فجر الحكم القضائى الصادر من محكمة القضاء الإدارى بشأن الدورة 35 من مهرجان القاهرة السينمائى، أزمة كبيرة بين مؤسسة يوسف شريف رزق الله، التى كانت تتولى مهمة تنظيم المهرجان، وبين جمعية كتاب ونقاد السينما برئاسة ممدوح الليثى، التى لجأت إلى القضاء بحجة عدم توافر شروط العلانية فى مسابقة وزارة الثقافة. وبمقتضى هذا الحكم القضائى نعود إلى المربع رقم واحد، حيث يتطلب الخروج من المأزق إجراء مسابقة جديدة تتوفر فيها شروط العلانية. يرى فريق من النقاد والمهمومين بحال السينما أن الأزمة مفتعلة، وأساسها صراع شخصى، ويرى فريق آخر أن الفساد الإدارى المتراكم فى وزارة الثقافة هو سبب الأزمة، وأمر طبيعى أن تكون ساحات القضاء هى الطريق للحل. فى هذا الملف نحاول إيجاد حل لمشكلة مهرجان «القاهرة السينمائى» الذى بات مهددا بالشطب من الأجندة الدولية، ونرصد فى هذا التحقيق آراء طرفى القضية فى محاولة لحلها. المخرج مجدى أحمد على رئيس المركز القومى للسينما يقول: «بكل تأكيد كان قرار الدكتور عماد أبوغازى وزير الثقافة الأسبق هدفه مصلحة مصر، حيث رأى أن مهمة تنظيم مهرجان القاهرة السينمائى يجب أن تكون مهمة ومسئولية جمعيات أهلية، وأن يقتصر دور الدولة على الدعم فقط، وعلى هذا الأساس تم تنظيم مسابقة على أساسها تم إسناد مهمة التنظيم لمؤسسة يوسف شريف رزق الله التى تعمل منذ عام تقريبا حتى تخرج الدورة 35 بصورة تليق باسم مصر». وأضاف مجدى أحمد على: «وبالمناسبة الحكم القضائى الصادر بإلغاء إسناد المهرجان لجمعية يوسف شريف رزق الله أصابه العوار، حيث إن المحكمة حكمت بما لم يطلبه الخصم، فلم يطلب ممدوح الليثى فى دعوته القضائية رد الأمر إلى وزارة الثقافة وإجراء المسابقة من جديد، ولا أعرف من أين علمت المحكمة بغياب المعايير والضوابط عن المسابقة؟». وواصل «مجدى» حديثه: «سوف يتم الطعن على الحكم أمام الإدارية العليا، وأتمنى أن يتوقف «الليثى» عن أفعاله، لأنه يحاول تصفية حساباته الشخصية من خلال مهرجان القاهرة، وأقول له إن الأمر خطير ومتعلق باسم مصر وسمعتها، لأن عدم إقامة المهرجان فى موعده هذا العام يهدد بشطبه من الأجندة الدولية، وهذه كارثة كبيرة». ويرد ممدوح الليثى قائلا: «أنا مندهش من هجوم مجدى أحمد على، فهو مخرج فاشل ولم ينجح فى أى منصب إدارى، وتسبب فى خسارة إلهام شاهين مبلغ 7 ملايين جنيه فى فيلم «خلطة فوزية»، ولا أعرف لماذا يتهمنى بتصفية الحسابات الشخصية من خلال المهرجان، والحكاية باختصار أن أى مسابقة تنظمها الدولة يجب أن تتوفر فيها شروط العلانية، لكن ما حدث هو إقامة المسابقة فى السر، والأمر الغريب أنه اشترك فيها واحد فقط، هو يوسف شريف رزق الله، وطبقا للقواعد والضوابط يجب أن تكون الجمعية أو المؤسسة المتقدمة لتنظيم المهرجان مشهرة، والحقيقة أن جمعية «رزق الله» لم تكن مشهرة، وكانت «تحت التأسيس» عندما أسندت إليها مهمة تنظيم المهرجان، وهذا ما يكشف حجم الفساد الإدارى الذى خيم على وزارة الثقافة أثناء وجود الدكتور عماد أبوغازى». وأضاف «الليثى»: «أنا متمسك باللجوء للقضاء حتى تتحقق العدالة وتتساوى الفرص، وأطالب بمحاكمة كل الذين تورطوا فى هذه المهزلة، ابتداء من أعضاء المركز القومى للسينما وانتهاء بأصغر موظف فى وزارة الثقافة، لأن كل شىء يبنى على باطل فهو باطل». ويتبرأ الدكتور