فرقة العدالة أو "الجاستس ليج" Justice League هم أول و أشهر فريق من الأبطال الخوارق في عالم الكوميكس والقصص المصورة والخيال! أول ظهور لهم كان على صفحات مجلة الشجاع والجريء The Brave and the Bold المصورة في العدد 28 تحديداً، والتي كانت تصدر عن دي سي كوميكس في مارس 1960 على يد الكاتب العظيم جاردنر فوكس Gardner Fox، ثم بعدها وفي نفس العام صدر للفريق أول سلسلة خاصة بهم في نوفمبر 1960 تحمل اسم فرقة العدالة الأمريكية أو Justice League of America، ومنذ ذلك الحين، وبعد النجاح الذي حققته تم تخصيص أكثر من سلسلة كوميكس لهم تحمل نفس الاسم، وظهروا في عدد كبير جداً من الكوميكس والبرامج التلفزيونية والألعاب والرسوم المتحركة الشهيرة، والتي دائماً ما يكون الإقبال عليها كبير جداً ويتابعها الجميع من حول العالم! في بداية ظهورهم على صفحات القصص المصورة تكون الفريق من سبعة أفراد وهم: سوبرمان، أكوامان، فلاش، جرين لانترن، مارشيان مانهنتر، باتمان ووندروومن، مع الوقت ومع تطورالفريق تم تغيير وتبديل العديد منهم وإضافة شخصيات جديدة لهم من عالم دي سي الواسع من أهمها: سايبورج، جرين آرو، هوك مان، آتوم، شازام، بلاك كناري، هوك جيرل، زاتانا وغيرهم الكثير! الفيلم الجديد الذي نتحدث عنه الآن ظلت دي سي تحضر له و تخطط له لسنين طويلة و منذ فترة طويلة و طالب به معجبيها وقرائها لسنين، وهو يعد أول فيلم سينمائي مصور لهم منذ بداية ظهورهم، وقد جاء أخيراً لجمهوره من حول العالم الذي انتظر طويلاً ضمن مشروع عالم دي سي الممتد DCEU، بقيادة مخرج أفلام الكوميكس العالمي "زاك سنايدر Zack Snyder"، والذي بدأ بفيلم سوبرمان "مان اوف ستيل" ثم "باتمان ضد سوبرمان" ثم "سويسايد سكواد" ثم "وندروومن" ثم فيلم "الجاستس ليج" أو فرقة العدالة الذي نتحدث عنه، والذي عرض في النصف الأخير من شهر نوفمبر من العام الماضي 2017، ومن المقرر أيضاً صدور فيلم خاص بشخصية "أكوامان" أو مائي بعده! من أهم الصعوبات التي مرت بمراحل صناعة هذا الفيلم والجدير بنا ذكرها، هو انتحار ابنة مخرج الفيلم ومهندس عالم دي سي السينمائي الأساسي زاك سنايدر فجأة وفي آواخر مراحل التصوير والتجميع للفيلم، بعد انشغال والديها عنها وتعرضها لمشاكل عديدة، في الوقت الذي ابتعد فيه والدها زاك سنايدر عنها بتفاصيل حياته ومستقبله ومشاريعه الفنية الخاصة! أدى هذا الخبر الأليم بالطبع إلى اعتذار زاك سنايدر عن تكملة العمل لانشغاله بالطبع بتفاصيل حياته ومشاكل أسرته الخاصة، وظلت مراحل صناعة العمل بعدها غامضة لفترة قصيرة إلى أن ظهر المخرج وكاتب السيناريو الشهير جوس ويدون Joss Whedon في الصورة، والذي تسلم راية العمل بعد زاك سنايدر وأنقذ العمل من الضياع والتوقف للأبد! رفض جوس ويدون إضافة اسمه في الإخراج واكتفى بكتابة اسمه في فريق الكتابة للفيلم، ويقال إن السبب في