بعد ليلة مرعبة قضيتها مع الشيخ سعيد، وإسلام العفريت، والجن الذي أراد أن يعرف مدى قوتي، وطيف ذلك القتيل، أصبحت مُطالبًا الآن بالبحث عن الحقيقة، لأعرف ممن أنتقم ومن هذا القاتل؟ أو بمعنى آخر من وراءه؟ أو سبب ما حدث. فكرت فيما حدث بغرفة الاجتماعات، وجملة "انتقام الخادم" ثم ذلك الوجه الذي رأيته في مرآة السيارة، بعدها بدأت أبحث عن هذا الخادم لأعرف كيف سينتقم وما نوع هذا الانتقام، وبقيت ممدا في السرير لبضع دقائق وغلبني النوم سريعًا، بعدها بساعات استيقظت من النوم على صوت ضحك وبكاء، وأصوات همهمة أخرى، جاءت من الصالة. خرجت من غرفة النوم، أسير ببطء وأنا ارتعش قليلا، من يبكي ويضحك؟ ومن أين تأتي هذه الأصوات؟، وبعدما خرجت تسمرت في مكاني عند الستارة التي تفصل الصالة عن غرف النوم، حيث وجدت مجموعة من الشباب يجلسون في الخارج، يتمتمون ببعض الرموز والكلمات الغريبة، في دائرة لم تكن مكتملة، لأن فتاة منهم خرجت عنها وتركتهم، وظلت تبكي وتصرخ ووجهها شاحبا. فجأة انقطع التيار الكهربائي، ووجدت شمعة حمراء كبيرة تضيء الصالة، في منتصف الدائرة التي كونها الشباب، ووجدت تلك الفتاة المرعوبة تشير بإصبعها نحوي، بعدها اعتدلت في جلستها، وابتسمت لي، واختفى كل شيء وعاد التيار مرة أخرى، ووجدت آثار الشمعة الحمراء على السجادة، وورقة مكتوب عليها، "ساعدنا.. أنقذ هالة من اللي هي فيه.. الحقنا". أخذت الورقة، واتجهت إلى الشيخ سعيد، وفي ذهني عشرات الأسئلة التي تحتاج إلى إجابة، طرقت الباب، وفتح سعيد وقال:- إزيك يا أحمد يا ابني أخبارك إيه دلوقتي.- الحمدلله يا شيخ سعيد كويس.- طيب ادخل بسرعة واقفل الباب وراك. أغلقت الباب جيدا، واتجهت إلى الكنبة التي جلست عليها سابقا وقبل أن أفتح فمي بكلمة واحدة، قال:- هات الورقة اللي معاك، خلينا نلحق هالة.- أنت تاني يا شيخ سعيد!! أنت عرفت منين المرة دي؟!!- يا ابني أنت لسه هتتردد هات الورقة خلينا نلحق البنت.- الورقة أهي بس فهمني طيب. بعدها أخرج سعيد هاتفه وفتح موقعا تروي فيها فتاة حكايتها، ما حدث معها هي وأصدقائها حينما قرروا خوض مغامرة جديدة وتحضير الجن "خادما" في منزلها، وأخبرني بأنها في حاجة إليَّ. أرسل لي الشيخ الموقع، وخرجت من عنده متجها إلى البيت وكلما قرأت حكاية هالة، أسمع صوتها تبكي وتتألم، حتى وصلت البيت وجلست الصالة وجلست في الأرض مكان الشمعة الحمراء، وأكملت القراءة وفي منتصفها، وجدت شخصا أمامي إنه نفس الوجه الذي رأيته في المرآة، نعم!، لكنه جسدا كاملا هذه المرة. وجه أبيض شاحب، وعينان شديدتي البياض في منتصفهما دائرة رمادية، وشعر كثيف أسود وكأنه مبلل، لم أكن خائفا هذه المرة لقد رأيت الكثير واعتدت على هذه الأشباح، نظرت إليه وسألته:- أنت مين؟- روح هالة- نعم؟!- أيوة الحقني.. أنا بستنجد بيك لإنك أنت الوحيد اللي بتقدر تشوفنا وتسمعنا وتحس بينا. زادت دهشتي أكثر بعدما سمعت كلامها، وقررت أن ابحث عنها وأعرف ماذا حدث لها ومن معها، فذهبت إلى مكان الموقع الذي نشر حكايته وأخذت رقم هاتفها، وطلبت الرقم في المرة الأولى كان مغلقا، وفي المرة الثانية سمعت جرسا، بعدها سمعت صوتا لمست فيه حالة من الخوف:= ألووو.. مين معايا- ممكن أكلم هالة= أنا والدتها.. أنت مين؟