جامعة حلوان تواصل إجراءات الكشف الطبي لطلابها للعام الدراسي 2024-2025    نائب رئيس جامعة بنها يتفقد سير العملية التعليمية بكليتي التربية والحقوق    وزير التعليم يتفقد 6 مدارس بحدائق القبة لمتابعة انتظام سير العام الدراسى    تراجع أسعار الذهب بالسوق المحلية اليوم    وزير التموين يبحث مع القابضة الغذائية خطط التطوير وتوفير السلع الأساسية    «المالية»: إطلاق مبادرات لدعم النشاط الاقتصادي وتيسيرات لتحفيز الاستثمار    وزير الدولة للإنتاج الحربي يبحث التعاون مع كوت ديفوار    كاتب صحفي: الدولة تسعى لجذب الاستثمارات المواكبة لخطط التنمية المستدامة    محافظ الجيزة يكلف بتطوير ورفع كفاءة طرق كفر الجبل والقطاع الثالث بالمنصورية    رئيس البورصة: نعمل حاليا مع وزارة الاستثمار على تقليص المدد الإجرائية الخاصة بالشركات    مسؤول أمريكي: إدارة بايدن تخشى هجوم إيراني محتمل وتعمل مع إسرائيل بشأن المسائل الدفاعية    الجيش الروسي يواصل عملياته ضد القوات الأوكرانية ويكبدها خسائر فادحة    اليوم ال360 للحرب على غزة.. حصيلة الضحايا تلامس 138 ألف شهيد وجريح    ارتفاع حصيلة ضحايا الفيضانات في نيبال إلى 193 قتيلًا و96 مصابًا    الغرامة تنتظر أتلتيكو مدريد عقب أحداث ديربي الريال في الدوري الإسباني    ناصر ماهر : بطولة السوبر الأفريقي الأغلى في مسيرتي ..وتوقعت نجاحي مع الزمالك    موعد مباراة السد القطري ضد استقلال طهران اليوم في دوري أبطال آسيا والقنوات الناقلة    جريزمان يعلن اعتزاله دوليا مع منتخب فرنسا    ضبط مخدرات ب3 ملايين جنيه بحوزة عنصرين إجراميين في الإسكندرية    حالات جوية متطرفة تضرب العالم خلال أيام.. ما علاقة مرتفع القطب الشمالي؟    إصابة عاملين في حادث تصادم أعلى كوبري ملوي بالمنيا    ماس كهربائي.. تفاصيل نشوب حريق شقة في الحوامدية    ضبط 9 أطنان دقيق مدعم قبل بيعها في السوق السوداء    ضبط شخص متهم بالترويج لممارسة السحر على الفيسبوك بالإسكندرية    بسبب باب سيارة.. مواطن يتهم اللاعب السابق أحمد فتحى وزوجته بالتعدى عليه    الجامعة البريطانية تنظم المهرجان الدولي للأفلام بمشاركة 115 دولة    «برغم القانون» الحلقة ال11..المواجهة الأولي ل«إيمان العاصي» مع زوجها    تفاصيل حفل افتتاح الدورة 40 ل مهرجان الإسكندرية السينمائي لدول البحر المتوسط    «عاشق» للفنان أحمد حاتم يتصدر إيرادات الأفلام في دور العرض خلال 24 ساعة    "كوافير مراتي سبب خراب بيتنا".. مواجهة صادمة بين رجل وزوجته أمام القاضي    خبير: 30% من أمراض القلب يمكن تجنب الإصابة بها تماما    «الرعاية الصحية» تطلق حملات توعوية لتقليل التعرض للنزلات المعوية في المدارس بالصعيد    توقيع الكشف الطبى على 1584 حالة بالمجان خلال قافلة بالمنيا    اليوم.. الحوار الوطني يجتمع لمناقشة الدعم    نائب الأمين العام لحزب الله يعزي المرشد الإيراني برحيل "نصر الله"    الأنبا توما يترأس القداس الإلهي لأبناء الأقباط الكاثوليك بدبي    أمن المنافذ: ضبط 47 قضية متنوعة.. وتنفيذ 193 حكمًا قضائيًا    العمل تُطلق مبادرة "سلامتك تهمنا" بالتعاون مع مجلس أمناء القاهرة الجديدة    «كدواني وفرحات» يتفقان على تنسيق الجهود لتفعيل المبادرة الرئاسية «بداية»    فيتامينات يجب عدم الإفراط في تناولها أثناء الحمل    أمينة الفتوى: هذا الفعل بين النساء من أكبر الكبائر    اقرأ في «أيقونة»| بعد واقعة مؤمن زكريا.. هل السحر موجود؟    