هذا هو أن اتحاد المخرجين يمنع كتابة أكثر من اسم واحد كمخرج لأي عمل عالمي أما اتحاد كتاب السيناريو فيسمح بهذا، ولهذا تمت كتابة اسمه ضمن فريق الكتابة! كما يقال أيضاً إنه تمت إعادة كتابة وتصوير مشاهد كاملة من الفيلم لتصبح مناسبة لرؤية جوس ويدون الجديدة، كما تم اقتصاص واستبعاد مشاهد كاملة من العمل بعد التصوير مثل مشهد ظهور داركسايد، ومشهد صراع جرين لانترن معه، ومشهد ظهور كيللوج (أحد اللانترنز الغير أرضيين) وتواصله مع المفوض جوردن، والعديد من المشاهد الرائعة الأخرى، والتي يشاع إنها كانت موجودة في نسخة زاك سنايدر من الفيلم وتم استبعادها دون سبب واضح، رغم أنها كانت ستضيف روعة ومتعة أكبر للأحداث ككل! الخوف والهاجس الأكبر الذي أصبح عند جميع الجمهور والنقاد بعد مرور الفيلم بهذه الأحداث والصعوبات في أثناء مراحل صناعته هو أن يصبح الفيلم عمل متقطع ومهلهل وغير مفهوم وغير متكامل أو أن يقع في نفس المشكلة التي وقع فيها فيلم باتمان ضد سوبرمان قبله وهو أن يكون طويل وممتد بشكل مبالغ فيه ويصعب فهمه لغير متابعي وقراء الكوميكس المخضرمين! ولكن بعد مشاهدتي للفيلم أرى أن الفيلم لم يقع في أي من هذه المشاكل وكان متصل ومتكامل بشكل سلس وجميل وغير ممل على الإطلاق ويسهل للجميع متابعته وفهمه دون أي مشاكل. قصة الفيلم في مجملها وبدون حرق تدور حول "بروس وين" الذي اصبع مشحونا من جديد بإيمانه في الإنساينة بعد كل هذه الأحداث السابقة وملهما بتضحية سوبرمان بنفسه في مواجهة دومزداي، يقرر بروس دون تردد الاستعانة بقدرات حليفته الجديدة "ديانا برينس" في جمع وتجنيد فريق جديد من الأبطال الخوارق لمواجهة خطر أكبر لا يمكن للحكومات التصدي له! تصميم الشخصيات والأزياء في الفيلم جاء ممتاز جدا في مجمله ولا جدال فيه ومماثل جدا للشخصيات في عالم الكوميكس وتحديدا كان مماثل أكثر أو أقرب ما يكون على الأقل من تصميمات رسام الكوميكس المبدع جيم لي Jim Lee في عالم الدي سي نيو 52 في رايي! أما اختيار الممثلين وأدائهم في العمل بمجمله كان مثالي جدا دون مبالغة وكل فنان كان مناسب مع دوره في الفيلم واتحد مع الشخصية التي يجسدها بل وأضاف إليها أيضا من روحه، وأشيد هنا بأدوار كلا من بن آفليك Ben Affleck والذي استمر في أدائه الرائع وتجسيده المظلم لباتمان أو بروس وين، وهنري كافيل Henry Cavill في دوره الممتع لسوبرمان المتوافق جدا مع سوبرمان في الكوميكس وبرأيي أرى أنه أفضل سوبرمان ظهر على الشاشة الفضية إلى الآن (ربما أفضل من كريستوفر رييف حتى!)