- أحمد= فينك يا أستاذ أحمد هالة على طول بتعيط وبتقول اسمك.. وكل شوية تسألني هو اتصل.. فيه حد رن- ممكن العنوان طيب أبلغتني بعنوان المنزل، وذهبت إليها، وقفت أمام الباب وقبل أن أطرقه انفتح الباب ببطء، فدخلت ووجدت هالة ووالدتها في الصالة، لكن هالة في حالة إغماء ووالدتها تحاول إفاقتها، أخرجت من جيبي زجاجة عطر صغيرة كان الشيخ سعيد أعطاها لي حينما ذهبت إليه، وبمجرد فتح الغطاء، فتحت هالة عينيها بشدة وظلت ترمقني وكأنها تريد أن تنقض عليَّ، أغلقت الزجاجة بسرعة ورششت عليها قطرات مياه، سمعنا بعدها شهقت وكأنها لم تكن تتنفس من قبل. تركتها حتى هدأت، وبدأت تكمل لي ما لم تكتبه على الموقع. وقالت هالة: "كنا قاعدين أنا و5 من أصدقائي وقررنا في يوم إننا نحضر جن زي ما بنسمع وبنشوف، فتحنا كتاب قديم كان معانا واللي هو معاك دلوقتي، بدأن نردد الكلام اللي كان مكتوب فيه بصوت عالي، بعدها حسيت إن فيه حاجة بتسحبني وفكت إيدنا كلنا والنور طفا ومن ساعتها وإحنا عايشين في رعب، حاجات بتتحرك وحدها والنار بتولع في أي حاجة وتطفي لوحدها ومش عارفين ننام، وساعات بتوصل لدرجة إننا ممكن نحس إن فيه حد بيعذبنا". لم تمر سوى 3 ساعات، وظهر أمامنا ذلك الخادم وانقطع التيار إلا نور الحمام، اتجهت مع هالة إليها، وفتحنا الباب فوجدنا دخانا كثيفا حجب عنا الرؤية، وكان ذلك الخادم يقف في منتصف الحمام، ورأسه في الأرض وهناك أصوات صراخ وبكاء، وأطياف حوله كأنها تتعذب، أخبرتني هالة أنهم أصدقائها، وتكلم الخادم بصوت غليظ "أنا سوف أعذبهم.. هنتقم منهم" وصدرت عنه صرخة رجت المنزل وكانت الإضاءة تأتي وتنقطع. ورأيت هالة تتحرك ناحية الحمام وتشير بيدها إلى الخادم، تمسكت بها وجذبتها إلى الخارج، وأسرعنا إلى الصالة والخادم يسير ببطء ناحيتنا ومعه أرواح أصدقائها يعذبهم، وجدت نسخة مطابقة للكتاب الموجود معي على منضدة السفرة، فتحت الكتاب وبحثت عن شكل ذلك الخادم، أمسكت يد هالة بشدة وبعدها رددت الحروف المبعثرة، وبدأت هالة تصرخ مرة أخرى، حاولت أن تترك يدي، لكني أمسكتها بشدة. جعلتها تردد معي ما أقوله، نظرنا إلينا ذلك الخادم بغضب مد يده إلينا حاول أن يخنقنا، وفي كل مرة نردد الكلام والرموز والطلاسم تختفي روح من الموجود حول الخادم ويقل الصراخ، وبدأت قواه تضعف ويتركنا رفعت صوتي وأخرجت زجاجة العطرة ورششت في اتجاه الخادم، وأنا أردد الكلام بدى وكأنني ألقي عليه نارا، وظل يصرخ إلى أن احترق أمامي. سقطت هالة مغشيًا عليها، لمدة تخطت ال20 دقيقة، استيقظت بعدها وكأنها لم تنم منذ فترة طويلة، وأخبرتني بأنها تشعر براحة كبيرة، وظلت تضحك وتتحدث معي إلى أن حدثت مفاجأة جعلتنا نفقد النطق، إنه صوت صراخ وبكاء يخرج من الحمام، دخلنا مسرعين ووجدنا على الحائط عبارة مكتوبة بالدم "مهما هتعمل أنا وأتباعي لسه موجودين.. ياما هتشوف مني". خرجت أنا وهالة في حالة ذهول، وودعتها بعدما أزلنا هذه العبارة، واتجهت إلى البيت أفكر فيما يحدث لي، وسمعت بعدها طرقًا على الباب واتجهت إليه، وفتحته لكني لم أجد أحدًا، أغلقت الباب واستدرت طرق بشدة مرة أخرى فتحته فوجدت الشيخ سعيد مبتسما، فطلبت منه الدخول، لكني لم أسمع ردًا منه، فنظرت إليه مرة أخرى فلم أجده وكأنه تبخَّر في الهواء.. ارتجفت وتذكرت ابتسامته "الصفراء" ووجدت ورقة على الأرض مكانه وبها جملة مكتوبة بالدم "النعش الملعون"....