مضت من رمضان عشرة كاملة فما الذى تغير فى حياتك بعد هذه العشرة؟ هذا الشهر جعله الله تبارك وتعالى محطة يقف فيه المسلم لله ليصلح من حاله، وليرفع من درجة قربه من الله عز وجل، وليحقق التغيير من الأسوأ إلى الأفضل، ومن الحسن إلى الأحسن، والذى يلاحظ تاريخ الأمة مع هذا الشهر، يدرك أن أعظم الأعطيات الإلهية كان فى هذا الشهر الكريم، وأولها: نزول القرآن الذى غيَّر وجهَ الدنيا، وبيَّض وجهَ الحياة، وجعل الله فيه صلاحَ الناس فى معاشهم ومعادهم، فأصلح به النفوس الفاسدة، وهدى به القلوب الضالة، ووحَّد به هذه الأمة المتفرقة، ورقق به القلوب القاسية، فصارت خير أمة أخرجت للناس، وحوَّل به العربَ من رعاة بقر إلى هداة للبشر، ومن عُبّادِ حجر وصنم إلى دعاة لسائر الأمم. وفى هذا الشهر الكريم حدثت غزوةُ بدر، التى كانت فرقاناً بين الحق والباطل، وكانت نتيجتها فاصلة، حيث هزم الله أبا جهل وجيشه ونصر الله محمداً صلى الله عليه وسلم وحزبه، ثم كان هذا الشهر الكريم شهر الفتح الأعظم، فتح مكة فى السنة الثامنة من الهجرة، وأدرك الناس أن هذا الدين منصور، فجاءت قبائل العرب من أنحاء الجزيرة، ودخل الناس فى دين الله أفواجاً، وفى هذا الشهر الكريم أيضاً نصر الله المسلمين فى عين جالوت سنة 658ه، بعد أن خرج الدعاة والعلماء يذكرون الناس بالله ويشجعونهم على محاربة أعداء الله ويحضّونهم على أن يلتزموا بأخلاق الصيام، فكان نصراً عزيزاً للمسلمين وكانت هزيمة مدوية، من نتائجها العجيبة فيما بعد: أن التتار بدأوا يدخلون فى الإسلام، ولأول مرة، يدخل الجيش المنتصر فى دين الشعب المغلوب. وفى العاشر من رمضان سنة 1393ه فى 6 أكتوبر 1973م، رأينا كيف نصر الله المسلمين لما علت صيحات «الله أكبر» فى رمضان. إِذَا جَلْجَلَتْ اللهُ أكبرُ فى الوَغَى تَخَاذَلَت الأصواتُ عَنْ ذلِكَ النِّدَا ومَنْ خَاصَمَ الرَّحْمنَ خابَتْ جُهُودُهُ وضَاعَتْ مَسَاعِيهِ وأَتْعَابُهُ سُدَى وما كان ذلك كله ليحدث لولا أن غيرت الأمةُ حالها، وانتصرت على نفسها فى هذا الشهر الكريم «إِنَّ اللهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ» (الرعد: 11)، فهل فكرت أن تنتصر على نفسك وأن تنتصر لإرادة الخير بداخلك، حتى تنتقل من الانتصار فى ميدان النفس إلى الانتصار فى واقع الحياة «ميدانكم الأول أنفسكم فإن قدرتم عليها فأنتم على ما سواها أقدر، وإن عجزتم عنها فأنتم عما سواها أعجز»، وهل عرفت كيف تستفيد من الصيام لتحقيق التغيير؟