب على الشعب المصرى المعروف بتسامحه وطيبته، لكن مصر ليست فى معزل عن محيطها، والإرهاب موجود فى كل مكان وينتقل عبر الحدود، وربما الإرهاب هو سمة المرحلة، وربما تكون هذه الأحداث ضمن مخاض لخروج المشروع العربى الجديد، ولا أقول «الربيع العربى» بل المشروع العربى الجديد. واستهداف مصر غير مستغرب، لأنها قلب العالم العربى وعمقها الاستراتيجى، وتاريخ مصر وشعبها وموقعها وقوتها، وهذا قدر مصر، واستهدافها ليس بغريب. الجماعات الإرهابية الناشطة حالياً عائدة من مناطق النزاعات فى المنطقة وخارجها، لكن مصر استطاعت أن تتصدى لكل هؤلاء، وهذا يحسب لرجال القوات المسلحة والشرطة، ومصر كلها ضحت فى مواجهة الإرهاب، والمجتمع الدولى كله مسئول عن انتشار الإرهاب بالمنطقة نتيجة سلبيته. * لكن الإرهاب فى مصر تصاعد بعد سقوط الإخوان؟ — حسبما تابعنا وجدنا أن أحد قيادات هذا الفصيل قال خلال اعتصام «رابعة»: «إذا أردتم أن تهدأ سيناء يجب أن يعود محمد مرسى». ولا أحد يستطيع أن ينكر أن هناك علاقة ما، سواء علاقة قوية أو ضعيفة، مباشرة أو غير مباشرة، بين هذا الفصيل والإرهاب فى سيناء. ولا أذيع سراً إذا قلت إن القيادات فى مصر وتحديداً القوات المسلحة كانت متنبهة لهذه العلاقة قبل حدوث كل ذلك، وهى كانت تتابع وتترقب وترى أن استمرار النظام السابق لن يأتى إلا بالإرهاب والفوضى وهو ما حدث وتأكدنا منه بعد 30 يونيو. * أشرت إلى ما سميته ب«المشروع العربى»، ما هو؟ وكيف ترى الربيع العربى الآن؟ — فى كل عمل بشرى إذا لم يكن له فوائد مرجوة ورؤية وفكر فلا قيمة له، بمعنى: لنسأل ماذا كان يريد من صنعوا الربيع العربى؟ أولاً: قضية بناء الدولة كانت مطلباً أساسياً لبناء المشروع العربى، وكان يجب أن يفضى ما يسمى بالربيع العربى إلى بناء الدولة وليس هدمها، كما يحدث فى ليبيا وسوريا، وكان يجب أن يزيد التقارب العربى وليس الخلاف، كما حدث بين مصر وبعض دول الخليج فى عهد محمد مرسى. ولا يجوز للدول العربية بعد كل ما قامت به من ثورات وما تمتلكه من ثروات مادية وبشرية أن تظل خلف الأمم، وفى الماضى كنا نبحث عن رضا الشرق والغرب والقوى العظمى، والآن صرنا نبحث عن رضا القوى الصغرى الإقليمية. ومصر مرشحة أن تكون قوة إقليمية بدعم عربى مساند لها، والدول التى بادرت لدعم خريطة الطريق ليست أقل من أن تنسق مواقفها وأدوارها والبناء على ما تحقق. * التجارب تثبت أن التضامن العربى «لحظى» وغير مستمر، كيف نحوله إلى تعاون مؤسسى بين الدول العربية؟ وهل يمكن التعويل فى ذلك على الجامعة العربية؟ - حال جامعة الدول العربية هو انعكاس طبيعى لحال الأمة العربية، ولا يمكنها أن تضرب العصا وتخرج باتحاد عربى، وبالإمكان الاستفادة من جامعة الدول العربية كمؤسسة قائمة لها إرث إدارى وفنى وتكنوقراطى وكفاءات، لكن المهم وجود إرادة الدول وقبولها بالتنازل عن جزء من سيادتها لصالح كيان فوق قومى له سلطة على الدول. * هل تحفظت قطر على بيان قمة مجلس التعاون الخليجى الأخيرة الذى أعلن دعم ثورة 30 يونيو؟ — قطر لم تتحفظ على البند الخاص بدعم خيارات الشعب المصرى فى بيان القمة الخليجية، وعندما نتحدث عن مشروع عربى فهى أحد مكونات هذا المشروع، ونتمنى وجود مزيد من التقارب بين مصر وقطر، وأن يكون هناك مبادرات من جانب بعض الدول لتقريب وجهات النظر، والخلاف بين البلدين مرتبط بمسألة معينة ولفترة معينة وليس خلافاً عميقاً. وعلى أى حال، مخطئ من يستغنى عن مصر، ومخطئ من يعتبر أن الأمن العربى يمكن أن يتجزأ، وليس هناك دولة عربية قدمت للقضايا العربية والقضية الفلسطينية ما قدمته مصر، فهى التى خسرت من اقتصادها وخطط التنمية وقدمت من دماء رجالها الكثير، والدم المصرى هو أكثر دم أُسيل فى سبيل فلسطين، ثم تأتى بعض الدول مما تسمى نفسها «إسلامية» وتزايد على مصر، وهى لا تخرج من أموالها «مليماً» لخدمة أى قضية إسلامية، فعندما طُلب دعم القدس فى أحد قمم التعاون الإسلامى لم تبادر إيران بدفع مليم رغم أنها تدعى رغبتها فى قيادة الأمة الإسلامية، والأزمة السورية فضحت دورها وكشفت حقيقة «حزب الله». الخلاصة أن من يعتبر أنه يمكنه الاستغناء عن مصر فهو مخطئ، وخيار العرب هو مصر وخيار مصر هو العرب. * على ذكر إيران، هل ستعود حركة «حماس» إلى حليفها القديم «إيران»، خاصة بعد سقوط الإخوان فى مصر؟ — إيران لا تقدم شيئاً دون ثمن، ولديها مشروع كبير، ومشروعها القومى أعلى من مشروعها الدينى، وهو مشروع فارسى وليس إسلامياً، وبالنسبة ل«حماس» يجب أن تنظر بصورة أشمل إلى الوضع وليس فقط للمساعدات، يجب أن يعرفوا ما الثمن الذى سيدفع نتيجة وجود إيرانى فى غزة، وتأثير ذلك على غزة و«حماس» ومصر. وينبغى على «حماس» أن يكون خيارها عربياً، وأن تسعى للمصالحة، لأنه لا يمكن للدولة الفلسطينية أن تكون غزة وجزءاً من سيناء كما كانوا يريدون، وكما تخطط إسرائيل. * وهل السياق الحالى مناسب لهذا الطرح الإسرائيلى الذى يتضمن نقل غزة إلى سيناء؟ — لا، لأننا لو نظرنا للصورة الشاملة ورأينا أن هناك قيادة قوية فى مصر، فإن هذا يعنى فشل المشروع. * لماذا لم يحظر مجلس التعاون الخليجى تنظيم الإخوان رغم أنه سبق أن حظر تنظيمات أخرى عنيفة؟ — بالنسبة لحظر «حزب الله» فى لبنان، نحن فى البحرين عانينا منه أكثر من غيرنا، فضلاً عن محاولة «حزب الله» اغتيال أمير الكويت السابق؛ فالحزب لدينا عليه دلائل مادية دامغة على تورطه فى منطقة الخليج عموماً وفى البحرين وشرق السعودية خصوصاً، لكن تنظيم الإخوان لدينا فى البحرين مشارك فى العملية السياسية وله نوابه فى مجلس النواب البحرينى ومندمج مع السياسة العامة للدولة وفاعل فى عملية البناء السياسى مع بقية القوى السياسية، وكذلك جمعية الإصلاح الإخوانية فى الكويت، وهذا ما كنا نتمناه لإخوان مصر؛ أن يندمجوا فى العملية السياسية بعيداً عن مشروعهم السياسى للاستبداد بالسلطة. * الفريق «السيسى» أعلن استعداد مصر لدعم البحرين فى الحفاظ على أمنها واستقرارها، ماذا مثلت لكم هذه الرسالة؟ وما إمكانيات التعاون الأمنى؟ — صحيح الفريق «السيسى» أكد ذلك فى لقائه بوزير داخلية البحرين، وهناك بالفعل اتفاقيات دفاع مشترك واتفاقيات أمنية غير مفعلة بين الدول العربية كلها، وإذا كنا فعلنا هذه الاتفاقيات لما احتجنا إلى تدخل الولاياتالمتحدة فى قضية غزو الكويت فى التسعينات، لكن لنقارنها بغزو العراق للكويت فى الستينات عندما تدخل الزعيم «عبدالناصر» ودعم الكويت، ولذلك فإن الاتفاقيات الأمنية والمساعدة المصرية على المستوى العسكرى والأمنى مطلوبة، ليس للبحرين فقط ولكن لكل الدول العربية التى تحتاج إليها، وهذا هو الأصل، أى العون العربى - العربى، وليس الأجنبى. و«السيسى» يشبه «عبدالناصر» فى توجهه العروبى، ولذلك نحن نحب أن يعتمد العرب على أنفسهم، ونتمنى أن يكون هذا بداية لتكامل عربى وتنسيق أمنى وعسكرى عربى، وأن يكون هناك قواعد عسكرية لدول