قالوها زمان «يغلبك بالمال إغلبيه بالعيال».. «اللى مالوش ولد مالوش سند»، أمثلة شعبية وحكايات تتردد على مسامع الملايين من السيدات يومياً، تارة ترويها الأم، ومرة أخرى تحكى الجدة لحفيدتها عن خلاصة تجاربها بمثل شعبى، وأحياناً تجبرها حماتها على أن تنجب «أورطة» عيال حتى تفرح بأحفادها، معتقدات مختلفة تؤمن بها السيدات من طبقات مختلفة بالمجتمع، سلّمن لها واقتنعن بأن الستر فى العزوة وليس فى كثرة المال، سرن على خطى أجدادهن واعتبرنها طريقة أساسية لاستمرار الحياة الزوجية: «اربطيه بالعيال» أنسب حل للحفاظ على أزواجهن من التفكير فى الزواج من أخرى، حيث إن كثرة الأعباء طيلة الوقت تبقى كالشبح الذى يراوده كلما فكر فى تكرار التجربة ثانية، فالحفاظ على استقرار أسرهن كان هدفهن، ولكن وسيلة تحقيقه كلفت المجتمع الكثير حتى وصل تعدادنا ل104 ملايين نسمة. الإصرار على إنجاب «الولد»، خاصة بالصعيد، هو ما دفع «أم كريم»، 40 سنة، للاستمرار فى «الخلفة» حتى بعد إنجابها لطفلتها الثالثة: «اتجوزت من وأنا عندى 16 سنة، خلفت التلات بنات وبعدها خدت حبوب منع الحمل فترة»، ولكن يأتى الزن على «الودان» من جانب والدتها بما لا يشتهى الزوج، فبعد عشر سنوات من حرصها على أن تستخدم الوسائل المختلفة لمنع حملها الرابع، قررت إيقافها: «أمى هى اللى كبّرت الموضوع فى دماغى، فضلت تزن عليا وتقول لى جوزى هيهرب منى ويتجوز تانى عشان ماجبتش الواد». معاناة صعبة عاشتها «أم كريم» أثناء ولادة طفلها بسبب إصابتها بالضغط: «أنا كنت هموت وانا بولد»، وعلى الرغم من إنجاب «أم كريم» للولد فإنها لم تكتفِ بذلك، فبعد عشر سنوات أخرى قررت تكرار التجربة خوفاً من أن يتزوج عليها زوجها: «جوزى دايماً مقعدنى فى قلق وشك والخلفة هى أكتر حاجة بتكتّفه». «أم كريم»: عاشت معاناة بسبب «زن والدتها» لتنجب كثيراً.. و«سيد» يؤمن بفكرة «العزوة» تهديدات زوجها المستمرة لها بالطلاق إذا استمرت فى «الخلفة» بسبب كثرة الأعباء المعيشية لم تؤثر على قرارها الذى اتخذته، وشجعتها والدتها: «آه الخلفة خدت من صحتى كتير بس هى اللى رابطة جوزى بيا.. نقطة ضعفه اللى مايقدرش يطلقنى بسببها، ولو طلقنى هيرجع لى تانى عشان عياله». اقتناع الزوج بأهمية العزوة ووجود السند جعله «يهاود» زوجته، وينجب منها 8 أبناء، صابر طايع، 57 سنة، من قرية العياط بالجيزة: «طول عمرى متربى على إن العيال عزوة، وتحديد النسل عندنا حرام»، ظروف صابر المادية المتيسرة أعانته على تربية أبنائه واستكمال تعليمهم: «علمت عيالى ما بين التعليم الصناعى والفنى، وأصغر طفلة عندى فى تانية ابتدائى»، وبنبرة هادئة أكمل «صابر» حديثه: «كل عيل بيجى برزقه فأنا ماينفعش إنى أعترض على إرادة ربنا.. عيالى دول هما اللى هيسندونى لما أكبر وأعجّز». يرى «صابر» أن أولاده هم استثماره الأول والسند الوحيد له بعد بلوغه سن ال60: «كلها كام سنة وأطلع على المعاش وهفتكر إن نصيحة أهلى ليا بالخلفة الكتير كانت صح لما أتعب وألاقى بناتى بيخدمونى وأولادى مش مخلينى محتاج أى حاجة». على الرغم من عمله ك«أرزقى» على باب الله إلا أنه حرّم على زوجته أن تستخدم أى وسيلة لمنع الحمل لاعتقاده أن «الخلفة رزق لا يُرد»، سيد حسين، 40 سن، لديه 6 أبناء يصفهم بأنهم أغلى ما يمتلك، أكبرهم 18 عاماً، وأصغرهم رضيع لم يكمل عامه الثانى بعد: «مش هبطل خلفة أبداً.. لو ربنا رايد لى أمنع الخلفة.. غيرى بيتمنى ربنا يرزقه بطفل». على الرغم من عدم توافر دخل شهرى ثابت ومحدد لدى «حسين» فإن ذلك لم يجبره على التراجع عن تنفيذ فكرته: «أسرتى بقوا 8 أفراد فقررت إنى ماعلمش عيالى لأن مش معايا فلوس أعلمهم». فاتورة تكوين «العزوة» كانت على حساب راحة «حسين»، حيث يبحث بين الفترة والأخرى عن وظيفة إضافية ليزيد بها دخله: «ممكن يطلع لى فى الشهر 5 آلاف جنيه بعافر بيهم مع عيالى، خاصة أن مصاريف ابنى الصغير بتاخد كل المرتب، بس على قلبى زى العسل وراضى»، وبحسب «سيد» فإن سكنه فى شقة إيجار قديم هو ما أنقذه من موجات ارتفاع الأسعار: «بدفع إيجار يدوب 80 جنيه وفواتير 250 جنيه».