، وجيسون موموا Jason Momoa والذي أعطى الحياة والقوة والجاذبية الرهيبة لشخصية أكوامان فعلا، وعذرا ميلر Ezra Miller والذي أضاف خفة روحية وخفة دم فوق خفة فلاش وسرعته أيضا ولكن بأسلوبه الخاص، وراي فيشر Ray Fisher الذي أعطى شخصية سيبورج المبهرة الجدية والدراما والحزم المطلوب وجسد الشخصية بشكل مناسب، والفاتنة جال جادوت Gal Gadot والتي نجحت في تجسيد شخصية وندروومن على الشاشة ببراءتها وبصورتها الصحيحة في رايي على الرغم من وجود خلاف على أدائها إلى الآن بين النقاد! أما شخصيات مثل المساعد آلفرد أو المفوض جوردن بأداء جيريمي آيرنز Jeremy Irons وجيه كيه سايمونز J. K. Simmons على التوالي فلا يمكن الحكم عليها إلى الآن مع الأسف فأدوارهما كانت قصيرة جدا وغير مؤثرة تقريبا ويقال انه تم اقتصاصها مع الأسف على الرغم من أنهما نجمان مخضرمان ويتمتعان بمواهب تمثيلية فذة إلا أنهما لم يستغلا في العمل كما يجب إلى الآن! لا شك أن المؤثرات والخدع كانت ممتازة وعلى المستوى المطلوب جدا ومتقنة لدرجة تدخلك في عالم الفيلم وأحداثه مباشرة وبدون أي مجهود وتم استغلال تقنية العرض الثلاثي الأبعاد بشكل جيد، إلا أنه هناك لغز محير جدا وغير مفهوم بالكامل وهو تجسيد شخصية ستيبن وولف الرهيبة بتقنية الكروما والكمبيوتر جرافيكس بشكل كامل مع الاستعانة فقط بالأداء الصوتي للنجم كيرين هاينز Ciarán Hinds! وهنا يكمن السؤال. لماذا لم يتم الاستفادة من أداء هاينز التمثيلي أيضا؟ لا شك أن هذا كان سيضيف واقعية وتجسيد قوي للشخصية أكثر! مدة عرض الفيلم 120 دقيقة أي ساعتان بالضبط، وهنا يكمن لغز آخر غير مفهوم! ما الذي أجبرهم على ضغط الفيلم هكذا والإلتزام بساعتين فقط على الرغم من أن محتوى الفيلم ومضمونه وعدد شخصياته يسمح بمدة أطول للعرض وأحداث أمتع وأفضل؟ ربما مشكلة المط والتطويل المملة في فيلم باتمان ضد سوبرمان قد أخافتهم من الوقوع في نفس المشكلة هنا أيضا! ولكن هذا قد أوقعهم في رايي في مشكلة أكبر وهي أن قصر الوقت مع هذا الكم المهول من الأبطال الخوارق والشخصيات الجديدة والتي لم يتم التحضير لها في أعمال مستقلة سابقة أو حتى تقديمها والتحضير لها في العمل نفسه بشكل كافي قد أثر سلبيا على الجمهور والمشاهد ولم يتيح له الفرصة الكافية للتعلق بالشخصيات أو الارتباط بها بشكل صحيح وظلم كل الشخصيات في رايي مهما كانت روعتها وبطوليتها وقدراتها! وهذه في وجهة نظري أكبر مشكلة كانت في هذا العمل وهذا هو الفرق بكل صراحة ووضوح بين دي سي ومارفل والتي أخذت وقت طويل وخصصت أعمال عديدة مستقلة للتحضير لشخصياتها بشكل صحيح وتقديمهم بالصورة المناسبة قبل النزول بفيلم يجمع أبطال متعددة في عمل واحد كالأفنجرز مثلا! تقيمي العام للفيلم 9 من 10 وهو بالطبع عمل فني متكامل يستحق المشاهدة على أي حال وكان أمامهم الفرصة لتقديمه بشكل أفضل وأمتع ولو أن فيلم ثور في رايي المتواضع كان أفضل قليلا إذا جازت المقارنة فيما بينهما بإعتبار أن العملان قد قدما للسينما في نفس الوقت تقريبا! لا تنسوا أن كل هذه مجرد آراء واجتهادات ومحاولات ولهذا ننتظر أرائكم واستنتاجاتكم في الردود بالأسفل... فرقة العدالة.. هل قدمت للسينما بشكل عادل؟