هبط بلال فضل بيده الثقيلة على إبراهيم عيسى. كتب مقالاً عنيفاً فى «منصة رابعة» (الشروق سابقاً) عن تحولات «المثقف» ومواقفه التى تتأرجح بين دم الحسين وصحبة يزيد، ودس اسم إبراهيم عيسى فى منتصف المقال.. باعتباره نموذجاً لهذا النوع من المثقفين. لا أعرف لماذا قفز بلال هذه القفزة المجانية؟. ما الذى فعله إبراهيم عيسى وضايق الأستاذ بلال إلى هذا الحد؟. هل لأن إبراهيم يخوض -عبر برنامجه فى «القاهرة والناس».. ثم فى «أون. تى. فى»، وعبر مقالاته فى «التحرير»- حرباً ضارية ضد إرهاب جماعة الإخوان؟. هل هذا ما يضايق بلال الآن؟. هل يضايقه أن هناك من يدافع عن الدولة المصرية.. وهو الذى لا ينتمى إلى هذه الدولة ولا يحمل جنسيتها؟. هل يضايقه أن هناك من يهاجم «جماعة الإخوان».. التى يبدو أن بلال وجد فيها ضالته، وأزاحت عن كاهله عبء الانتماء إلى دولة لا يحمل جنسيتها، ولحم أكتافه رغم ذلك من خيرها؟. هل يضايقه أن هناك من يهاجم أطفال الشوارع الذين يسمون أنفسهم «ثواراً» ويطالب بإقصائهم من المشهد السياسى؟. ما الذى يريده الأستاذ بلال بالضبط؟.. ما الذى يريده من هذا العداء الطافح لكل من المؤسسة العسكرية ووزارة الداخلية؟. هل يريد أن يحرق الإخوان مصر ليجلس هو وأمثاله من نحانيح الديمقراطية والدولة المدنية على أنقاضها؟. هل يريد تدمير جيش مصر أو تحويله إلى ميليشيا إسلامية على غرار جيش سوريا الحر؟. هل يريد إعادة إنتاج ما حدث ل«الداخلية» عقب نكسة 25 يناير؟. هل يريد أن تظل مصر غارقة فى هذه الدوامة من الفوضى والخراب إلى أن يتوافق هو وطابور الإخوان الخامس على رئيس مدنى يعيد جماعته الإرهابية وثواره الأشاوس إلى صدارة المشهد السياسى؟. نسى بلال أو تناسى أنه كان أحد أبرز الداعمين والمباركين لصعود الإخوان إلى الحكم.. مع أن الذى كان يدافع عنهم ويعادى نظام مبارك من أجلهم وكاد يدخل السجن ثمناً لموقفه هذا، وجلس فى بيته بلا عمل عدة سنوات.. هو إبراهيم عيسى!. نسى بلال أو تناسى أنه «اغتنى» و«اشتهر» وأصبح واحداً من «أتخن» كتاب السيناريو فى عهد الرئيس مبارك، وأنه أصبح كاتب رأى تتخاطفه الصحف، وضيفاً ثم مذيعاً تليفزيونياً، فى عهد مبارك. نسى بلال أو تناسى أن «شتيمة» مبارك ونظامه هى التى أدخلته حظيرة الكتاب الساخرين من أوسع الأبواب. لكن الأهم أن بلال نسى أو تناسى أن إبراهيم عيسى هو صاحب الفضل عليه. هو الذى التقطه من الشارع حين كان إبراهيم رئيساً لتحرير جريدة «الدستور» الأسبوعية منتصف التسعينات، وكنت شاهدا على ذلك. كان بلال مجرد «قارئ» مجتهد التقطه إبراهيم وأسند إليه صفحة «بريد القراء»، ثم جعله سكرتيراً للتحرير. ولعبت موهبة بلال فى الكتابة دوراً مهما فى تغلغله داخل مطبخ الجريدة، ثم انطلق، وظل الاثنان صديقين رغم تفاوت الحظوظ واتساع المسافة، ورغم بعض المناوشات والمعارك الصغيرة. اختلفت مع إبراهيم عيسى أيام «الدستور»، وتركتها بعد بضعة أشهر، لكننى لم أفقد إعجابى ب«مهنيته» وشطارته ووضوح موقفه. ومنذ اندلاع ثورة 30 يونيو زاد إعجابى وتقديرى لموقفه. ورغم أننى لم أخض معركة لزميل بالوكالة.. فقد رأيت أن من واجبى تذكير الأستاذ بلال ب«فضل» إبراهيم عيسى عليه، وتذكيره بأن عصر المعارك «المدفوعة» انتهى.. بما فى ذلك تلك التى يخوضها دفاعاً عن وجود هذه الجماعة الإرهابية. بقيت كلمة لا أعرف إن كان لها علاقة بالتطور الطبيعى للأستاذ بلال أم لا!. كنت أرى أن لحيته المهذبة جزء من هويته ك«مبدع»، وبعد نكسة 25 يناير أصبحت «لحية» مناضل ثورى.. الآن أصبحت هذه اللحية دليلاً على «هوى» إخوانى واضح: هل أخطأت التقدير؟!