«الرجل الأول» فى جماعة الإخوان المسلمين، و«الأخير» فى مرشديها، و«الثالث» فيمن كان السجن هو «مثواهم قبل الأخير»، عرفه المصريون «طبيباً بيطرياً» ثم «مرشداً إخوانياً» ثم «حقوقياً نباتياً»، ثم ها هم الآن يتابعون صوره ولقطاته «الحصرية» وأمامه «زجاجة العصير والمياه المعدنية». الإمام البديع والدكتور الحصيف، المرشد ربما الأخير هكذا عرف المصريون د. محمد بديع وهتفوا باسمه «يسقط حكم المرشد». فيلا مطموسة بالشارع الرئيسى فى التجمع الخامس «شارع التسعين»، سكن طابقها الأول بعدما أرهقه الطابق الثالث، باب فولاذى يحصن مدخل الشقة التى اشتراها مكتب الإرشاد لتكون مقراً لإقامة المرشد فى القاهرة بدلاً من تلك الفيلا «شرق البحر فى بنى سويف» هكذا يعرف تاجر الفاكهة البسيط عنوان فيلا د. بديع فى بنى سويف، لكنه لا يعرف أين يقطن المرشد فى التجمع الخامس: «لأ.. المرشد مش هنا انتوا جايين غلط». شارع «التسعين» حيث الفيلات الفارهة تطل على «البلوكات» الفقيرة، على طرفه الراقى يسكن المرشد وعلى حافته تعيش «بسمة»، شابة عشرينية تسكن أحد البلوكات، يفصلها مول «السرايا» -مول الفقراء الشهير فى التجمع الخامس- عن رؤية مسكن مرشد الإخوان، ولكنها تكاد تمر من أمامه يومياً: «كل يوم وانا رايحة شغلى باعدى عليها وكنت عارفة إن اللى ساكن هنا هو المرشد، وأوقات كنت باشوفه رايح الجامع بس بصراحة كان بيبقى ماشى لوحده أو فيه واحد معاه بس ما اعرفوش مين».. بسمة تتذكر يوم 30 يونيو عندما خرج التجمع الخامس كله عن بكرة أبيه لطرد مرسى والمرشد من الحى: «التجمع الخامس مستعمرة إخوان من أول الرأس الكبيرة والريس لحد شباب الإخوان بس برضه ما قدروش علينا يومها». «الفولاذ» لم يحصن به المرشد باب الشقة فقط، بل أحاط به ذاته أيضاً، ولم تكفه الأسوار الحديدية التى حصن بها مخارج الفيلا ومداخلها، فنظارته الشفافة وجلبابه وعصا يتكئ عليها كلها أشياء حصنته من عيون الجميع: «محدش هنا كان واخد باله إن الرجل الكباره ده هو المرشد اللى بييجى فى التليفزيون وصوره مالية الجرايد». اسمه على جهاز النداء (الإنتركوم) خارج المنزل «ا» لا تعريف ولا توصيف فقط حرف الألف بلا همزة، لم يسأل الجيران لماذا لم يضع اسمه أو حرف «د» مثلاً.. «الفيلا مفيهاش بواب وهو لم يهتم أبداً بأن يعين بواباً يهتم ويحرس الفيلا»، يتحدث رامى سمير، الشاب الذى يسكن فى الشقة المجاورة للمرشد: «الدكتور بديع كان راجل بشوش جداً وأنا كواحد ماليش فى السياسة عرفت متأخر أوى إنه هو ده مرشد الجماعة». يذهب للمسجد ليصلى، تلك العادة الأسبوعية التى داوم عليها فى كل جمعة وكل فجر، «الاعتصام بالله» ليس عنواناً لخطاب سياسى ألقاه يوم جمعة ولكنه «اسم المسجد» الذى داوم على الصلاة به: «ده أقرب مسجد لبيته وهو كان بيفضّله عشان بعيد عن المساجد اللى مرسى بيروحها، وكان بيجتمع بعدها مع مجلس إدارة المسجد اللى كانوا بيعملوا له تشريفة خاصة»، نادراً ما يتحدث أحد عنه، فالسكان لا يعرفون عنه شيئاً سوى أنه «فى حاله» بحسب رامى: «ماشفناش حد بييجى يزوره وأسرته كانوا بيكونوا معاه وابنه عمار رحمه الله كان إنسان خلوق وطيب». منزل «المرشد» لم يختلف كثيراً عن «مكتب الإرشاد»، ففى الوقت الذى لم يكن يرى فيه رامى أحداً من زائريه كان «أحمد»، عامل الكافيه القريب من منزل المرشد، يرى زواره ويتابع لقاءاته -بحكم سهره فى الكافيه- كلما سنحت له الفرصة خاصة تلك اللقاءات والزيارات التى جمعت بين المرشد وجاره القريب «الرئيس مرسى» وكذلك زيارات موسى أبومرزوق نائب رئيس المكتب السياسى لحماس الذى اختار التجمع الخامس أيضاً مستقراً له. قيادات الإخوان، ومكتب الإرشاد كانوا ضيوف المرشد فى معظم الأيام. أحمد أكد أن معظم هذه الزيارات تتم ليلاً: «طبيعى إن الجيران ما يشوفوهاش، لأنه وقت بيكون فيه التجمع الخامس هادئ ومفيش زحمة فى الشارع».. أحمد الذى يعمل فى الكافيه قبل مجىء المرشد إلى التجمع أكد أن العديد من زبائنه قد حزنوا للقبض على المرشد فيما فرح آخرون بالخبر: «واحد جاره لما القوات الخاصة جت عشان تقبض عليه وماكانش فيه حد فى البيت وماعرفوش يقتحموا الباب الفولاذ، الجار قال لهم تعالوا احفروا أرضية المطبخ عندى وانزلوا». شقة الدكتور محمد بديع فى التجمع الخامس لا يعرف أى من جيرانه هل سيبقى اسمه ملازماً لها أم سيتغير بتغير المرشد الجديد.. «الشقة اللى استأجرها مكتب الإرشاد والتعامل سنوى مع المالك» تؤكد تلك السيدة المطلة من شباكها فى ذات الفيلا، ما زال المنزل الخاوى والأبواب الفولاذية لا تعرف عمن ستدفع فى الأيام المقبلة، ورغم شقائها اليومى فى عملها، تؤكد «بسمة» أنها ستقف فى وجه أى طاغية جديد سيسكن التجمع: «هنحاربهم، وأى حد هييجى هنقف فى وشه ومش هنخليه يعتّبها». اخبار متعلقة بيوت «الإخوان» حكايات وشهادات.. وذكرى تنفع المؤمنين فيلا «صفوت حجازى»: مقصد الأمن.. والحرامية بيت «البلتاجى» المتبقى.. لافتة «عيادة» حطمها الاهالى بيت الشاطر «الداخلية» كانت تحرسه.. والزوجة والأبناء يبحثون عن «خروج آمن» والجيران انتهت أيام «القلق» مكتب «الشاطر» اسمه «نهضة مصر».. وطبيعة العمل: مقابلة الضيوف وإدارة نشاط الإخوان و«أشياء أخرى» شقة «مرسى» كل ما بقى «كولدير» يحمل اسم «المشير» بيت «العريان» العمرانية.. انتهت «نفحات» التطوير بيت باسم عودة الوزارة.. نقطة التحول الكبرى