عماد أبوغازى من الأزمة قائلا: «لا أريد الحديث فى الموضوع ولا أعرف لماذا نقحم القضاء فى كل كبيرة وصغيرة فى حياتنا، لا تسألونى عن أى شىء متعلق بوزارة الثقافة فقد خرجت منها وأصبحت مهموما بالقضايا التى تمس الواقع السياسى والفكرى، لذا لا أهتم بمن سيكون المسئول عن مهرجان القاهرة السينمائى». أما الناقد طارق الشناوى فيقول: «عندما أتأمل أزمة مهرجان القاهرة السينمائى أتذكر بيت الشعر الذى قاله أبوفراس الحمدانى.. إذا مت ظمآن فلا نزل القطر.. وهذا ما ينطبق على موقف جمعية الكتاب والنقاد التى يترأسها ممدوح الليثى، فمؤسسة يوسف شريف رزق الله تواصل التحضير للمهرجان منذ عام تقريبا، وسبق أن أصدر الدكتور عماد أبوغازى قرارا بإلغاء المهرجان عام 2011 وكان السبب هو الانفلات الأمنى، وهذا كان قرارا خطيرا لأنه يهدد الصفة الدولية للمهرجان، والحقيقة أن الاتحاد الدولى للمنتجين فى باريس قدر الظروف السياسية التى كانت تمر بها مصر، ومن المستحيل أن يتسامح الاتحاد الدولى للمرة الثانية هذا العام، لذا أرى أن حل المشكلة يجب أن يتضمن شقين.. الأول قانونى وهو أن يتحرك مسئولو وزارة الثقافة والمركز القومى للسينما للطعن على الحكم، والشق الثانى هو أن تواصل مؤسسة يوسف شريف رزق الله العمل والتحضير حتى لا نتخلف ونسقط فى فخ يصعب الخلاص منه، وبصراحة الوصف الوحيد للأزمة هو أنها صراع شخصى بين ممدوح الليثى وبين يوسف شريف رزق الله، وأتمنى أن تسقط المصالح والصراعات الشخصية من أجل الحفاظ على جوهر ومستقبل مهرجان القاهرة السينمائى». ويقول الفنان حسين فهمى الذى كان رئيسا للمهرجان: «لا خلاف أننى كنت من أشد المعارضين لإلغاء المهرجان عام 2011، حيث كنت أتمنى أن يقام ولا يتخلف حتى يرى العالم مصر الثورة، والآن أشعر بحزن بسبب الخلاف الدائر حول تنظيم المهرجان، وأتمنى أن يتفق الجميع على حب مصر، ونحرص على إقامة المهرجان فى موعده حتى لا يكون مصيره الشطب من الأجندة الدولية. وبالمناسبة المجموعة التى تم إسناد مهمة تنظيم المهرجان لها هى المجموعة التى كانت تنظمه بالفعل وعلى رأسهم يوسف شريف رزق الله، والآن علينا انتظار حكم القضاء وفى الوقت نفسه الاستمرار فى التحضير للمهرجان، لأن مصر الآن فى حاجة ماسة إلى المهرجانات الدولية حتى تستطيع استرداد قيمتها ومكانتها فى الجذب السياحى». وأخيرا يقول يوسف شريف رزق الله: «ما يحدث يعد شوشرة على المهرجان، فنحن نعمل منذ عام تقريبا وتسلمنا أكثر من 200 فيلم من 45 دولة، وتم تحديد موعد إقامة المهرجان فى الفترة من 27 نوفمبر وحتى 6 ديسمبر، وتم الترويج للمهرجان على هامش مهرجان «كان»، وأخاف أن تنال الخلافات حول التنظيم التى امتدت إلى ساحة القضاء من سمعة المهرجان، وأن يتخذ الاتحاد الدولى للمنتجين قرارا يضر بمهرجان القاهرة السينمائى». وأضاف «رزق الله»: «لم يتم التحايل من جانب مؤسسة مهرجان القاهرة السينمائى للفوز بالتنظيم، كما ادعى ممدوح الليثى فى دعوته القضائية، فعندما أصدر أبوغازى القرار بتخلى وزارة الثقافة عن التنظيم وإسناد المهمة لإحدى الجمعيات الأهلية، أرسلنا ملفا للتنظيم، وكان ذلك فى شهر أكتوبر، وأعجب القائمون على العمل فى الوزارة بالملف، وعلى هذا الأساس فزنا بمهمة التنظيم، وتم إشهار الجمعية الخاصة بنا فى يناير وهذا يكشف حسن النية وليس العكس».