سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
«الوطن» من داخل مديرية أمن طور سيناء: سيارة «تويوتا» بيضاء نفذت الهجوم وصدمت حارس البوابة الذى تصدى لها منفذ العملية استغل دخول مدير المباحث ليقتحم خلفه مديرية الأمن.. وتصدع جدران المبنى وتحطم واجهته بالكامل
عقارب الساعة تجاوزت العاشرة، شمس الصباح تعكس أشعتها الساطعة على وجوه القادمين إلى مديرية أمن جنوبسيناء بمدينة الطور.. العابرون لبواباتها الأمنية رجال الشرطة وآخرون مدنيون يسعون لإنهاء أوراقهم الشخصية، الأجواء داخل فناء المبنى الأمنى الأكبر فى المحافظة الحدودية تبدو طبيعية كعادتها، بينما الشوارع المحيطة بها تتسم بالهدوء المعهود لهذا المكان ذى الطبيعة العسكرية؛ حيث يوجد مبنى المخابرات ومركز العمليات وإدارة الأزمات التابعة للقوات المسلحة كما تعلن لافتة تعلو بوابته. عشرون دقيقة تمر على هذا الحال، ينهض فتحى صابر، أمين الشرطة المسئول عن خدمة تأمين البوابة، برفقة صول شرطة أربعينى العمر يدعى السيد عبدالله، بمجرد سماع كلاكس سيارة مدير المباحث الجنائية بالمديرية، يفتح الباب على مصراعيه، يرفع يده بمحاذاة وجهه لتقديم التحية العسكرية لأحد رؤسائه، فى ثوانٍ خاطفة تقتحم البوابة سيارة مسرعة بيضاء اللون ماركة تويوتا ذات دفع رباعى (دوبل كابينة)، يتصدى لها أمين الشرطة ذو ال25 عاماً بالوقوف أمامها صارخاً بأعلى صوته: «حاسب.. وقف.. رايح فين؟»، يزيد سائق السيارة المجهولة من سرعته غير مبالٍ بهتاف حارس البوابة، يصدمه بالسيارة، يعجز الصول السيد عبدالله عن رؤية وجه سائق السيارة بسبب أشعة الشمس التى تضرب زجاجها، ليفاجَأ الجميع بتحول السيارة البيضاء إلى كتلة من اللهب تتناثر شظاياها فى أرجاء المكان مصحوبة بصوت انفجار ضخم زلزل أركان المكان، حسب وصف سعيد السيد، أحد شهود العيان من أفراد الشرطة الذى شاهد الواقعة، مضيفاً أن صوت الانفجار دوى فى مدينة الطور بالكامل وتسبب فى تدمير المنطقة المحيطة بالمكان التى تتجاوز مساحتها كيلومترين. الفوضى تعم أرجاء المكان، الناجون يحاولون إسعاف المصابين والقتلى، موتوسيكلات الأهالى تتحول إلى إسعاف ينقل الضحايا أصحاب الإصابات الخفيفة إلى مستشفى الطور العام، بينما تنتظر الحالات الحرجة وصول الإسعاف، الدقائق الأولى تمر ببطء شديد على المصابين، يحاول البعض تسكين ألم البعض الآخر، الوجوه شاحبة، الصدمة شديدة، والدهشة أشد على الجميع، تنهيها أصوات سيارات الإسعاف التى لم تكف عن الحركة فى محيط المكان، يبدأ أحمد سعد، برفقة العديد من الأهالى، بالمساعدة فى نقل الضحايا، وصف الحدث بأنه الأول من نوعه فى مدينة الطور، مستبعداً أن يكون من قام بهذا العمل الإرهابى من أهالى جنوبسيناء، موجهاً الاتهام إلى وسط سيناء: «ده من وسط سيناء، وجاء إلى هنا عبر دروب الصحراء لتنفيذ التهديدات التى سبق أن أعلنتها كتائب بيت المقدس، والتى توعدت قوات الشرطة والجيش بالرد على الحملة الأمنية التى تشنها الآن فى الشيخ زويد ورفح»، نافياً أن يقوم أى مواطن من أهالى الطور بالمساعدة أو الاشتراك فى هذه العملية، خاصة أننا نعيش فى منطقة سياحية وأن هذه العمليات سوف ينعكس تأثيرها بالسلب على الجميع. أشعة الشمس تحتل مكانها فى كبد السماء، تنتهى الإسعاف من نقل جميع الضحايا الذين يقدر عددهم ب58 حالة إلى مستشفى الطور العام ومستشفى شرم الشيخ، بينهم ثلاث حالات وفاة و55 مصاباً وفقاً لكشوف مستشفى الطور التى حصلت «الوطن» على نسخة منها، بالإضافة إلى أشلاء الشخص الذى قام بتنفيذ عملية التفجير، وقامت قوات الشرطة والجيش بتطويق المكان وفرض سيطرتها على مكان الحادث؛ حيث انتشرت مدرعتان للجيش وثلاث للشرطة مدعومة بثلاثة تشكيلات من الأمن المركزى. فى صباح اليوم التالى للحدث، قامت «الوطن» بمرافقة طاقم البحث الجنائى المكلف بمعاينة موقع الحدث؛ حيث بدأ رجال البحث الجنائى عملهم فى تمام الساعة الحادية عشرة صباحاً بفناء مبنى مديرية الأمن المحاط بسور خرسانى ممزوج بأسياخ حديدية الصنع، يتوسطها مبنى المديرية المكون من 6 طوابق: بدروم وأرضى وأربعة طوابق علوية. حفرة يصل عمقها إلى 90 سم وقطرها إلى 6 أمتار، هى المساحة التى انفجرت بها السيارة الملغومة؛ حيث تبعد عن بوابة السور الخارجى للمبنى بأكثر من 20 متراً، وتقترب من مبنى المديرية بمسافة لا تتجاوز 15 متراً، بينما المبنى نفسه تظهر عليه آثار الدمار الناتجة عن الانفجار؛ حيث تظهر الشروخ الناتجة عن تصدع المبنى، وتحطم جميع الأبواب والشبابيك وتدمير أجهزة التكييف. وخلف المبنى توجد 5 سيارات تحطمت بالكامل، ولم يتبق منها غير أجزاء من الهيكل المعدنى، بالإضافة إلى 7 سيارات أخرى تحطم زجاجها، وفى الخارج تحطمت الواجهة الزجاجية لمبنى المحافظة والمبانى المحيطة به، وبعض الفنادق والمبانى المجاورة.