قال الله تعالى: «وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوا وَّقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ»، المؤمنون: 60. فى الحديث الصحيح أن أم المؤمنين عائشة -رضى الله عنها- قالت: يا رسول الله «والَّذِينَ يَأْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهمْ وَجِلَة»، أهو الرجل يزنى ويسرق ويشرب الخمر؟ قال: «لا يا ابنة أبى بكر، ولكنه الرجل يصوم، ويصلى، ويتصدق، ويخاف ألا يقبل منه». وفى رواية أخرى: هو الذى يذنب الذنب وهو وجل منه؟! فقال: «لا، ولكن من يصوم ويصلى ويتصدق وهو وجل». قال ابن عباس، رضى الله عنهما: «يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبهمْ وَجِلَة»؛ قال: المؤمن ينفق ماله ويتصدق وقلبه وجل أنه إلى ربه راجع. عن الحسن -رضى الله عنهما- أنه كان يقول: إن المؤمن جمع إحساناً وشفقة، وإن المنافق جمع إساءة وأمناً. وعنه أيضاً أنه قال: «يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبهمْ وَجِلَة»، قال: يعملون ما عملوا من أعمال البر، وهم يخافون ألا ينجيهم ذلك من عذاب ربهم. وهذا شأن المؤمنين المخلصين؛ فهم يتقربون إلى ربهم بصالح العمل، ومع هذا فلا ينجيهم ما فعلوا من عذاب الله، فهم خائفون من المرجع إلى الله لذلك؛ فالمؤمن يعيش بجناحى الخوف والرجاء: يخاف ألا يقبل عمله ويرد عليه، وفى الوقت نفسه يرجو رحمة الله -تعالى- الذى لا تفيده طاعتنا، ولا تضره معاصينا سبحانه من إله غفور رحيم.