أظهرت مؤشرات رسمية، تحقيق البلاد فائضا ملحوظا في توليد الطاقة الكهربائية منذ بداية يوليو الحالي، بعد تسجيل عجز كبير قبل يوم واحد من قيام ثورة 30 يونيو الماضي، التي سبقت عزل الرئيس محمد مرسي. وأثار استقرار الكهرباء على مدى الأسابيع الثلاثة الماضية، لاسيما في شهر رمضان الذي يسجل أعلى معدلات الاستهلاك طوال العام، ردود فعل متباينة لدى المصريين، لاسيما بعد تكرار الانقطاعات التي طالت أشهر فصل الشتاء الماضي للمرة الأولى في تاريخ البلاد. وحسب تقارير للمركز القومي للتحكم في الكهرباء، التابع لوزارة الكهرباء، فإن قدرات الشبكة القومية للكهرباء بلغت يوم 29 يونيو الماضي نحو 22 ألف و175 ميجاوات، فيما بلغ الاستهلاك 24 ألف و400 ميجاوات، ليصل العجز إلى نحو 2325 ميجاوات. وأظهرت تقارير مركز التحكم في الكهرباء، أن قدرات الشبكة وصلت في يوم مظاهرات المعارضة إلى 23 ألف و600 ميجاوات، فيما بلغ الاستهلاك 23 ألف و200 ميجاوات، ليتحول العجز إلى وفر بنحو 400 ميجاوات. كما سجلت الشبكة وفرا منذ مطلع الشهر الجاري ليبلغ في الأول من يوليو نحو 290 ميجاوات، فيما قفز في بعض الأيام إلى 700 ميجاوات مثلما تحقق يومي 6 و13 يوليو الماضيين. وأكد مسؤولون في وزارة الكهرباء، أنه لم يكن هناك قطع متعمد في التيار قبل الإطاحة بالرئيس السابق محمد مرسي، فيما رأى البعض أن الوقود كان بمثابة "كلمة السر" في انقطاع الكهرباء. وقال أحمد إمام، وزير الكهرباء والطاقة : "أستبعد تماما أي أسباب سياسية وراء قطع التيار أو شبهة تعمد من العاملين بالقطاع في ذلك". وأضاف إمام: "على مدار الأشهر الماضية كنت أصرخ بأعلى صوتي من أزمة الوقود التي كانت تتعرض لها محطات إنتاج الكهرباء وقدمت جميع الأدلة على ذلك لجميع المسؤولين، لاسيما الرئيس المعزول ورئيس الوزراء السابق هشام قنديل". وقال الوزير إن الأسباب الحقيقية لاستقرار التيار تتمثل في أن عددا كبيرا من المصانع أغلقت أبوابها على مدار الأيام الماضية ولم تعد تعمل خوفا من أي أعمال عنف. وتستهلك الصناعة حسب إحصاءات وزارة الكهرباء نحو 31% من إجمالي الطاقة المستهلكة في مصر. وأضاف وزير الكهرباء أن السبب الثاني وراء تراجع الاستهلاك هو نزول المواطنين للشوارع والميادين للتظاهر وهو ما يقلل بنسبة كبيرة من استهلاك المنازل. وتستهلك المنازل نحو 43% من الطاقة المستهلكة في مصر، بحسب وزارة الكهرباء. وقال الوزير :" نزول المتظاهرين إلى الشارع عادة ما يكون في وقت الذروة وهي من السادسة مساء حتى العاشرة مساء، ما يقلل من استهلاك أجهزة التكييف، التي تستهلك نحو 2500 ميجاوات خلال ساعات الذروة". وينظم مؤيدو الرئيس المعزول مظاهرات حاشدة في عدد من ميادين القاهرة والمحافظات الأخرى، منددين بما وصفوه ب"الانقلاب العسكري"، ومطالبين بعودة "الشرعية" للبلاد. وأضاف إمام، أن عددا كبيرا من المحال أغلقت أبوابها على مدار الأيام الماضية، حيث تستهلك نحو 10% من الكهرباء. وقال إن انخفاض درجات الحرارة ساهم أيضا في خفض الاستهلاك واستقرار التيار على مدى الأيام الماضية. وقال مسؤول بارز بوزارة الكهرباء، إن الوزارة كانت تتوقع وصول حجم الاستهلاك خلال أيام شهر رمضان لأكثر من 26 ألف ميجاوات. وأوضح متولي الشرقاوي، عضو مجلس إدارة الشركة المصرية لنقل الكهرباء، أن نقص الغاز والمازوت قبل 30 يونيو الماضي لمحطات الكهرباء، أدى إلى عجز في إنتاج الطاقة تراوح بين 2500 و5 آلاف ميجاوات، الأمر الذي دفع شركات توزيع الكهرباء إلى قطع التيار عن مناطق عديدة بالقاهرة الكبرى والمحافظات وهو ما يسمى بظاهرة تخفيف الأحمال. وأضاف الشرقاوي: "لا أستبعد أن تكون أزمة منتجات البترول التي سبقت ثورة 30 يونيو بعدة أيام مفتعلة". ومن جانبه، قال إبراهيم هلال، عضو مجلس إدارة شركة غرب الدلتا لإنتاج الكهرباء والتابعة لوزارة الكهرباء: "نقص الوقود كان العامل الأساسي وراء إظلام مصر على مدى عام". فيما قال جابر الدسوقي، رئيس الشركة القابضة لكهرباء مصر: "ما يحدث حاليا من تحقيق فائض يومي في الشبكة القومية للكهرباء، يعد مفاجأة بكل المقاييس". وأضاف الدسوقي: "كنا وضعنا عدة سيناريوهات لمواجهة عجز الكهرباء التي كانت تتعرض له الشبكة بشكل يومي قبل ثورة 30 يونيو وكان أفضل السيناريوهات يشير إلى حدوث عجز في حدود 2000 ميجاوات، إلا أننا فوجئنا بالوفرة". وقال إن توفر الوقود بالكميات والضغط المناسب هو السبب الأول لاستقرار الكهرباء، حيث تحصل المحطات على نحو 105 ملايين متر مكعب من الوقود المعادل والمكافئ، تشمل نحو 85 مليون متر مكعب من الغاز الطبيعي و20 ألف طن مازوت، فيما نستهدف الحصول على 118 مليون متر مكعب لمواجهة الزيادة في احتياجات المحطات. وأضاف: "محطات الكهرباء كانت تحصل حتى وقت قريب على 75 مليون متر مكعب من الغاز بنقص يصل إلى 10 ملايين متر مكعب عن المعدل الحالي". وبينما قال بعض مسؤولي وزارة الكهرباء إن أزمة نقص الوقود كانت متعمدة، إلا أن محمود لطيف، وكيل أول وزارة البترول السابق، قال إن فترة الأزمة الخانقة شهدت نقصا في المعروض بنسبة 20%، بسبب عطل فني في معملي تكرير مسطرد شمال شرق القاهرة والعامرية شمال البلاد، ما أدى إلى نقص الكميات المطروحة في المستودعات ومحطات الوقود بشكل كبير.