ليس سهلاً أن تكون صحفياً. الصحافة نمط إبداعى يتميز عن كل أنواع الكتابة، فهو مرآة المرايا، أو بصورة أدق مرايا لمرايا الواقع، بتعبير إبراهيم نصر الله، فى رواية البوكر «حرب الكلب الثانية». الكتابة فعل ثورى، هى استجداء لمعانى البقاء فى مواجهة الرحيل. الكتابة عن الذات أو التجربة، أقسى أنواع الكتابة وأشدها قسوة. إنها قضية فلسفية عميقة، لا تفسير لها، كما الحياة والموت، لكنها على الأرجح تجمع الأمرين. هى استدعاء للحظات تغلى فيها مراجل النفس، فتبدو كنوبات صادقة، لا تأويل ولا تفسير لها أيضاً. هى حالة تشبه الجنون ولا تشبه. هى البحث عن الحنين. كلنا مرضى بداء الحنين. فى «الوطن» بدأ كل شىء. «الوطن» يشبه الخبز فى لحظاته البكر. هو إذن نسيم سبتمبر العابر. فى كل ركن قصة لم تبرح مكانها بعد. حكاية خُضت تفاصيلها متعوذاً بالصبر. سكرتير التحرير قصته مختلفة. أنا واحد ممن يعملون فى حقول الآخرين. تعلمت الكثير على يد أساتذة عظام؛ شكَّل «الوطن» بكل ما فيه شخصيتى وتعلمت فيه أن شخصيتك من شخصية الكيان الذى تعمل فيه وأن تكون صادقاً فى كل شىء. وتحول «الوطن» بعد فترة لبيتى الأول، أقدمه دوماً على أشياء مهمة فى حياتى، فالوطن بالنسبة لى حياة بكل معانيها. سنوات مرّت حملت فى طياتها ذكريات لو حكيت عنها ستحتاج إلى روايات تُتلى. تعلمت فيه معنى أن تكون صحفياً أن تكون مسئولاً، وأن أكون غيوراً عليه، أفرح بنجاحاته وأسعد بانفراداته. فى «الوطن» كان كل شىء. لا تتخيل سعادتى بشعور أنى حلقة من حلقات صناعة الوطن، وسعادتى بإنجاز ملفات أو صفحات يُثنَى عليها عندما ترى النور، أن تكون شريكاً فى صنع شىء، هو أقصى درجات السعادة. أن تجد وليدك يكبر أمامك كل لحظة فهذا شىء غالٍ، أما أن تشارك فى هذا النمو فهذه قمة المتعة. فى عيد ميلاد «الوطن» السادس شكراً لكل من أسهم فى تشكيل وجدانى الصحفى وشكراً لكل من منحنى ثقته بدءًا من الكاتب الصحفى محمود مسلم رب أسرة «الوطن»، والدكتور أحمد محمود الأب والسند، ولكل أساتذتى وزملائى، ولكل شخص تعلمت منه، ستبقون دوماً أنتم الأساتذة ونحن التلامذة.