فجرت الناشطة النوبية الدكتورة منال الطيبى، التى تشغل موقع المقرر المساعد للجنة الحقوق والحريات فى اللجنة التأسيسية للدستور، أزمة داخل اللجنة، بسبب إصرارها على وضع عبارة «عدم التمييز على أساس العرق» فى المادة الخاصة بعدم التمييز بين المصريين، وتسبب تمسك الطيبى بموقفها فى نزاع مع الدكتور محمد محسوب، القيادى فى حزب الوسط، حيث أعلنت انسحابها من اللجنة، وهددت بالاستقالة من لجنة إعداد الدستور، إلا أنها عدلت عن موقفها بعد أن تمت الاستجابة لمطلبها.. التقينا بالدكتورة منال الطيبى للتعرف على موقفها من قضايا الحقوق والحريات فى الدستور الجديد، وأجرينا معها هذا الحوار: * على أى أساس اتخذت قرارك بالعودة للجنة وضع الدستور؟ بعض القوى السياسية اتصلت بى، وأكدوا الموافقة على مطلبى بصياغة المادة الخاصة بعدم التمييز على أساس العرق، كما وافق الدكتور محمد محسوب الذى كان يقود معارضة لهذه الصياغة، وانتهت الأزمة بالاستجابة لمطالبى. * وهل هناك توافق بين أعضاء لجنة صياغة الدستور على باقى مواد الحقوق والحريات؟ - هناك اختلاف فى الرأى، ونقاشات ساخنة حول المادة الخاصة بحق أصحاب الديانات السماوية فى ممارسة عقائدهم، حيث نخشى من منع البهائيين وغيرهم من أصحاب العقائد من ممارسة شعائرهم، كما أننا نطالب بإضافة مواد جديدة فى الدستور تؤكد على الحق فى الحياة، والحق فى السكن والتعليم والصحة، وأقوم حالياً بتشكيل «لوبى» ضاغط داخل لجنة صياغة الدستور وخارجها لإدراج هذه الحقوق فى الدستور. * هل «اللوبى» الضاغط يضم الليبراليين والقوى المدنية فى لجنة صياغة الدستور؟ - للأسف فإن بعض القوى المدنية والليبرالية خذلتنى، ولم تساند جهودى أثناء مناقشة المواد الخاصة بحرية العقيدة، كما أن كثيرا من الشخصيات المنتمية للقوى المدنية تتغيب ولا تحضر الجلسات والنقاشات الخاصة بمواد الدستور، فى حين أن المنتمين للتيار الإسلامى أشد حرصاً على حضور جميع الجلسات، ورغم ذلك فأنا لست قلقة من أن تتم صبغة الدستور الجديد بصبغة إسلامية، وأشير هنا إلى أن بعض أعضاء اللجنة الذين يحملون شهادات فى القانون لا يفهمون فى قضايا الحريات والمواثيق الدولية والقانون الدولى، وكان يجب ضم شخصيات حقوقية تفهم فى هذه القضايا. * لماذا الإصرار من جانبك على الاسترشاد بدستور جنوب أفريقيا بالذات أثناء مناقشة المواد الخاصة بعدم التمييز بين المصريين؟ - دستور جنوب أفريقيا هو من أحدث وأفضل الدساتير العالمية، حيث شارك فى كتابته خبراء دوليون، ولا ينص فقط على الحقوق والحريات وعدم التمييز، ولكنه يتضمن مواد تشرح كيفية الحصول على هذه الحقوق، ومنع التمييز بين المواطنين على أساس العرق، وقد لاحظت أثناء المناقشات أن هناك توجها من الأعضاء المنتمين للتيار الإسلامى للأخذ من الدستور الفرنسى، وأنهم ركزوا فى مذكراتهم على الدستور الفرنسى. * ما أبرز المشاكل التى ظهرت فى لجنة الحقوق والحريات الخاصة بالدستور التى تشغلين فيها منصباً قيادياً؟ - فوجئت بوجود بعض الأعضاء داخل اللجنة يفكرون ويتناقشون بنفس طريقة نظام مبارك وما زالوا يعيشون فى جلبابه، خاصة عند مناقشة قضية التمييز على أساس العرق، وهى القضية التى تشغل بال أهالى النوبة الذين يقدر عددهم ب3 إلى 5 ملايين، ودعنى أؤكد هنا على نقطة هامة، وهى أننى لست موجودة فى لجنة صياغة الدستور للدفاع عن قضايا النوبة فقط، بل لأدافع عن كل فئات وطوائف الشعب المصرى، والأقليات الدينية مثل البهائيين والشيعة الذين سأدافع بقوة عن حقهم فى ممارسة عقائدهم بحرية بدون خوف، وأشير هنا إلى أن الأممالمتحدة والمواثيق الدولية الخاصة بحقوق الإنسان ركزت فى العديد من المواثيق والقرارات على عدم التمييز على أساس العرق والدين، وسأحشد كل القوى المدنية لإقرار هذه القضايا فى مواد الدستور. * ما القضايا التى يمكن أن تفجر أزمات جديدة أثناء عمل لجنة صياغة الدستور؟ - لقد أنجزنا أشياء كثيرة فى مواد الدستور، وستشهد الأيام القادمة اتفاقاً على المواد المثيرة للجدل خاصة المادة الثانية الخاصة بالشريعة الإسلامية، حيث سيتم التوافق على صياغة مرضية للجميع بشأنها، ودعنى أعلن سعادتى البالغة بالخناقات والمعارك أثناء النقاشات، لأنها تشير إلى مناخ صحى وديمقراطى، ولو لم تحدث هذه الخناقات كنت سأصاب بالقلق على الدستور الجديد، وأشير إلى أنه تم إدخال مواد جديدة لم تكن موجودة فى دستور 71، حيث سيتم النص على أن تفتيش المنازل واقتحامها من جانب السلطات لا يتم إلا بإذن من القاضى المختص، وليس بإذن من النيابة العامة مثلما كان موجوداً فى دستور 71، وهذا إنجاز كبير، خاصة أن أفراداً من النيابة العامة كانوا يصدرون أذون اقتحام المنازل مجاملة لضباط الشرطة الذين كانوا تربطهم صداقات بأعضاء النيابة. * ما المطالب التى ينتظر أهالى النوبة أن يتم إدراجها فى الدستور الجديد؟ - أن يتم النص على تعدد الثقافات فى مصر، خاصة أن النوبيين لهم ثقافتهم وشخصيتهم التى يتمسكون بها، وسأصر على أن يتم النص على التعددية الثقافية فى مواد الإصدار والديباجة، وسأطالب بحق النوبيين فى تملك الأراضى، وأن تتخذ الدولة التدابير التى تمكنهم من ذلك، كما ينتظر النوبيون النص على عدم التمييز على أساس العرق، وأن تحصل الفئات المهمشة مثل المرأة والطفل وذوى الاحتياجات الخاصة على حقوقهم.