بعد نزول العدد الماضى يوم الجمعة من صحيفة «الوطن» بدقائق جاءنى صوت صديقى المهندس محمد الصحصاح من رأس البر: ألو. قلت: أيوة ألوه. أنا قريت مقالك فى «الوطن» النهارده. طب يا عم مبروك عليك. قال: هو إيه اللى مبروك؟ قلت: المقال اللى قريته فى «الوطن». قال: إذا كنت مافهمتوش لغاية وقتنا هذا، يبقى مبروك على إيه إن شاء الله؟ قلت: للمقال بقية فى الأسبوع القادم يا غبى. ضحك وقال: ولماذا لم تنوه على هذا يا ذكى؟ قلت: ألم تفهم شيئاً من المقال ألبتة؟ قال ضاحكاً: فهمت العنوان الذى يقول «تروح تروح وتيجى مصر»، وبعد كده ماعرفتش تروح فين وتيجى منين بالضبط؟ قلت: هذا خطئى فعلاً وأنا أعتذر لك الآن. قال: وباقى قرائك؟ قلت: سأعتذر لهم وأوضح لهم. قال ضاحكاً: وتسترحمهم. قلت: وأسترحمهم ورجلى على رقبتى، كويس كده؟ ضحك وقال: هو ده عدل ربنا معاك يا مفترى يا ظالم. وكان يوم زيارتنا الشيخ إمام وأنا لمنزل كمال خليفة المواجه لخط المترو بالقرب من محطة باب اللوق، كان يوماً لا يمكن محوه من ذاكرتى مدى الحياة، لأن الذى جاء لاصطحابنا من حوش قدم لم يكن الفنان أحمد نورالدين، بل كان الفنان جودة خليفة! وهو فنان تشكيلى محسوب، مثل أحمد نورالدين، على فرقة فنانى «روزاليوسف» أو بعبارة صريحة فرقة أصدقاء حجازى الرسام، وبمجرد دخول جودة خليفة من الباب سأل: أمال فين مولانا؟! قلت: تلاقيه فى أوضته فوق. فقال مستنكراً: هو لسه مالبسش! قلت: يلبس ليه يا جودة؟ فصاح مستنكراً: الله يخرب بيتك يا أحمد يا نورالدين، هو ابن المجنونة ده ماقالكوش؟! قلت: اهدأ يا جودة عشان نفهم إنت بتقول إيه؟ فقال ضاحكاً: إنت لسه عايز تفهم! الله يخرب بيتك يا أحمد يا فؤاد يا نجم، يا ابنى الراجل قاعد منتظرنا فى البيت. قلت: الله يخرب بيتك يا مولانا. ثم وجه كلامه لمحمد على: يا ابنى كمال خليفة جايب طباخ خصوصى ومجهز العشا ومنتظرنا الآن، ثم صرخ: يا شيخ إمام يا عم الشيخ يا مولانا. فقال له محمد على: تصدق بقى انت مش أحمد نورالدين، اللى ابن مجنونة. قلت حسماً للنزاع أو سوء التفاهم: اطلع انت يا محمد يا على لبّس مولانا وهاته بسرعة، وفى حوالى الساعة كان ركبنا السعيد يطرق باب شقة كمال خليفة التى اكتشفنا بعد دخولنا أنها مساكن شعبية، فيما عدا غرفة واحدة فى الداخل، وكان بابها مغلقاً، وقد اكتشفنا بعد أن فتحها لنا كمال خليفة أنها مزدحمة بمجموعة من اللوحات والتماثيل وكلها من إبداع «مودليانى مصر» كمال خليفة.