تبدأ القصة بنظرة إلى مالذ وطاب من الطعام والشراب من مشويات وحلويات، ثم تمتد اليد إلى الأطباق، ثم الأفواه، تذوق يعقبه إعجاب ورغبة فى المزيد، وتبدأ الأسنان فى ممارسة عملها الروتينى بعملية المضغ المثيرة وبلع الطعام، وأثناء هذه العملية المستمرة تتسلل بعض جزئيات وبقايا الأطعمة إلى أركان الفم لترقد فى خمول وراحة، بينما الإنسان ماض فى حياته اليومية، وتمر الساعات وهذه البقايا الراقدة فى مكانها لم تمتد إليها بعض من قطرات المياه لكى تحركها من موضعها . فماذا تفعل تلك البقايا؟ إنها ترقد فى سلام والمكان مظلم ودرجة الحرارة ملائمة لها، إذن فلترقد ولتبدأ فى إرسال إفرازاتها الحمضية لكى تتسلل بين الأسنان وهناك صديق عزيز يسعده جدا أن يعثر على مثل هذه الفضلات والإفرازات إنه الميكروب، وتبدأ المشاكل، وأهمها التسوس، ونظرياته عديدة ولكن أبسطها أن تتراكم المواد الغذائية فى أحد أركان الفم بين الأسنان أو تترك بدون نظافة أو غسيل وعندئذ تتخمر هذه المواد الغذائية بعد ساعات وينتج عن تخمرها إفرازات حمضية وهذه الإفرازات تهاجم الميناء التى تغطى الأسنان وتسبب بعض التآكل السطحى بها، وعندما يزداد التسوس يزداد اللون الأصفر ميلا إلى السواد ثم يبدأ اللون الأسود فى التحول إلى فجوة وذلك عندما تبدأ المواد المكونة للسنة وهى (السنين) والميناء فى التآكل نتيجة مهاجمة البكتيريا والإفرازات، وتبدأ الفجوة فى دعوة المواد الغذائية إليها وعندما تمتلئ تلك الفجوة بالمواد الغذائية تزداد حالة عدم نظافة المنطقة حيث تدعو المواد إلى زيادة التسوس وتبدأ الفجوة تتسع وتخترق بقايا جدار السنين حتى تصل إلى لب السن الذى يحتوى على الأوعية الدموية، وعادة يصاحب هذا الإهمال التهاب فى اللثة مع حدوث فراغ بين السن وأنسجة اللثة المحيطة يعرف بالجيوب، ويزداد الجيب عمقا مع بدء تكون الإفرازات الصديدية وهذا مايعرف باسم البيوريا ومعناها وجود صديد فى اللثة ومع هذه الالتهابات لا بد أن نتوقع شيئا آخر سيحدث وهو تآكل العظام المحيطة بجذور الأسنان ومما هو معروف أن الأسنان تستمد تماسكها فى الفك بالعظام والأنسجة الرخوة، ومع تآكل العظام تفقد الأسنان ثباتها فى الفك وتبدأ فى الحركة وهذا ما يعرف بخلخلة الأسنان، والفم تصطف فيه الأسنان كما تترابط حبات المسبحة فلو نزعنا إحدى حبات هذه المسبحة لتركت فراغا ولم تعد المسبحة كما كانت شكلا أو عددا أو وظيفة وهذا ماسيحدث للأسنان، عندما نخلع سنا ينقطع اتصال الأسنان ببعضها وإن فقدنا سناً آخر ازدادت الحلقة اتساعا، ويعرف هذا بالفقد الجزئى للأسنان، ولو أهمل هذا المريض باقى أسنانه فسيصل إلى حالة فقد الأسنان بالكامل والعلاج الذى يمكن أن يتلقاه هذا المريض علاج بطقم متحرك (جزئى أو كامل) ولكن الطب الحديث اليوم وفر لنا الإمكانية لإيجاد أسنان ثابتة وهو مايعرف بزرع الأسنان أو غرس الأسنان فى الفكين.