فى صباح تعطلت فيه شوارع القاهرة كان د. حازم الببلاوى يفتتح النصب التذكارى لشهداء الثورات المصرية ب«التحرير»، وفى مساء اليوم نفسه كان رئيس الوزراء على هاتف إحدى القنوات الفضائية ينفى تحطيم «النصب» رغم الفيديو الذى تعرضه القناة: «لأ محصلش»، بينما كان البعض يتساءل: «هو فيه نصب تذكارى غير الجندى المجهول؟». فى أكتوبر 1975 كان المصريون على موعد مع أول نصب تذكارى يقام لذكرى شهداء حرب أكتوبر، وهو النصب الذى أمر ببنائه الرئيس الراحل أنور السادات، وشاء قدره أن يدفن فيه بعد ذلك، لم يكن نصباً تذكارياً واحداً «للجندى المجهول» بل كان فى معظم محافظات مصر «الإسكندرية، السويس، والإسماعيلية»، النصب التذكارى الذى بُنى وقتها على شكل هرمى كرمز للخلود، لم يخطر وقتها على بال مُصمّمِه سامى رافع، الفنان التشكيلى، أن الشهداء فى مصر لن يكون آخرهم شهداء حرب أكتوبر. لم تكن تلك القطعة الرخامية التى كتب عليها اسم الرئيس المؤقت ورئيس الوزراء وعام الافتتاح هى «النصب التذكارى» الذى أراده المصريون لثورتهم فحطموه بحسب المصمم «عمر طهطاوى» صاحب أول فكرة لتصميم نصب تذكارى لشهداء يناير فى ميدان التحرير: «كانت فكرتى أن يكون النصب على شكل ماسة، وده لأسباب كتيرة، لكن قطعة الحجر الأجوف اللى وضعوها لم تكن تعبر سوى عن غباء من فكّر فيه». «الماسة» كما تخيل «عمر» كانت ستشكل رمزاً حقيقياً للثورة المصرية ولصمود الشعب المصرى «الماس بياخد سنوات عديدة ليتكون كما يتطلب حرارة عالية جداً وضغط شديداً من أجل تكوينه وتشكيله وهكذا كانت الثورة فى يناير ويونيو تقف فى وجه الظلم بعد سنوات من الضغوط والكبت».