عام من التحقيقات تقدمت فيه أدلة "مادية" وشهود عيان.. أتى نائب عام بعد رحيل السابق.. ثم جاء من بعده نائب عام ثالث، يتعاقب المحققون ووكلاء النيابة، فيما لا يزال القاتل ينعم بحياته حرا طليقا غير عابئ بجريمته التي ارتكبها بشارع يوسف الجندي في الذكرى الأولى لأحداث شارع محمد محمود، ليقتل "جيكا".. فعل فعلته ويعلم أن نهايتها أوراق تنتقل من محكمة إلى أخرى دون جدوى. قال محمود سعيد، صديق جيكا، الذي أصيب قبله بنصف ساعة في نفس الموقع، بشارع يوسف الجندي ل"الوطن"، إن جيكا عندما علم بخبر إصابته نزل مسرعًا إلى شاع يوسف الجندي، مرجحًا أن الضابط الذي أطلق النار عليه "هو نفس الضابط الذي قتل جيكا" لوقوع الحادث في ذات الساعة ونفس المكان، مشيرًا إلى أنه أصيب في العاشرة صباح ذلك اليوم، وأصيب جيكا في العاشرة والنصف، موضحًا أن الاشتباكات لم تكن ضارية وكانت في بداية اليوم، وهو ما لا يستدعي الحاجة لتغيير التشكيل، مشددًا على أن القاتل أحد الضباط الذين كانوا متواجدين ما بين الساعة 10 إلى 11 صباح يوم 20 نوفمبر الماضي. وأضاف سعيد أنه أصيب بطلق ناري في البطن صباح يوم 20 نوفمبر من العام الماضي، حينما حاول إيقاف الاشتباك لوجود مجموعة من المتظاهرين محتجزين داخل مدرسة بالشارع، إلا أن الضابط لم يمتثل لطلبه، وأطلق عليه النار، وتم نقله إلى مستشفى قصر العيني، حيث استقرت طلقة بجوار العمود الفقري ب2ملم، وطلقة أعلى القلب ب4 سنتيمتر، وثالثة استقرت في الكبد وأتلفت المعدة أثناء دخولها، وتم استئصال القولون والمرارة ونصف الكبد. ومن واقع محضر التحقيقات قال أحد الشهود نصًا: "اللي حصل إن فيه ضابط أمن مركزي لابس أسود في أسود مش فاكر رتبته كان لابس قناع من القماش على وشه ومعاه سلاح عبارة عن بندقية طويلة سوداء معرفش نوعها، نط من الحاجز الخرساني، ووقف في منتصف السور ووجه بندقيته ناحيتنا علشان نخاف ونمشي، ولكن إحنا فضلنا واقفين وبعد كده نط الناحية التانية من الجاجز.. ناحية الشرطة وبمجرد ما دخل لقيت بوز البندقية ظهر من بين العساكر بتوع الأمن المركزي اللي واقفة بتحاول تداري مكان دخول الضابط من الحاجز الخرساني وفيه طلقة طلعت من البندقية جت في جابر صلاح جابر وكان واقف وشه للحاجرز الخرساني على بعد من 15 إلى 25 متر". وأعرب محمود بلال المحامي بالمركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، وأحد محامي الشهيد "جيكا" عن استياءه الشديد من تعنت النيابة العامة وسلطات التحقيق، في قضية مقتل الشهيد "جيكا"، مشيرًا إلى أنه، وبعد عام من وقوع الحادث وتقديم الأدلة المادية وشهود الإثبات، وتقديم بلاغات لسماع أقوال المتهمين في القضية والتحقيق معهم، واتخاذ الموقف القانوني اللازم، إلا أن النيابة العامة لم تتقدم خطوة واحدة نحو تحقيق العدالة وأخذ الحق من قاتلي جيكا. وأكد بلال، أنه حتى الآن لم يتم التحقيق مع أي ضابط شرطة من الذين كانوا متواجدين في ذكرى محمد محمود، رغم تقديم 3 شهود رأوا ووصفوا ضابط الشرطة الذي قام بإطلاق النار على الشهيد جابر، لافتًا إلى أنه تم تقديم أسطوانة مدمجة "CD"، تظهر صورًا لقوات الشرطة وهي تطلق النار على الشهيد جيكا، وأضاف أن سلطات التحقيق حصلت على أقوال الشهود والقرائن القاطعة التي تقول من الذي قتل جيكًا، بينما تصر تجاهل هذه الأدلة. واستعرض محامي جيكا، موقف النيابة العامة ضمن سياق عدم إحالة ضابط شرطة واحد أو ضابط من القوات المسلحة الذين تشير إليهم اتهامات أهالي الشهداء على مدار العامين الماضيين بعد أحداث ثورة 25 يناير، إضافة إلى براءة كل الضباط المتهمين في أحداث الثورة، باستثناء الضابط الشهير ب"قناص العيون" الذي حصل على حكمًا "ويؤديه في استراحة أكاديمية الشرطة"، منددًا بهذا الموقف المحابي لرجال الشرطة على حساب الشهداء، وحمل المحامي مسؤولية قتل الشهيد جيكا، على الرئيس المعزول محمد مرسي ووزير داخليته أحمد جمال الدين، الذي أصدر أوامره بفض مظاهرات الذكرى الأولى لأحداث محمد محمود في نوفمبر من العام الماضي. وتساءل بلال، عن سبب محاكمة محمد مرسي؟.. في التحريض على قتل متظاهري الاتحادية فقط، وتجاهل التحريض على قتل شهداء آخرين قتلوا مثل "جيكا وكريستي" ومن ماتوا في أحداث