أزمة التمويل، صداع لا ينتهى عند المشروعات الصغيرة فى علاقتها بالبنوك، وما زالت هذه المشروعات تعانى من عدم توافر آليات مناسبة لتمويلها، رغم أن عددها يتجاوز 2.5 مليون مشروع صغير ومتوسط، تتضمن مشروعات متناهية الصغر، تمثل حوالى 99% من مشروعات القطاع الخاص غير الزراعى، وتساهم فى 80% من الناتج المحلى الإجمالى وتستوعب حوالى 75% من فرص العمل. ويقول معتز الطباع، المدير التنفيذى لمشروع تمويل المشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر، بجمعية رجال أعمال فى محافظة الإسكندرية، التى توقف فيها نحو 13 ألف مشروع صغير عن العمل خلال العامين الماضيين، إن هذه المشروعات تعانى من نقص الموارد المالية، الأمر الذى أدى إلى عدم نمو عدد كبير منها، بالإضافة إلى تعثر بعضها، وأشار إلى أن الملجأ الأخير لأصحاب المشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر أصبح الجمعيات الأهلية وبعض جهات التمويل الدولية، وذلك بعد تعنت البنوك فى منحها التمويل الكافى، نتيجة عدم كفاية الضمانات التى تطالب بها لإقراض تلك المشروعات، وهو أمر مدهش، خاصة مع الحوافز التى أعطاها البنك المركزى العام الماضى للبنوك بإعفائها من نسبة الاحتياطى الواجب الاحتفاظ بها على المحافظ المالية المخصصة لتمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة. أحمد رمضان محمد، أمين عام جمعية الصناعات الصغيرة لتنمية المجتمع المحلى بمدينة السادس من أكتوبر، يقول إن المشروعات الصغيرة والمتناهية الصغر ما زالت تعانى من الصعوبات فى تيسير أعمالها، من حيث تعقيدات الإجراءات الحكومية أو التراخيص اللازمة لها، كما أن التمويل أصبح مشكلة كبرى تعانى منها المشروعات الصغيرة والناشئة، مشيراً إلى أن شركات المقاولات الصغيرة بالمدينة ترفض 90% من البنوك التعامل معها وتمويلها، بسبب مخاوف من تعثرها فى سداد القروض، مما أدى إلى توقف العديد من الشركات عن العمل. واتفق حسن الشافعى، عضو مجلس إدارة جمعية رجال الأعمال المصريين، مع القول بعزوف البنوك فى كثير من الأحيان عن تمويل المشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر، على الرغم من القرارات المحفزة من البنك المركزى لدعم هذا القطاع من المشروعات. ويرى الشافعى أن الحل الأمثل لهذه المشكلة هو الاتجاه إلى مصادر تمويل أخرى مثل صناديق الاستثمار المباشر والتى تعتبر من أهم المصادر التى يمكنها تمويل المشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر دون تحميلها أعباء إضافية، فصناديق الاستثمار المباشر تقوم بتمويل المشروعات عن طريق الدخول فيها كشريك فى رأس المال، وبالتالى فإن تلك الصناديق ستحرص على تنمية وتطوير المشروعات والحيلولة دون تعثرها، الصناديق تدخل مساهمة فى المشروع وبعد تنميته تبيع حصتها فيه بأعلى سعر. وأضاف أحمد أبوالدهب، نائب رئيس لجنة التمويل والائتمان بالجمعية المصرية لشباب الأعمال سابقا، أن من بين مصادر التمويل التى لا يلجأ إليها العديد من أصحاب المشروعات الصغيرة والمتوسطة هى «بورصة النيل» وشركات التمويل التأجيرى، وهى مصادر تهتم بقطاع المشروعات الصغيرة على عكس البنوك التى تتردد فى إقراض هذه المشروعات خوفا من تعثر نشاطها وعجزها عن سداد ديونها. لكن هشام عكاشة، نائب رئيس البنك الأهلى، يؤكد أن البنوك لا تحجم عن تمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة، قائلا إن مصرفه يعكف على تنفيذ استراتيجية توسعية، تستهدف مضاعفة محفظة قروض تلك الشريحة من المشروعات خلال الفترة المقبلة. وأضاف أن البنك الأهلى قام بتبسيط وتيسير إجراءات منح الائتمان لهذه المشروعات، ومنح فروع البنك صلاحية الموافقة على التمويل حسب شرائح معينة تتعلق بحجم التمويل، لافتا إلى أن البنك يعمل حاليا على مضاعفة عدد المستفيدين من تلك القروض. من جانبه، يقول السيد القصير، رئيس بنك «التنمية الصناعية والعمال» إن المشروعات الصغيرة والمتوسطة من أهم القطاعات التى يجب الاهتمام بها لما تمثله من نسبة كبيرة من الناتج القومى، لافتا إلى أن البنوك لم تحجم عن تمويل تلك الشركات طالما كانت هناك فرص حقيقية لمنحها التمويل، مشيراً إلى أن البنك المركزى أطلق عدة مبادرات لزيادة معدلات منح الائتمان لتلك الشريحة من المشروعات على مدار السنوات الماضية، وأضاف هشام عكاشة أن البنوك تسعى دائما لتيسير إجراءات منح التمويل، لكن بما يتوافق مع القواعد المنظمة لمنح الائتمان، لأنها أموال العملاء ولا يمكن توظيفها فى قنوات مرتفعة المخاطر، وهو ما يعنى أن أى مشروع جيد يستحق التمويل فإن البنوك لا تتوانى عن تمويله، بل على العكس فإن بعض البنوك تقدم لعملائها الدعم الفنى أيضاً إلى جانب التمويل.