أشار الداعية الإسلامى الحبيب على الجفرى إلى أن مهمة العمل على نشر الخير والمعروف والعمل على تصحيح الخطأ المجاهَر به، هى مهمة لا بد من وجودها فى الأمم، وأن الأمم التى لا تأخذ بهذه الطريقة تقابل الموت. وقال الجفرى إن المشكلة فى آليات التطبيق التى تُنفذ، وعدم فهم ذلك، وأضاف: «هناك صفة عامة أن يرى البعض الخطأ ويحاول النهى عنه مثل سرقة أمول الفقراء، وأنها مهمة كل إنسان حينما يرى باطلا فليتصرف وألا يتقاعس عن الخير، وهى صفة عامة لدى المواطنين، ومنها ما هو دور اختصاصى من الأمر بالمعروف مختص بالسلطة التشريعية التى تقرر قوانين تمنع وقوع مفاسد أو دور السلطة التنفيذية مثل شرطة الآداب التى إن قامت بعملها بشكل تام فهو نوع من الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر، وأن قطاع الشرطة هو أيضا صورة من صور النهى عن المنكر عند الأخذ على يد البلطجية، وأن المعارضة التى تقف أمام السلطان الجائر ومحو الأمية والحث على الأخلاق الراقية والسعى لتطوير الصناعة كل هذه الأمور هى من أشكال النهى عن المنكر». وأضاف الجفرى أن هناك نوعين من الأمر بالمعروف؛ أولهما بتكليف من الدولة أو مؤسسات المجتمع المدنى من خلال وضع القوانين، وثانيهما ثقافة كل إنسان، لكن للأسف الشديد فإن الأمية الدينية فى المجتمع تجعل كثيرا من التصرفات القائمة غير المقررة. وأشار الجفرى إلى أنه للقيام بالنهى عن المنكر والأمر بالمعروف هناك واجب نصحى إرشادى بأن يقنع من يرتكب الخطأ بأن يترك فعل الخطأ من خلال الموعظة الحسنة والترغيب، وإن لم يستجب له فجانب الإلزام تكون المؤسسة هى المسئولة عنه، وأكمل حديثه بأن القصة ليست أن تمنع الجريمة بل أن تُخرج حب الجريمة من قلب من يرتكبها، لأن المفهوم الصحيح للنهى عن المنكر هو تغيير المنكر من خلال إقناع المرتكب بعدم الاستمرار فى ارتكاب المنكر. وأشار الجفرى وفقا لرؤية الإمام الغزالى إلى أن هناك ثلاث صفات لا بد من توافرها فى مَنْ يقدم على النهى عن المنكر والأمر بالمعروف ليكون فعله صحيحا؛ وهى أن يكون عالماً فى النهى؛ حيث إنه قد ينهى عن أمر قد يكون مختلفاً عليه أو أن ينهى عن شىء لا يجوز النهى عنه أو أن يفترض افتراضات، فمثلاً أن يكون شاب وإلى جانبه شابة يمشيان فلا نظن أنهما على خطيئة، فقد تكون أخته أو زوجته، فليس الأخذ بالمظنة من صلاحيات من يريد النهى عن المنكر ما دام لم يرَ فعلاً فاضحاً حقيقياً. وثانية هذه الصفات هى الورع، فلا يكون فى فعله البحث عن الجاه أو الشعور بنشوة القوة، وأنه لا يبحث عن الشهرة، فإنه يفعلها لوجه الله تعالى، وأخيراً حُسن الخلق فبدونه لاينفع علم ولا ورع. وأكد الجفرى أن الحفاظ على صحة الإنسان أهم من النهى عن المنكر، لأن القفز على «الدعوة إلى الخير» إلى «النهى عن المنكر» أمر مخالف للسياق القرآنى. وقال الداعية الحبيب على الجفرى فى لقائه مع الإعلامى خيرى رمضان فى برنامج «ممكن» الذى يُذاع على شاشة «سى.بى.سى»: «إن مفهوم الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر هو نشر البر والخير وتصحيح الخطأ المجاهَر به، لكنه يتوقف على آليات وشروط التطبيق والفهم الصحيح لآلية تصحيح هذا الخطأ بحسن الخلق والموعظة بالحسنى والصبر على رد الفعل من الطرف الآخر». وأضاف الجفرى أن العمل والحث على الأخلاق الراقية وتطوير الوطن هو أمر بالمعروف ونهى عن المنكر. وأكد الجفرى أن الأمية الدينية هى السبب فى خلل فهم الفرد للأمر بالمعروف والنهى عن المنكر. وأضاف الحبيب على الجفرى أن القرآن والسنة فى تاريخ أمة محمد (صلى الله عليه وسلم) يتحولان إلى برامج عمل ثم إلى مؤسسات قائمة مثل مؤسسات كثيرة موجودة لدينا الآن بمسميات مختلفة. وأن الأصل هو الأمر بالمعروف قبل النهى عن المنكر، لذلك فإن من يقوم بالترهيب قبل أن يقوم بالترغيب يؤدى إلى نتائج عكسية. من جانبه، أشار أسامة السيد -المشرف العام الأزهرى- إلى أن الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر قيمة من قيم القرآن، تؤدى إلى ضبط إيقاع العمل والمؤسسات فى أمة الإسلام، وجرت العادة على فهم آيات القرآن وتحويلها إلى برنامج عمل ومنهج تطبيق وإلى مؤسسات، ولا يصح أن نتجاهل التراث والتاريخ فى كيفية تعامل الأمة المحمدية مع أوامر الله؟ وأضاف أن الإمام المواردى يرى أن الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر كمراقبة الأسواق وما يجرى بها، وهو ما يتمثل فى «مباحث التموين» التى تقوم بذلك، ومراقبة السلع والبضائع ومراقبة الطرق «شرطة المرافق»، ومراقبة البيوت الآيلة للسقوط «رئاسة الحى».. كل هذه الوظائف هى أمر بالمعروف ونهى عن المنكر، لكن يحدث اختزال وضيق بالأفق فى تطبيق هذه الكلمة مع أنها جزء من مؤسسات الدولة وإن كانت بمسميات مختلفة مثل «حقوق الإنسان» و«حماية المستهلك». مشيراً إلى أن منظومة الأخلاق فى مصر لا بد أن تقوم على خمسة أسس؛ وهى المنزل والمدرسة والشارع والتعليم والإعلام والمسجد، كى تصنع منظومة القيم لدى الإنسان المصرى، وأن الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر أكبر من أن نقول للناس ماذا تفعل وماذا لا تفعل. يذكر أن الحلقة شهدت دموعاً من قبل الشيخ الجفرى أثناء مداخلة لإحدى السيدات التى أعربت عن خوفها من النزول إلى الشوارع بسبب حادثة شاب السويس.