الذكرى الثانية للثورة، مشيرًا إلى أن التقارير الصادرة من المراكز الحقوقية، رصدت حوالي 240 شهيدًا سقطوا في عهد الرئيس المعزول محمد مرسي خلال مظاهرات سياسية، معظمهم سقطوا على أيدي رجال الشرطة، ولم يتم التحقيق مع "مرسي" فيها حتى الآن، مرجحًا أن يكون ذلك بسبب إصرار الدولة على عدم محاسبة رجال الشرطة، وتساءل عن سبب عدم التحقيق في قضايا قتل شهداء الثورة؟. وأعرب بلال عن دهشته من تعاقب 3 نواب عموم وهم: عبدالمجيد محمود وطلعت عبدالله وهشام بركات، في حين لم يتغير أداء النيابة في أي عهد أي منهم، وأنه مر على قضيته في نيابة عابدين اثنين رؤساء نيابة ومحاميان عموم وأكثر من وكيل نيابة تناوب على التحقيق فيها وسماع أقوال الشهود، مؤكدًا أن ذلك يعد تعمدا واضحا وقاطعا من الدولة على تجاهل حق شهداء الثورة. أما بالنسبة للموقف الرسمي للتحقيقات، قال بلال: إن آخر ما توصل إليه في القضية هي الحصول على شهادة من نيابة عابدين في أواخر يوليو الماضي تفيد بأن القضية رقم 8860 لسنة 2012 جنح عابدين، ما زالت قيد التحقيق، ولم يتم التصرف فيها حتى تاريخه، مشيرًا إلى أن القضية لم يتم تحريك ساكنًا فيها رغم تقديم 3 شهود رأو رؤى العين ضابط يطلق النار على الشهيد جيكا من بندقية خرطوش، إضافة إلى أن تقرير الطب الشرعي الخاص قال نصًا إن "الواقعة جائزة الحدوث من التصوير الوارد من مذكرة النيابة، والتي قالت فيها إنه بسؤال شاهدي الواقعة قررا قيام أحد ضباط الأمن المركزي بإطلاق عيار ناري من بندقية خرطوش كانت بحوزته على المجني عليه من حوالي 15 إلى 35 مترًا في مستوى مماثل قليلا بالحاجز الخرساني"، وتابع تقرير الطب الشرعي "الوفاة ترجع إلى الإصابة النارية الرشية وما أحدثته من كسر بعظمة الجمجمة وتهتك بالمخ ونزيف غزير بفص المخ أدى إلى توقف مراكز القلب والتنفس، وأن هذه المقذوفات التي أردته قتيلا أطلقت من أسلحة طويلة الماسورة كالبندقية الخرطوش". وأكمل بلال، أنه تم الاستماع لأقوال خبير سلاح وهو "لواء من وزارة الداخلية"، وقال إن السلاح الخرطوش موجود بالفعل لدى الوزارة، وأنه من الممكن أن يحدث الإصابات الموصوفة بتقرير الطب الشرعي الخاص بجيكا، مؤكدًا أن شهادة خبير الأسلحة والذي ينتمي للداخلية - الخصم في القضية- يجعلنا نقتبس التعبير القرآني "وشهد شاهد من أهلها" لإثبات تورط رجال الداخلية في مقتل الشهيد "جيكا" الذي لم يتم توجيه أي اتهام لهم، منددًا بتقاعس النيابة عن القيام بأبسط إجراء قد يفيد في سير العدالة وهو استدعاء دفاتر السلاح من المديرية ومن الأمن المركزي ومعرفة أسماء ضباط ورجال الخدمة في الأحداث التي استشهد فيها جابر جيكا، مشيرًا إلى أنه تنازل بطلباته إلى حد طلب محضر تحريات من الخصم و"هو الشرطة"، وأن لديه ملفا من مئات الأوراق خاص بقضية جيكا، لا يوجد به محضر تحريات واحد حول واقعة مقتله، مطالبًا بمعرفة أسماء ضباط الخدمة والأوامر الصادرة لهم، فهل كانت توصي بالفض أوالرش بالمياه أم إطلاق غاز أم ضرب في مقتل أو في غير مقتل، أم حماية الجدار الخرساني فقط، لافتًا بأن كل ذلك لم يحدث.. متسائلا: "متي سيحدث؟"، متوقعًا أن ذلك لن يحدث طالما مر عام على الواقعة ومع تقديم الشهود والأدلة دون تحريك ساكنًا، موضحًا أن ضباط الخدمة قد تتغير أماكن بعضهم. وعرض المحامي بالمركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، مقارنة بين سرعة تحقيق النيابة ضد الثوار الذين ألقي القبض عليهم أثناء تظاهرهم ضد الإخوان، قائلا: "كان الثوار يتم القبض عليهم (يوم السبت) ونجدهم في قاعة المحكمة (الاثنين) يحاكمون بعد يومين من القبض عليهم، متسائلا عن سبب سرعة التحقيق عندما نكون متهمين برغم انعدام الأدلة بينما التقاعس عندما نكون مجني علينا ولدينا الأدلة". الأخبار المتعلقة: "جيكا" و"محمد محمود".. هتاف وخرطوش ووصية شهيد وجرافيتي بيده: "الداخلية زي ما هي" "جيكا" كلمة سر الاشتباكات.. ابتكرها أصدقاؤه للتجمع واستخدمتها "البلاك بلوك" في تظاهراتهم غرفة جيكا.. متحف لشهيد "ثائر".. ومشنقة تنتظر "رقبة" قاتله "الوطن" في منزل الشهيد "جيكا".. "والده": فيه ناس بالبلد فوق الحساب.. و"الأم": القاتل معروف "جيكا".. حكاية شهيد وقاتل مازال حرا