تواصل «الوطن» رصد التحديات التى تواجه خطة ال100 يوم التى وعد بها الرئيس محمد مرسى، ويأتى غياب الأمن وفوضى المرور، نموذجين لأهم هذه التحديات. ولعل «الجيزة» من أكثر المحافظات فوضى مرورية، ليس فقط بسبب الزحام وإنما أيضاً لتكاثر «المركبات اللاآدمية» و«التوك توك»، وكلاهما يسبب مشاكل لا حصر لها. ويفصل شريط السكة الحديد فى الجيزة ما بين المواصلات والشوارع والطرق الممهدة والأخرى غير الآدمية، فالناحية الشرقية منه تضم أحياء «الدقى والمهندسين»، وتضم الأخرى «بولاق الدكرور وأرض اللواء، والكنيِّسة، والطوابق، وفيصل»، ويعيش الناس خلف هذا الشريط على طريقة «رضينا بالهم والهم مرضيش بينا»، يحلمون فقط بأن تحترم آدميتهم ولا يشعرون أنهم مواطنون من الدرجة الثالثة، ويركبون سيارات نصف نقل يطلقون عليها «عربيات بهايم»، وكل الفئات تقريباً تستقلها، وأهم «مواقف» هذه السيارات «بولاق الدكرور، وسلم الخشب»، ومنها تتوجه إلى صفط اللبن والطابق، وأيضاً فى الطالبية - هرم، وتتوجه إلى منطقة الكنيسة والطريق الدائرى، هذا بالإضافة إلى وجود مواقف فى شارع «الكعابيش». يقول عرفة محمود أحمد -62 سنة، على المعاش- من سكان بولاق الدكرور العشوائية: «السيارات المتهالكة وغير الآدمية هى السبيل الوحيد للمواصلات فى المنطقة، وأصبح شريط السكة الحديد الخط الفاصل بين العشوائيات بكل معانيها وإهدار كرامة الإنسان، والأماكن الراقية مثل الدقى والمهندسين»، ويضيف: «والله عيب كبير على دولة زى مصر أن يكون فيها عربيات حقيرة كده»، فهذه السيارات فى الحقيقة لا ترقى إلى حمل الحيوانات فى الدول الأخرى لكنها تحمل فى مصر فقط «بنى آدمين»، ويتابع: «من المستحيل أن تجد السيارات النصف نقل فى الزمالك أو المهندسين ولا المعادى، فلماذا يسمح بها هنا فى بولاق الدكرور وفيصل والطالبية، وبعض ضواحى القاهرة؟ خصوصاً أن سائقى هذه السيارات يتلفظون بألفاظ نابية تخدش حياء السيدات والفتيات، أما عن خناقاتهم فحدث ولا حرج، فبإمكان أى شخص رؤية الأسلحة البيضاء والنارية خلال تلك الاشتباكات يومياً». وتقول ناهد الشحات، من سكان منطقة الطابق: «عندما يزدحم الشارع وتقف السيارات نعرف فوراً أنه سيكون يوما أسود، لأننا سنكون على موعد مع خناقة كبيرة ربما تكون بين أحد سائقى التوك توك المسلحين وسائقى سيارات النقل التى نركبها، وفى هذه الأحوال لا نملك إلا الانتظار حتى يتدخل أحد ويحل المشكلة التى يكون سببها غالبا حاجة هايفة». وتشكو شيماء أيوب -29 سنة- مهندسة معمارية، من تقسيم «التوصيلة» الواحدة إلى عدة مسافات وبأجرة جديدة لكل مسافة، هذا بالإضافة إلى كثرة المناوشات التى تحدث بين السائقين التى غالباً ما تتحول إلى اشتباكات كبيرة تتعطل مصالح الناس على أثرها، وأكثر السائقين لا يبالون بذلك بل يفتعلون الأزمات ويسبون الركاب فقط لأنهم طلبوا منهم سرعة السير، وردهم يكون دائماً: اللى مش عاجبه ينزل من العربية، مش عاوزين وجع دماغ»، وتضيف: «هذا الموقف يتكرر يومياً، خصوصاً أن معظم سائقى شارع الهرم والطالبية فى السيارات «الفولكس» يركبون سماعات صوت كبيرة فى مؤخرة السيارة ويكون صوتها عالياً جداً، وعندما يشتكى