عربية ولمصر فى دول عربية أخرى، وخاصة فى الخليج، وزيارات عسكرية مستمرة، وتدريبات ومناورات عسكرية مشتركة. وأنا أفرح جداً عندما أجد مناورات عسكرية مشتركة بين مصر والسعودية، وخاصة المناورات البحرية فى البحر الأحمر، أفرح جداً لو كانت القوات البحرية المصرية تؤدى تمارينها فى الخليج العربى، وهذه رغبتى ومبتغاى كعربى قبل أن أكون دبلوماسياً ومسئولاً. وأعتقد أن عدم وضوح موقف مصر من القضايا العربية فى عهد «مرسى» كان سبباً فى سوء علاقته بالخليج، وعدم وضوح علاقته مع إيران، لكن الفريق «السيسى» أوضح فيما يتعلق بالعلاقات العربية - العربية. * كيف يتأثر الخليج بالاتفاق المبدئى بين إيران والغرب والتقارب بين أمريكاوإيران، وتزامن ذلك مع انحسار الدور الأمريكى فى المنطقة نسبياً، ورفع يده عن بعض القضايا؟ — مصداقية الدور الأمريكى سقطت بعد تأكيده ضرب نظام الأسد ثم تراجعه عن القرار، والسياسة الأمريكية وليدة الإرادة الأمريكية، ومن الواضح أن الإدارة الأمريكية تعبت من التدخلات العابرة للقارات بعد أن مدت ذراعها العسكرية فى كل مكان، والرئيس الأمريكى فى فترة رئاسته الأخيرة يركز فى مشكلاته الداخلية. فى المقابل، نحن بالخليج لدينا قيادة عسكرية مشتركة وقوات مشتركة بحرية وجوية ومركز طوارئ، وكل مقومات الاتحاد الكونفيدرالى موجودة بالخليج، وأتصور أن الخليج بإمكانياته الحالية وبمساعدة مصر لن يكون نكوص الدور الأمريكى عقبة أمامنا ولن يشكل لنا إشكالية. * كيف ترى نتائج اجتماع وزراء الخارجية العرب الأخير، وجهود استئناف المفاوضات فى إطار خطة وزير الخارجية الأمريكى جون كيرى؟ — فى اجتماع عمان، 17 يوليو الماضى، جون كيرى ملأنا أملاً بأن السلام بات قاب قوسين أو أدنى، وأكد أنه حينما تستأنف مباحثات السلام ستكون كل القضايا مطروحة، لكننا فوجئنا خلال سير المفاوضات بأن رئيس فريق المفاوضين صائب عريقات قدم استقالته أكثر من مرة، لعدم وضوح الموقف الأمريكى. «كيرى» أيضاً خلال زيارته الأخيرة تكلم عن وجود عسكرى إسرائيلى فى الغور، وهذا مشروع خطير على الأراضى الفلسطينية، لأن هذا استقلال منتقص. * ماذا عن الاجتماع الوزارى العربى الأخير الذى حضره الرئيس عباس أمس الأول، السبت 21 ديسمبر الجارى؟ — الرئيس محمود عباس قال إن الجانب الأمريكى كان سيعرض عليه اتفاقاً إطارياً يبين وجهة نظر الأمريكان فى المشروع ككل، وكان من المفترض أن يكون اجتماع وزراء الخارجية العرب بعد ورود هذا المقترح الأمريكى لكى نناقشه، ولكن الأمريكان تأخروا فى إرسال الاتفاق الإطارى للجانب الفلسطينى، ولذلك لم يخرج اجتماعنا بجديد. * علاقة الخليج بالسلطة الفلسطينية علاقة قوية، هل هناك تصور خاص لدى مملكة البحرين لحل قضية الانقسام الفلسطينى؟ — هناك إجماع عربى على تفويض مصر كوسيط لحل قضية الانقسام الفلسطينى وتحقيق المصالحة الوطنية بين الفصائل الفلسطينية، بحكم دورها وثقلها الإقليمى والعربى وبحكم انخراطها فى القضية منذ أربعينات القرن الماضى، والرئيس المصرى عدلى منصور قال لنا إن مصر مستعدة لتقديم كافة أشكال الدعم اللازم لتحقيق المصالحة الفلسطينية، وأعتقد أنه عندما تبرز ملامح الحل النهائى للقضية الفلسطينية سيكون ذلك فرصة مواتية لتحقيق المصالحة. * تصميم بعض الدول العربية، مثل قطر ومصر فى عهد «مرسى»، على دعم حركة «حماس» كسلطة فى غزة هل ينتقص من هيبة ورمزية السلطة الفلسطينية؟ — دعم غزة له مستويان؛ الأول هو دعم الشعب الفلسطينى من أهالى القطاع، وهذا لا خلاف عليه، والسلطة الفلسطينية نفسها ترحب به وتساعد فيه، أما دعم «حماس» كحكومة بديلة أو حكومة أمر واقع بالإضافة للحكومة الفلسطينية فى «رام الله»، أعتقد أن ذلك يكرس الانقسام، وأى دعم ل«حماس» كسلطة بديلة أو دولة أخرى وليست كجزء لا يتجزأ من الدولة الفلسطينية المرتقبة، فإن هذا لا يضر الفلسطينيين فقط بل يضر العرب جميعاً، وهذا يعطى فرصة للإسرائيليين للطعن فى شرعية الحكومة والسلطة الفلسطينية، ويؤثر سلبياً على أى مفاوضات لأن الإسرائيليين سيقولون بكل بساطة: «من يمثل الشعب الفلسطينى؟». * هل تعاطى حركة «حماس» السلبى مع التطورات العربية، مثل رفضها لعزل «مرسى» وعدم التفاتها بالأساس للهم الفلسطينى، يؤثر على الدعم العربى للقضية الفلسطينية؟ — الدعم العربى للقضية الفلسطينية لن يتغير، والمنطق والعقل والتاريخ يقول لأهل غزة: ظهركم مصر، واجهتكم مصر على العالم كله، ومخطئ من يفرط لأسباب ضيقة ومحدودة جداً فى العلاقة الاستراتيجية مع مصر. وخيار الغزاوية الصحيح هو العلاقة السليمة والصحية مع مصر، غير ذلك أشبه ما يكون بانتحار. غزة كما تسمى قطاع، بحرها منتهك ومحاصر من الإسرائيليين، وشمالها وشرقها كذلك، فقط حدودها مع مصر ليست كذلك، وليست متصلة مع الضفة، والجانب العربى الوحيد المتصلة به هو مصر، ولا أعتقد أن المنطق يبيح لأىٍّ من كان أن يسىء علاقته بمصر، أياً كان هذا المبرر. مصر أرفع من مهاترات جانبية، وأكبر من أن تدخل فى خصام مع أخوة عرب لها، ولكنها تريد فى المقابل من حركة «حماس» أن يحسنوا الجوار ويتفهموا مقتضيات أمنها القومى، خاصة عندما يكون أمن مصر القومى مهدداً من هذا الاتجاه بالذات. * ما تعليقك على الرأى القائل بأننا لم نرَ أحداً من سكان غزة يموت نتيجة الحصار، وفى المقابل نرى عشرات من رجال الجيش والشرطة المصريين يموتون فى سيناء بسبب فوضى الحدود؟ — صحيح، لا شك فى ذلك، ولذلك أقول إنه يجب على قيادة «حماس» أن تعيد حساباتها وترتيب أوراقها وتتعامل مع القيادة فى مصر كمعاملة أخوة عرب ومعاملة حسن جيرة، ولا يجوز أن يأتى الطعن لمصر بالذات من اتجاه غزة التى تسيطر عليها «حماس»، وفى المقابل هم فقط المستفيدون من تحسين علاقتهم بمصر من الناحية الاقتصادية، لأن مصر لن تستفيد اقتصادياً من غزة، لكن غزة هى المستفيدة بالكامل من التعاون الاقتصادى مع مصر، مصر فقط تريد ضبط حدودها وأمنها. * ما مصلحة «حماس» فى العزلة الحالية عن مصر والبقاء كجزء من المشروع السياسى للإخوان، وتكريس الانقسام الفلسطينى؟ — الموضوع يرتبط بتعلق «حماس» أكثر بمصالحها الضيقة دون وضع الأولوية للمصلحة الفلسطينية والشعب الفلسطينى، لكن من مصلحة حركة «حماس» ومن مصلحة الشعب الفلسطينى أن تكون السياسة العليا لحركة «حماس» مع مصلحة الشعب الفلسطينى وقضيته العادلة، وليس مع مصالح الحركة الحزبية الضيقة، ولا شك أن مصلحة فلسطين هى فى الانفتاح على مصر والتعاون معها، و«حماس» لن تجد أقرب لها من مصر حتى لو بحكم الجغرافيا، فهى غير متصلة أرضياً مع دولة عربية أخرى غير مصر. ووجدانياً الشعب المصرى أول من سيَّر القوافل الطبية والمساعدات إلى القطاع فى كل لحظات الضيق دون استئذان أحد، وأول أطباء خرجوا لنجدة غزة كانوا من مصر، ولا تحدثنى عن محاولة كسر الحصار من البحر، كلنا نعلم أنها كانت محاولات من رئيس الوزراء التركى رجب طيب أردوغان لزيادة شعبيته.