ال"هاند ميد" في سوق فرج السروجي.. "من حق الكارو تتدلع"

أصبحت مهنته نادرة، الورشة التي تعلم فيها صناعة سروج الخيل العربي معرضة للإغلاق، الكل هجر المهنة بما فيهم أبناؤه.
لكن فرج عبده، ذو ال58 عامًا، لا يزال يؤمن أن ما يصنعه ببضعة أدوات بيديه دون استخدام أي ماكينة فن يجب الحفاظ عليه.
وبعدما كان ركوب الخيل أساسيا في المنطقة الزراعية بحي "بيجام"، التي تحولت سريعا إلى منطقة صناعية، صارت العربات و"التوك توك والتريسيكلات" وسائل التنقل، ولم يعد لخيول المنطقة أحد سواه، يصنع لأجلهم "الرقبية والشدة والنظارة" داخل ورشته العامرة بالجلود والحلي.
"من حق الخيول تتدلع"، مبدأ يؤمن به فرج، الذي تعلم صناعة كل المشغولات الجلدية الخاصة بالخيل والحمير، على يد والده حين حصل على المرحلة الابتدائية، مكتفيا بذلك القدر من التعليم ومرحبا بعالم آخر سيظل ملازمه حتى يبلغ من الكبر عتيا، فتعلم من والده كل أصول المهنة في ورشته التي كانت بالشرابية، ثم انتقلت إلى مصر الجديدة ومنها إلى بيجام، ورغم إعراض الكثيرين عن تلك الصنعة إلا أن الرجل لا يتقن غيرها ولا يستحسن سواها.
"ده فن وهندسة، مش أي حد يقدر يعمله، ولا حد يعرف يفهم تفاصيله". بيد تمسك إبرة وأخرى تمسك "مغراز" يصنع الرجل ثقوبا في الجلد به ثم يمرر الإبرة من خلال تلك الثقوب، وتظل يده تعمل في الأجزاء التي يصنعها دون استعانة بآلة واحدة: "الورشة مافيهاش ولا مكنة، ده كله شغل يدوي، من طأطأ لسلام عليكم" يحكي الرجل الذي حاول تعليم المهنة لأولاده إلا أنهم رفضوها "ماغووهاش، والحمد لله أكملوا تعليمهم".
من 6 إلى 8 أيام، يجهز الرجل كل احتياجات عربة "الكارو"، التي توضع على الحصان أو الحمار، فهناك النظارة التي توضع على الوجه، ثم الحياصة التي تكون على الظهر، والرقبية التي توضع بها الشدة، وكل تلك الأشياء مصنوعة من جلد الجاموس، عدا الرقبية فهي تصنع من جلد الماعز: "وكل حاجة بقى لها سعر، الرقبية لوحدها بقت ب300 جنيه، والنضارة ب200، لإن كل أسعار الخامات غليت".
يزين الرجل إكسسوار الخيول تلك بحلقات من النحاس ومسامير يبلغ سعر الواحد منها نصف جنيه: "يعني حتى إكسسوار الخيول الأساسي سعره زاد، بس مفيش قصاد اللي عنده كارو غير إنه يشتري".