لا كلام فى روما وخارجها إلا عن «اليسوعى المتقشف» الذى يخرج متخفياً ليلاً، يجوب المدينة، ليزور الفقراء ويقدم الصدقات للمحتاجين. الكل فى العالم يتهامس عن المواقف الإنسانية لذلك «الكاهن المعتدل الذى يتبنى الآراء الإصلاحية»، وهو يحتضن المرضى ويغسل أقدام الفقراء ويهاتف المحتاجين، ويتواصل مع أشد منتقديه ليصلى من أجلهم، إنه «خورخى» هذا الفقير الأرجنتينى الذى يتنقل فى المواصلات العامة ليربت على كتف هذا ويلاطف ذاك، والمعروف بحبه للأوبرا، وعشقه لكرة القدم، حتى وصل إلى كرسى القديس بطرس الرسولى، وصار فى مارس الماضى «البابا فرنسيس الأول»، بابا الفاتيكان. «خورخى برجوليو» أو «البابا فرنسيس الأول»، هو أول بابا من الأمريكتين شمالاً وجنوباً، وأول بابا يُنتخب فى حياة البابا السابق له، وأول من يتسمى بلقب مؤسس الكنيسة الحديثة «القديس فرنسيس» الذى عاش فى إيطاليا فى القرن السادس عشر، وأول بابا للفاتيكان يولد خارج أوروبا من 1282 عاماً. وُلد خورخى ماريو برجوليو، فى 17 ديسمبر 1936، فى العاصمة الأرجنتينية بوينس آيرس، لوالدين إيطاليين، وكان أبوه عاملاً فى السكك الحديدية، وقد خضع لاستئصال جزء من إحدى رئتيه، وهو فى الحادية والعشرين، نتيجة إصابته بعدوى، وقد تخرج من المدرسة الثانوية كفنّى كيماويات، قبل أن يتدرج فى السلك الكنسى، وحصل على درجة جامعية فى الفلسفة، وقام بتدريس الفلسفة والأدب، وانضم لجمعية يسوع فى 11 مارس 1958، ورُسّم كاهناً فى 13 ديسمبر 1969، وعمل أستاذاً للاهوت فى «كلية سان ميغيل للفلسفة واللاهوت» بالأرجنتين، وحصل على الدكتوراه فى علم اللاهوت من ألمانيا، ورُسّم رئيساً لأساقفة بوينس آيرس عام 1998، وتم ترسيمه كاردينالاً فى عام 2001 من قبَل البابا الراحل يوحنا بولس الثانى. 9 شهور مرت على «خورخى برجوليو» من يوم أن صار «البابا فرنسيس»، عمل خلالها على تنظيم شئون الفاتيكان، وإعادة الصورة النقية للكنيسة الكاثوليكية بعد الفضائح الجنسية التى وُجهت إلى بعض رجالها إضافة إلى الفساد المالى والأخلاقى الذى طال البعض منهم، وكذلك العمل على إعادة الحوار اللاهوتى بين الكنائس، والتواصل مع الأزهر الشريف لتعزيز الحوار بين الأديان، بعد القطيعة التى شهدها عهد خلفه البابا بنديكتوس السادس. 9 شهور دفعت البابا إلى صدارة المشهد الإعلامى فى العالم، الأمر الذى دفع مجلة «التايم» الأمريكية، ذائعة الصيت، إلى أن تختاره الشخصية الأكثر نفوذاً لعام ألفين وثلاثة عشر، وذلك لتمكنه فى فترة وجيزة من أسر الملايين بعد أن فقد الكثيرون الثقة بالكنيسة، ولما يتصف به من أنه رجل التواضع والسلام.