هو عصب «الإخوان المسلمين» الخفى ووجهها الغامض. يعتبرونه يد الغوث والمنقذ لجماعة تحتضر، ويحسبونه مرشدهم الحقيقى، فوحده بعيداً عن أى خطر قد يواجههم، محمود عزت النائب الثانى لمرشد الجماعة، يجلس بعيداً عن دائرة الاشتباك، يخطط ويدبر ويوجه التعليمات بطرف إصبعه فتبدأ جماعته على الفور بتنفيذ كل ما قاله جملة وتفصيلاً دون تفكير، حياته هى الأهم بين غالبية القادة، وهو ما يفسر وجوده خارج القاهرة وبالتحديد فى أحد فنادق غزة الشهيرة وسط حراسة مكثفة من عناصر حركة حماس، يصنف على أنه الأكثر محافظة بين الجماعة لإيمانه الشديد بأفكار سيد قطب الذى اعتقل معه فى عام 1965 فى القضية المعروفة بقلب نظام الحكم، ظل «عزت» حبيس السجن لعشر سنوات كاملة تشرّب خلالها فكر ومنهج قطب بتشدده وتعصبه، وصار ينهج نهجه، حمل ما لديه من أفكار اعتنقها وصار عضواً ناشطاً بالجماعة إلى أن انضم لمكتب الإرشاد فى عام 1981. حصوله على الدكتوراه فى عام 1985 لم يمنعه من الاستمرار فى العمل السرى لتلك الجماعة، وهو ما دعا لاعتقاله ثانية فى القضية المعروفة باسم «سلسبيل» أوائل التسعينات، والتى شاركه فيها قرينه فى القوة بين قيادات الإخوان المسلمين المهندس خيرت الشاطر، لكن عزت له وضعية مختلفة عن نظيره الشاطر، فكلاهما يمثل جناح الجماعة القوى، إلا أن الأول يعد أحد أعمدة بناء التنظيم الدولى. ثمة علاقة وطيدة تجمع عزت بالدكتور محمد بديع المرشد العام الحالى. فى الغالب يعود سببها لكون كليهما ربيب أفكار سيد قطب الأكثر محافظة، وهو ما يضع عزت فى مكانة مهمة لدى الجميع من قادة الإخوان وحيثية تتساوى مع المرشد العام بل تفوقها لكونه هو المحرك الرئيسى فى الجماعة. كان صعود بديع وعزت وزملائهما من المتشبعين بأفكار «قطب»، دليلاً يثبت للباحثين فى شئون الحركات الإسلامية رؤيتهم الذاهبة لأفول نجم التيارات الإصلاحية داخل الحركات الإسلامية، يتعلق الجميع بأحبال الرجل الغامض، ينتظرون قراراته وتعليماته، فتنتقل قيادة مكتب الإرشاد إلى غزة حيث يلجأ كبيرهم. قبل أيام ذكر موقع إسرائيلى فى تقرير صحفى أن «محمود عزت هو المرشد الحقيقى للجماعة»، و«هو من يصنع خططهم لنشر الفوضى والهجمات المسلحة ضد الجيش والشرطة فى سيناء، ومنها إلى جميع مدن مصر لتصل خارج شبه الجزيرة»، بل إن قرار بقاء أعضاء الجماعة فى الميادين هو قراره لإشغال العالم بالاعتصام وترك الجماعة تدير عملياتها فى سيناء دون ضغط عليه، كما روج الموقع الإسرائيلى، مما يخلق مساحة للتفاوض ومن ثم البقاء، أو منح جماعتهم قُبلة الحياة بعد رحلة من الموت وقعت بفعل الغباء السياسى لقياداتهم.