بدأت فرنسا، المضطرة إلى انتظار التصويت في الكونجرس الأمريكي على عملية عسكرية ضد النظام السوري، حملة دبلوماسية لاقناع الاوروبيين الآخرين المتحفظين بتأييدها. ومن المقرر أن يجرى نقاش لا يتخلله تصويت، اليوم، في البرلمان الفرنسي، فيما لا تزال الأحزاب السياسية منقسمة حول إمكانية القيام بعملية عسكرية، فمن شأن تضامن أوروبا حول الملف السوري، تسهيل مهمة الإقناع التي تقوم بها السلطة التنفيذية على الصعيد الداخلي. وأكد الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند، الثلاثاء، أن "من الضروري أن تتحد أوروبا حول هذا الملف. وستفعل ذلك، وكل بلد فيها في إطار مسؤوليته"، لكن باريس تبدو حتى الآن معزولة. واستبعدت برلين أي مشاركة في ضربات محتملة في سوريا، ردا على استخدام أسلحة كيميائية، وتراجعت لندن بعد تصويت سلبي في مجلس العموم سارعت بلجيكا إلى الترحيب به، مع العلم أنها من الداعمين التقليديين لفرنسا. أما إيطاليا وإسبانيا فترفضان القيام بعملية عسكرية من دون موافقة الأممالمتحدة التي من الصعب تأمينها من دون أن تغير روسيا موقفها. ومنذ بداية الأسبوع، تزيد باريس الاتصالات مع الأوروبيين ومع وزيرة الخارجية الأوروبية كاثرين آشتون "لاتخاذ قرار توافق عليه البلدان الثمانية والعشرون إذا كان ذلك ممكنا"، كما ذكر مصدر دبلوماسي. وأضاف هذا المصدر أن "باريس ترغب في الحصول على إعلان عن الدعم السياسي من الأوروبيين، إذا لم يتأمن الدعم العملي، نطلب منهم أن يساعدونا إذا كان ذلك ممكنا، على ألا يقفوا في وجهنا على الأقل عبر إعلان من نوع: لا تدخل من دون إذن مجلس الأمن". وبلدان الاتحاد الأوروبي التي تؤيد "بشكل لا لبس فيه" تدخلا في سوريا حتى من دون تفويض أممي، ليست كثيرة. ويدخل في هذه الفئة كل من كرواتيا والدنمارك واليونان وليتوانيا ورومانيا وقبرص، كما يؤكد المقربون من وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس. ورفص فابيوس، اليوم، الفكرة القائلة إن فرنسا معزولة. وقال في تصريح لإذاعة "فرانس إنفو": "ثمة تأييد للعملية من جامعة الدول العربية. وثمة دعم عدد كبير من البلدان الأوروبية حتى لو أنها لا تشارك في العملية العسكرية". وشدد على القول "نحن في تحالف نحاول توسيعه". ويمكن إجراء فرز للمواقف في نهاية الأسبوع خلال لقاء غير رسمي في فيلنيوس لوزراء الخارجية الأوروبيين. وسينتهي هذا الاجتماع بإعلان لكاثرين آشتون تحدد فيه على الأرجح "موقفا مشتركا" إذا ما نجحت باريس في عملية الإقناع التي تجريها. ومن المقرر أن يساند وزير الخارجية الأمريكي جون كيري الموقف الفرنسي في فيلنيوس لحمل الرافضين على المشاركة في "الحملة التأديبية" لبشار الأسد. وقال جان دومينيك جولياني رئيس مؤسسة روبرت شومان المتخصصة في العلاقات الأوروبية، "لم تتطلب أزمة دولية من قبل مبادرة أوروبية قوية بمثل هذا الوضوح"، وذلك في معرض حديثه عن ضعف وزن الولاياتالمتحدة على المسرح الدولي وشلل مجلس الأمن. وتتمثل المشكلة في أن أوروبا ضعيفة في مواجهة المسائل الدفاعية، ولم يتألق الاتحاد الأوروبي في السنوات الأخيرة عبر مواقف قوية وإجماعية حول ملفات دولية. وعلى غرار عدد كبير من البلدان الأوروبية، تتعثر الطبقة السياسية الفرنسية بالقضية السورية. فأبرز أحزاب المعارضة، الاتحاد من أجل حركة شعبية، توصل بصعوبة الثلاثاء إلى موقف مشترك يقضي بعدم الموافقة على تدخل إلا بعد "نشر" تقرير المفتشين عن السلاح الكيميائي وصدور "قرار للأمم المتحدة". والاشتراكيون الحاكمون منقسمون أيضا، ويؤيد حزب الخضر، العضو في التحالف الحكومي، عملية عسكرية، أما اليمين المتطرف واليسار الراديكالي فيعارضانها، فيما لا يزال الوسطيون متشككين. وقال فابيوس، صباح اليوم، إن التدخل "سيشجع على التوصل إلى حل سياسي" في سوريا، محذرا من التقاعس. وتفيد مصادر الخارجية الفرنسية أنه إذا ما حصلت عملية عسكرية، سيخرج منها الرئيس السوري ضعيفا، وعلى الأرجح "سيفهم الرسالة"، مما يفتح آفاق حل سياس.