السياحة والآثار تنظم عددًا من الأنشطة التوعوية للمواطنين    بالصور.. نجاح فريق طبي في استئصال ورم نادر بجدار الصدر لشاب بأسيوط    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاثنين 30-9-2024 في محافظة قنا    أمين الفتوى: كل قطرة ماء نسرف فيها سنحاسب عليها    بوليتيكو: أمريكا تعزز وجودها العسكري بالشرق الأوسط    بعد خسارة السوبر الأفريقي.. الأهلي يُعيد فتح ملف الصفقات الجديدة قبل غلق باب القيد المحلي    كرمة سامي في اليوم العالمي للترجمة: نحرص على تأكيد ريادة مصر ثقافيا    التحقيق مع المتهمين باختلاق واقعة العثور على أعمال سحر خاصة ب"مؤمن زكريا"    بشير التابعي: الأهلي كان مرعوب.. وممدوح عباس سبب فوز الزمالك بالسوبر الافريقي    اتجاه لتعميم مبادرة طرح «بيض المائدة» ب150 جنيهًا    من مدرسة البوليس بثكنات عابدين إلى «جامعة عصرية متكاملة».. «أكاديمية الشرطة» صرح علمى أمنى شامخ    الحوثيون باليمن: مقتل وإصابة 37شخصا في قصف إسرائيلي بالحديدة    «القاهرة الإخبارية»: أنباء تتردد عن اغتيال أحد قادة الجماعة الإسلامية بلبنان    دونجا يتحدى بعد الفوز بالسوبر الأفريقي: الدوري بتاعنا    «الإفتاء» توضح حكم تناول مأكولات أو مشروبات بعد الوضوء.. هل يبطلها؟ (فيديو)    مفاجآت سارة ل3 أبراج خلال الأسبوع المقبل.. هل أنت منهم؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أفضل جهاد.. !
نشر في الوطن يوم 27 - 07 - 2013

لا شك أن الثورات العربية أحدثت تأثيراً كبيراً فى العقل العربى، لأنها جاءت من الجماهير ولم تأتِ من النخبة لكى تعبّر عن هموم الناس وعجز الأنظمة العربية عن تلبية طموحات شعوبها، وعلى غير المتوقّع جاءت هذه الثورات ليست تعبيراً عن أزمة اقتصادية فقط، وإنما أيضاً عن إرادة الشعوب فى تحقيق الكرامة وحياة سياسية تستجيب لحقوق الإنسان.
والإسلام مع فكرة التغيير وضد فكرة ثبات الأوضاع الظالمة، لذلك أندهش أن البعض، بحجة الحفاظ على الاستقرار وبحجة ما يسميه بعض رجال الدين بالفتنة، يرفض الثورة على الحاكم، فذلك يخالف قول الرسول، صلى الله عليه وسلم: «أفضل الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر»، فكلمة الحق هذه هى كلمة الشعب.
وفقهاء السلطان هم الذين يفتون بأن الثورة على الحاكم الفاشل أو الظالم تفتح باب الفتنة لتبرير الأوضاع الظالمة، ولضمان بقاء الحاكم فى السلطة.
ولا بد أن نؤكد أن مفهوم رجال الدين ليس موجوداً فى الإسلام، بل اخترعته السلطات لوضع شخصيات معينة تبرر استمرارها وبقاءها فى الحكم.
من جهة أخرى، أؤيد من يقول إن أى تغيير تنتج منه أضرار، لكن هل بحجة الخوف من الأضرار لا أقوم بالتغيير ضد الفشل أو ضد الظلم؟
بالطبع لا..
فالإسلام من دون شك حينما جاء لإحداث عدالة اجتماعية أضر بمصلحة كثير من الناس. ففلسفياً يستحيل وجود فعل يشكّل من كل جوانبه مصالح خالصة فحسب، وهنا لا بد من استعداء ما نسميه ب«فقه الموازنات»، فأى فعل فيه مصلحة أو فيه ضرر، ونحن نقيس أيهما أكثر من الآخر، فما تغلب مصلحته على ضرره فهذا هو المطلوب فعله، والثورة تغلب الفائدة فيها على الضرر.. أو تلجأ إلى أخف الضررين.
