■ مر علىّ 24 شهر رمضان وأنا فى السجن، ورغم قسوة بعضها وشدته فإن هذا الشهر هو الأصعب والأشق على نفسى من بين كل هذه الشهور الطويلة.. إننى أخاف على الحركة الإسلامية ألا تتعلم من تجاربها السابقة أو تقع فى نفس الجحر الذى لدغت منه مرات عديدة. ■ واليوم أكتب خواطرى بقلبى قبل قلمى.. أكتبها بقلم المحب لأبناء مصر جميعاً الذى يخشى من مزايدة الخطباء المتحمسين على دماء الشباب الطاهر.. وها هى خواطرى دون ترتيب: 1 - على خصوم الحركة الإسلامية ألا يضعوها أمام طريق مسدود.. بحيث لا يكون أمامها سوى الخيارات السيئة والسلبية للجميع.. وعليهم أن يفتحوا أمامها السبل الإيجابية التى تحفظ كبرياءها وكرامتها.. وتضعها فى المكانة السياسية اللائقة بها وبتاريخها وكفاحها.. وألا تغمطها حقها وألا تظهر الشماتة فيها أو تحول إيجابياتها إلى سلبيات فى غمرة الشعور بانتصارها عليهم.. وليحذر الجميع إقصاء الحركة الإسلامية لأن ذلك كله يتنافى مع كل قواعد الإسلام والديمقراطية والمواطنة ويضر الوطن كله بلا استثناء ضرراً بالغاً.. وليحذر الجميع تعميم الأحكام أو المسئولية «أَلَّا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى». 2 - وعلى الحركة الإسلامية أيضاًً ألا تضع خصومها فى «حارة سد» بحيث لا يكون أمامهم سوى أسوأ الخيارات التى تضر الجميع. 3 - أعتقد أن الذين يطلقون النار على الجيش والشرطة فى سيناء ليسوا من الإخوان.. بل أكاد أزعم أنهم كانوا يكفرون الإخوان ود.مرسى.. ولكن أعمالهم الآن ستحسب على الإخوان وستضرهم... 4 - وعليهم أن يستدركوا الخطأ الاستراتيجى الذى وقع فيه د.مرسى وقادة الإخوان من قبل بربط أنفسهم بدعاة متشددين أو بجماعات تحمل أفكاراً تكفيرية أو جهادية.. فما كان ينبغى للرئيس أن يربط نفسه والدولة المصرية كلها بأصحاب الخطاب المتشدد أو التكفيرى. 5 - ضاعت من الإسلاميين السلطة.. وعلينا أن نحافظ على المجتمع فالكراسى تذهب وتأتى.. ولكن المجتمع ورأيه العام هو الأهم والأبقى.. وهو الذى أتى بالإسلاميين إلى السلطة.. ويمكن أن يأتى بهم بعد ذلك.. وهو الرصيد الاستراتيجى لها.. ولا بد من مراعاة هذا الرأى العام كله مسلمين ومسيحيين.. ويساريين واشتراكيين وليبراليين وعوام وفلاحين وعمالاً.. كما فعل رسول الله (صلى الله عليه وسلم) حينما رفض قتل زعيم المنافقين عبدالله بن أبى ابن سلول مبرراً ذلك بقوله: «حتى لا يقال إن محمداً يقتل أصحابه».. فاهتم بالرأى العام لغير المسلمين.. واهتم بسمعته لديهم ورأيهم فيه. 6 - على الحركة الإسلامية أن تدرك أن القضايا العادلة يحولها العنف إلى قضايا خاسرة لا يتعاطف الناس معها.. ولنا تاريخ طويل فى ضياع قضايانا العادلة بالحماسة الزائدة أو التصرفات الطائشة أو المغامرة بالعنف.. أما الوسائل السلمية المتدرجة والمحسوبة التى لا يترك زمامها للخطباء والمهيجين.. ولكن يقودها الحكماء الذين لا يستفز عقولهم ضياع منصب ولا يستخف عقولهم زوال سلطان.. ويحسنون اختيار أقل المفسدتين إن لم يكن هناك سبيل لدرئهما معاً. 7 - لا أريد للإخوان والحركة والإسلامية الطيبة أن تدفع فاتورة بعض التفجيرات التى يمكن أن يقوم بها التكفيريون هنا أو هناك.. لأن الفاتورة حينها ستكون باهظة وظالمة أيضاً.