أحد الركاب من ارتفاع الصوت ويطلب من السائق خفضه، لا يستجيب له ويقول: «اللى مش عاجبه ينزل»، وطبعاً نكون مستعجلين ونضطر نركب، وهذه الأحداث تتكرر بشكل يومى وإحنا فى النهاية الضحايا، خصوصاً أن هؤلاء السائقين لا يفرقون فى تعاملهم بين الراجل والست». أما أشرف المصرى -42 سنة- صاحب محل إكسسوارات فى ميدان كوبرى صفط اللبن وأحد أعضاء اللجنة الشعبية فى المنطقة، فيقول: «بسبب كثرة الاشتباكات التى تحدث يومياً بين سائقى التوك توك وباقى سائقى السيارات الأخرى، شكلنا لجنة لفك هذه الاشتباكات التى غالباً ما تنتج عن خلافات بين بائعى وتجار المخدرات من الشباب، بالإضافة لمحاولة القضاء على الازدحام المرورى الناجم عن ذلك»، ويضيف: «للأسف معظم سائقى التوك توك فى المنطقة من الأطفال وسنهم يقل عن 8 سنوات أحياناً، أنا أعتقد أن المشكلة تكمن فى الألفاظ البذيئة التى يرددها هؤلاء والتى لا يراعون فيها وجود أطفال أو نساء، وقد لاحظت تأثر ابنى بذلك، ومش عارف أعمل إيه فى المشكلة دى». ويقول سيد لطفى، موظف فى كلية التجارة جامعة القاهرة من شارع العشرين، إنه رأى 3 من سائقى التوك توك يمسكون بسكين «وشلفطوا به سواق عربية عشان ياخدوا منه إتاوة ولا حد قدر يخلص الولد منهم، والخناقات دى أصبحت شىء عادى بالنسبة لنا وبنشوفها كل يوم». توجهت «الوطن» إلى السائقين أنفسهم لسؤالهم عن سبب سوء حالة السيارات وشكاوى المواطنين المتكررة منهم، قال هانى محمد، سائق على خط صفط اللبن - بولاق الدكرور: «إحنا مظلومين، الراكب معدش له خلق حتى مش صابر يستنى لما نجيب ساندوتش أو علبة سجاير فى الطريق، ومحدش فكر يسأل عن حالنا وعن الأسباب اللى بتخلينا نعمل كده، إحنا مش بلطجية، ده إحنا بندفع إتاوة للبلطجية 15 جنيه كل يوم عشان يسمحولنا نشتغل ومش لاقيين السولار، ولما بنروح نفوّل من البنزينة بنلاقى عصابات السوق السودا مسيطرة على الجاز، وماحدش يقدر منا يجازف بحياته ويحصل على السولار بعد تفريغه فى المحطة من السيارة النقل، وإلا سيتعرض إلى القتل بالرصاص أو إصابته بالعمى من خلال رش (السيرف) على عينيه»، ويضيف: «مثل هذه الأحداث تتكرر بشكل شبه يومى، ومجموع سيارات مواقف بولاق أكثر من 200 سيارة نصف نقل موجودة فى مواقف سلم الخشب وهمفرس وبولاق، وتتجه إلى منطقة الطابق وصفط اللبن وشارع العشرين». ويضيف السائق محمد حسن -27 سنة- من صفط اللبن، أن الخناقات التى تحدث بين الركاب والسائقين يكون غالباً سببها زيادة الأجرة، وهذا ظهر مع بداية أزمة السولار منذ 3 شهور تقريباً، ويقول: «نحن لم نرفع الأجرة إلا بعد ارتفاع سعر السولار الذى وصل إلى 35 جنيها للصفيحة ومع ذلك نحصل عليه بصعوبة جداً، كذلك سعر الزيت كان سعره قبل الثورة 60 جنيها للجركن الواحد وصل الآن إلى 120 جنيها»، ويتابع: «أغلب سيارات الموقف غير مرخصة وورقها ساقط، لأن صاحب العربية عاوز فلوس وبس، يعنى العربية بصرف النظر عن سوء حالتها فإنها تعمل ورديتين، وأى خبطة تحصل فيها، السواق هو اللى بيتحمل نتيجتها، وعايز أقول للناس اللى بتقول عننا إننا بلطجية ده إحنا بنخاف من سواقين التوك توك لأنهم مسلحين بسلاح أبيض ونارى وما بنقدرش عليهم».