لأكثر من سبب قرر أبوالحجاج محمد حسن الاكتفاء بطفل واحد، ليس اقتناعاً منه بالحملات الحكومية لتنظيم الأسرة فحسب، بل لسبب أهم وهو ضيق ذات اليد.. وبمنطق «تيجى منى أحسن ما تتفرض علىّ»، وضع أبوالحجاج لنفسه هدفاً وهو أن يعمل من أجل تربية طفل واحد فقط، يحسن تربيته ليصبح مواطناً صالحاً ويعوض من خلاله ما حرم منه طوال 27 عاماً. دخله البسيط من عمله كبائع فى أحد محال الفول والطعمية ساعده كثيراً على تحقيق حلمه، حيث يقابل يومياً مئات البشر لديهم هموم كلها تتعلق بكثرة العيال وقلة الرزق، وكلما شاهد هذه النماذج دعا ربه بأن يرزقه ذرية صالحة، ويبدو أن الدعوة تحققت، ففى أقل من عام حملت زوجته وجاءه الخبر الذى لم يعلم هل يفرح به أم يحزن بسببه. شعرت زوجته بألم فوق العادة، وعندما ذهبت إلى طبيب متخصص أكد حملها فى أربعة توائم بصحة جيدة، وهو ما اعتبره الطبيب حالة نادرة.. هنا توقف أبوالحجاج مع نفسه قليلاً: «أنا مصدقتش نفسى أول ما عرفت.. دعيت ربنا يدينى واحد، وآخر حاجة كنت أتوقعها إنى أبقى أب لأربعة أطفال وأنا لسه عندى 27 سنة». دخل أبوالحجاج الشهرى لا يزيد على 900 جنيه، حيث يحصل فى الوردية الواحدة على 30 جنيهاً، ويدفع 300 جنيه إيجاراً لشقة قانون جديد فى منطقة الطالبية التى يسكن بها: بعت كل الدهب بتاع مراتى عشان أعرف أصرف على عيالى الأربعة، بس الحمل تقيل علىّ أوى، خصوصاً أنها ولدت فى الشهر السابع، وفيه طفلين من الأربعة لسه فى حضانات، وده بيكلفنى مبالغ ضخمة أنا مش قادر عليها». لا يدرى أبوالحجاج حتى الآن يفرح أم يحزن، فرغم رضائه بقضاء الله ورزقه، فإنه لا يجد سبيلاً لتوفير رزق أطفاله: كنت عايش كويس أنا ومراتى بمرتبى، لكن بعد الخلفة ما بقيتش قادر، وعرفت إنهم فى بلاد برة لما الأسرة بتخلف أكتر من 3 توائم الدولة بتديهم مساعدات، طب أنا جبت أربعة بس مش لاقى حد يساعدنى». اللبن الصناعى وحفاضات الأطفال أكثر المشكلات التى تواجه أبوالحجاج وتنغص عليه نومه ليلاً: «علبة اللبن الصناعى ب17 جنيه، واستهلك علبة فى اليوم للطفلين اللى معايا، ده غير فلوس الحفاضات اللى قطمت وسطى، وكل ده ولسه الطفلين التانيين مخرجوش من حضاناتهم، مش عارف لما يخرجوا ويبقوا الأربعة معايا أنا هاعمل إيه». ياميش هذا العام أغلبه مستورد.. التين من سوريا وتركيا، القراصيا من المغرب، وعين الجمل واللوز والبندق من أمريكا. أما الأسعار فتأتي مرتفعة ولكنها تذوب فى حالة غلاء الأسعار العامة التي يعانيها المصريون فى رمضان. بعد الإفطار يتألق الياميش ولكن بدون «صنع فى مصر» .