وقد حضّت السُنة من وجوه عدة على التغيير وحق الاعتراض أبرزها قوله صلى الله عليه وسلم: «أفضل الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر»، أيضاً المقولة الشهيرة لأحد الخلفاء الراشدين: «أطيعونى ما أطعت الله فيكم»، أى إذا لم أطع الله فيكم بتنفيذ العدالة الاجتماعية والسياسية، فلا تطيعونى، وسيدنا أبوبكر قال فى بداية توليه الخلافة: «وليت عليكم ولست بخيركم». ويكفى لكى تقوم الثورة أن يقوم الحاكم بتوزيع المناصب المهمة على حزبه أو تياره الدينى أو أبنائه وأقاربه والمقربين من دون نظر إلى الكفاءة.
فتولية الأقارب والأنصار السياسيين تدل على عدم وجود عدالة، والإسلام كله قائم على فكرة العدالة الاجتماعية والسياسية، والديمقراطية قائمة على فكرة العدالة أيضاً.
فالحاكم الذى يولى أقاربه وفصيله السياسى يخرج على أول قاعدة من قواعد العدل، وهى تكافؤ الفرص؛ لذلك قال عمر بن الخطاب رضى الله عنه: «مَنْ ولى من أمر المسلمين شيئاً فولى رجلاً لمودة أو لقرابة بينهما، فقد خان الله ورسوله والمسلمين».
وتولية الأنصار تحوّل الحكم إلى عصبية وقبلية من نوع جديد، ففى القديم كانت القبيلة هى أبناء الدم الواحد، والآن مفهوم القبيلة هى أبناء الجماعة الواحدة!
والإسلام ضد القبلية من أى نوع.
ولذلك ما انهار حكم عثمان بن عفان رضى الله عنه، إلا لأنه رفع أقاربه على سائر المسلمين، وسيدنا عثمان صحابى جليل وعظيم وله دور رائع فى الإسلام، لكنه لم يكن صائباً فى تولية أقاربه للولايات.
وهذه صارت ظاهرة فى الحكم المعاصر، حيث تجد أن حكام الدول التى هبت فيها الثورات سعوا إلى توريث الحكم لأبنائهم أو زملائهم من الجماعة أو التيار.
وهو ما يمثل خطأ كارثياً، يتعارض أولاً مع الإسلام، وثانياً يستفز الناس؛ وثالثاً يُسقط أى شرعية.
لقد سئم المواطن العربى أن يكون أداة فى يد الحكام، سواء كانوا حزباً أو جماعة، وأراد المواطن العربى أن يتحوّل إلى غاية، أن يتحول إلى وسائل وأدوات لتحقيق حياة كريمة للشعوب. هذه الحركة الفكرية تكشف عن حدوث تحوّل فى جدل العبد والسيد. فقد صار المواطن هو السيد والحاكم هو العبد. المواطن هو الذى يختار، وهو الذى يقرّر، والحاكم هو الذى يستجيب وينفذ.
هذا المنطق الجديد يضع الفكر العربى أمام ضرورة التغيير بحثاً عن الإنسان وعن التاريخ. كما أن حركة الفكر سوف تتغير كى تكون تعبيراً عن هموم الوطن وهموم الناس وستتخلى عن كونها تنظيراً وتأسيساً للسياسات المستبدة. وهذه الثورات تطرح تحدياً جديداً أمام الفكر السياسى العربى، حيث يتعين على المفكرين العرب أن يبحثوا عن نظرية سياسية جديدة تلبى تحديات إقامة الدولة وتحديات إقامة ديمقراطية تداولية وتشاركية تشاورية، وأعنى بذلك ألا تكون الديمقراطية تعبيراً عن حكم الأغلبية، وإنما فضاء يتيح المشاركة والتمثيل والفاعلية للجميع، بما فيهم الأقليات، حيث الشعب هو الذى يحكم من خلال تمثيل برلمانى يعبر عن كل أطيافه وليس فقط عن الأغلبية.
ومن أكبر التحديات كذلك أمام المفكرين العرب إيجاد نظرية فى الدين يتحول فيها من نظام لاهوتى ينحصر فى الطقوس والشعائر والشكليات، إلى نظام أخلاقى حقيقى لا يكون الدين فيه ستاراً لتحقيق الأطماع السياسية، نظام يتوحّد فيه الأخلاقى مع الدينى، وتغيب فيه سلطة رجال الدين، وتسيطر عليه مفاهيم العقد الاجتماعى والتفكير العلمى ويعيش فيه الإنسان من أجل الإنسان.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.