«والله قلبى حاسس إنى هتصور النهارده» ضحكة صافية مثل «العرقسوس المصفى» تضحكها من قلبها وهى تملأ أكياس العرقسوس والسوبيا والخروب، «الست فايزة» وشهرتها أم هند «طول السنة قاعدة فى البيت وباشتغل فى رمضان وبس». جلابية مذهبة ولفة طرحة فوق رأسها تشبه «العمامة» تجلس على ذلك الكرسى الخشبى، تحيطها «براميل» المشروبات الرمضانية، ثلاثون يوما كل عام تنتظرها كمن ينتظر الإفراج بعد طول محبسه «لما بانزل الشارع كل سنة باحس إنى رجعت البت فايزة بتاعة زمان». «البت فايزة» تلك الطفلة الصغيرة التى كانت تمسك بتلابيب أبيها وهو يحمل قِدرة العرقسوس ويخرج كل يوم باحثا عن رزقه ورزق أسرته، لم يكن خروجه فى رمضان فقط بل كانت «القِدرة» هى مصدر رزق الأسرة طوال العام، تفرح جدا بتلك الصورة التى التقطت لوالدها مع إحدى الممثلات حين جاءت للحسين وشربت منه كوب عرقسوس «حلوة صورة أبويا لكن مش عارفة مين اللى معاه» وتحكى أيضاً عن عمها اللى طلع فى الجورنال وتفرح بأنه قد آن الأوان أخيرا أن تترك لأحفادها صورة يفتخرون بها عن جدتهم. «لو العرقسوس وحش يبقى العيب فى المونة» المونة لدى أم هند تتلخص فى سؤال واحد «من أين يأتى العرقسوس؟».. «العرقسوس الصح العراقى أو السورى إنما المصرى مش أد كده» تتذكر أياما كان فيها كيلو العرقسوس بخمسة وعشرين قرشا «السنة دى الكيلو ب15 جنيه»، الست أم هند تفتخر بمشروباتها الرمضانية ونظافتها وإقبال أهالى المنطقة والزائرين عليها «أصل أنا عندى ضمير وعمرى ماغشيت». «العرقسوس المغشوش يبان من رغوته» هذا هو دليل أم هند لكشف غش العرقسوس «لو الرغوة لونها أحمر يبقى مغشوش، العرقسوس الحر رغوته بيضاء مصفرة». ثلاثة رجال مروا على حياة أم هند الأول طلقها والثانى توفاه الله والثالث «مالوش فى الطيب نصيب»، الثلاثة تركوا فى رقبتها سبعة أبناء «شقايا كله ليهم نفسى ما أخليهمش يحتاجوا حاجة».