الأمومة..عاطفة تتميّز بها جميع النساء، تتجسد في الحب والأمان والإحتواء، فباستطاعة أي سيدة أن تكون أمًا لكل من يحتاج عاطفة الأمومة حتى وإن لم تلدّ طفلاً، فهي نعمة زرعها الله في قلوب النساء وتميّزن بها عن الرجال. وإحتفاءًا بعيد الأم، الذي يحتفل به العالم يوم 21 مارس من كل عام، تواصلت "الفجر" مع عدد من السيدات اللواتي قصصن حكاياتهنّ عن تاثير الأمومة في حياتهن. أم يوسف..بائعة الجبن أم يوسف، إمرأة في العقد الخامس من عمرها، أرملة، كانت ربة منزل حتى وفاة زوجها، أصبحت تعول أولادها الأربعة "ولد، ثلاث بنات"، واستطاعت بالجبن والبيض أن تُحّيي أولادها حياة كريمة. روت "أم يوسف" حكايتها، فقالت: "عندي 55 سنة، أم لولد وثلاث بنات لسه متجوزوش، عايشين في جرزا العياط، كل يومين بسافر الجيزة علشان أبيع بيض وجبنة علشان أعرف أعيش أنا وأولادي، جوزي مات وعمري كان 30 سنة، كان بيشتغل هو ويصرف علينا وبعد وفاته الدنيا اتغيرت ومبقناش نلاقي ناكل، فقررت أنزل اشتغل علشان عيالي يعرفوا يعيشوا ويكملوا دراستهم". وعن معاناتها تقول "أم يوسف": "في البلد بيشتروا مني بثمن قليل، ففكرت أسافر وفعلا بقالي 5 سنين بسافر كل يومين أروح الجيزة بالبضاعة أرجع بحمد الله من غيرها، بتعب وبتعرض لمضايقات من رجالة كتير بس بستحمل علشان خاطر عيالي، كمان بقيت بشتغل ببقي للناس اللي بتشتري مني فلوس يا عالم هرجع أخدها ولا لأ بس هعمل ايه بدل ما أشحت أو اجيب لبناتي جوز أم يأرفهم". واستكملت: "في مرة كنت مسافرة والعربية اللي ركباها عملت حادثة، وفضلت في المستشفى يومين محدش يعرف عني حاجة لحد ما رجعتلهم تاني، وقتها عيالي كانوا لسه صغيرين مش عارفين يتصرفوا قعدوا يعيطوا يومين لحد ما رجعتلهم، الأمومة احساس حلو أوي بيخلي الست ممكن تضحي بنفسها علشان أولادها". مدام ألبير..أم قطط حديقة الحيوانات السيدة توفيقية منير باسيني، إمرأة في العقد السابع من عمرها، أرملة، كانت موظفة على درجة مدير عام بوزارة الزراعة، وحيدة تعيش بمفردها، بعد وفاة أفراد عائلتها الذي كان أخرهم زوجها، اتخذت من قطط حديقة الحيوان أبناءً لها، وكرست حياتها لهم منذ وفاة زوجها السيد ألبير. لمدة 30 عام تستيقظ السيدة توفيقية الشهيرة ب"مدام ألبير" في العاشرة صباحاً تقوم بالنزول لشراء طعام للقطط من محلات بيع الدجاج، أو من كنتاكي، فتشتري بقايا الطعام منهم وتعود للمنزل لتحضير تلك الأطعمة وتعبئتها في شنط، ثم تتجه لحديقة الحيوانات حيث الأماكن التي تقبع بها القطط، وتظل جالسة مع القطط داخل الحديقة حتى غلقها في الخامسة، فتخرج للقطط خارج أسوارها وتقضي معهم وقتًا آخر تطعمهم حتى تأتي العاشرة مساءًا فتعود مرة أخرى للمنزل لتنام، ثم تستيقظ صباحًا لتكرار هذا اليوم من جديد. تقول مدام ألبير: "حكايتي مع القطط بدأت من 32 سنة بعد وفاة جوزي، وقتها لقيت قطة متعورة وتعبانة فأكلتها، ولقيت بعدها قطط كتير بنفس الحالة ومن يومها وأنا كل يوم بتردد على الجنينة علشان أكلهم". إنسانية مدام ألبير مع قطط حديقة الحيوان، لم تقف حائل ضد الاعتداءات التي تتعرض لها السيدة المسنة، التي أشارت أنها تتعرض داخل الحديقة لكم مضايقات وتحرشات لم ترحم سنها، فقالت: "فيه أولاد كتير بيتحرشوا بيا جوا الجنينة، وساعات بتوصل لحد الاعتداء الجنسي بس برضو مفيش يوم غبت فيه عن أولادي القطط". وسيدة القطط أصبحت مثل الأم الحقيقية للقطط فهم يعرفونها ويحفظون صوتها، ما إن يعلو صوتها بمناداتهم قائلة "يا قطة" حتى تهرول إليها مجموعات منهم بالمجئ إليها، لتتحول تلك المدينة لأم لتلك القطط. نجاة..أم الأيتام السيدة نجاة محمد، إمرأة في العقد السادس من عمرها، متزوجة، حرمت من طفلها الوحيد فاتخذت من الأطفال الأيتام أبناءًا لها، لتستطع من خلالهم إشباع عاطفة الأمومة التي حرمت منها، حتى يعيد لها ابنها". تروي نجاة قصتها فقالت: "عندي 60 سنة دلوقتي، ومن يوم ما ابتديت أوعى على الدنيا وأنا عندي عشرين سنة وبحلم أكون أم، اتأخر جوازي شوية لحد سن ال30، وافقت اتجوز واحد كان أكبر مني بعشر سنين، بس للأسف كان بني آدم طباعه غريبة، عذبني وكان بيضربني بس كنت مستحملة علشان ده كان الأمل الوحيد إني أخلف، وفعلاً ربنا رزقني بولد وكانت عندي مشاكل في الرحم كانت هتمنع أني أخلف مرة تانية". واستكملت: "عيشت معاه خمس سنين بعد الولادة بتقبل إهانات وتعذيب مفيش بني آدم يتقبلها علشان ابني، لكنه حرمني من ابني بعد كل ده، سافر هو والولد، ومحدش عارف من أهله حاجة عنه ودورت عليهم كتير، بقالي عشرين سنة بدور عليهم ومش لقياهم، بس بحافظ على صحتي ونفسي علشان أقدر ألاقي ابني واحضنه مرة واحدة قبل ما أموت". وتابعت: "أول خمس سنين من سفره كنت بلف الشوارع لحد ما كنت هتجنن اتعالجت وقررت أهدى وأحافظ على نفسي علشان ابني، واشتغلت دادة في دار أيتام، براعي الأطفال اليتامى علشان ربنا يسخر لابني اللي تراعيه، الأطفال بيحبوني جداً وبيعملوني كأني أمهم بجد، وأنا كمان بحبهم، بس نفسي ابني يرجعلي وأشوفه مرة واحدة بس حتى قبل ما أموت".