أدى نحو مليونين من مسلمي إثيوبيا اليوم صلاة العيد في الاستاد الرياضي الأكبر بالعاصمة أديس أبابا والطرقات المحيطة به، وسط حضور أمني شديد. وحوَّل المصلون تجمعهم لصلاة العيد هذا العام إلى احتجاجات حاشدة، للمطالبة بوقف ما أسموه تدخل الحكومة في شؤونهم الدينية، وإطلاق سراح المعتقلين. واتَّشح العيد في مناطق وأحياء إثيوبيا هذا العام بلون أبيض، حيث رفع المصلون المحتجون الأوراق البيضاء في إشارة منهم إلى سلمية احتجاجهم. وشهدت العاصمة أديس أبابا في الآونة الأخيرة تظاهرات حاشدة احتجاجا على مقتل داعية إسلامي شهير، وتواصل الأعمال الإرهابية التي تشهدها البلاد. ويأتي احتفال المسلمين بالعيد في إثيوبيا كتعبير صارخ، يؤكد أن مسلمي هذا البلد هم أصحاب رقم آخر تربعت من خلاله أديس أبابا على المرتبة الثانية بعد مكةالمكرمة، وذلك من خلال تدافع المسلمين لأداء صلاة العيد في حشد جماهيري بلغ ما يزيد عن مليوني مصلي، لم تسجله مدينة أخرى غير مكة بحسب تقديرات نشطاء إسلاميين في إثيوبيا. وتوافد المصلون اليوم من كل ناحية ومدخل، حيث أغلقت الطرقات الرئيسية المؤدية إلى الاستاد الرياضي منذ الصباح الباكر. ولأن سعة الملعب لا تتجاوز الآلاف، لجأ المصلون إلى أداء الصلاة في الطرقات العامة، في مشهد لا يتكرر إلا مرتين في العام، وذلك في عيدي الفطر والأضحى. وما يميز هذا التوافد أنه يأتي في شكل أفواج كبيرة تملأ كل المداخل وهي قادمة إلى المصلى، حيث يتدفق المسلمون في شكل جماعات مهللين ومكبرين في أجمل صورهم. ومع تكرار مشهد تدافع المصلين في كل مدخل من مداخل المدينة، يوحي وكأن العاصمة خرجت عن بكرة أبيها ولم يتبقَّ فيها أحد، فالعيد لدى السكان المسلمين في إثيوبيا مظهر يجب أن تكتمل شعائره بصلاة جامعة لكل المسلمين، تعظيما لفضل الإسلام ونعمته عليهم. ويعتبر المسلمون في التعداد السكاني الأعلى نسبيا بعد نيجيريا على مستوى الدول الإسلامية في إفريقيا، ويقدر سكان إثيوبيا بنحو 94 مليون نسمة، يشكل المسلمون 56% منهم. ويمتلك المسلمون في إثيوبيا ظاهرة تنظيمية متفردة، حيث تدار شؤونهم عبر المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية، إلا أن عام 1994 تفجرت فيه نار الفتنة بين المسلمين (المجموعة السلفية والصوفية)، أدت الى إحراق أكثر من مائة مسجد، حيث كسب الجولة الصوفية وسيطروا على مقاليد المجلس الأعلى. وتتم آلية الصعود إلى مقاعد المجلس الأعلى عبر انتخابات المجالس المحلية، ثم تبدأ بعد اكتمال نصاب الجمعية العمومية للمجلس قرعة انتخابات أخرى للمكتب التنفيذي، ومن هنا يتجلى سر الصراع القائم بين كل المجموعات لنيل نصيب أكبر من مقاعد هذا المكتب، كي تحظى برئاسة المجلس الذي يتم اختياره بانتخابات كل أربعة أعوام، ولهذا يعتبر هذا الكيان الواجهة الحقيقية للقوى المسيطرة على الحراك الإسلامي في إثيوبيا.