أشرت بالأمس إلى ثلاثة تحديات تواجه الرئيس المنتخب، هى: تقديم نموذج للرئيس الديمقراطى، والعمل على إتمام تسليم السلطة من المجلس العسكرى إلى المدنيين المنتخبين، والحفاظ على الحريات الشخصية وحقوق الإنسان وأن يصبح رئيسا لكل المصريات والمصريين. وأضيف اليوم مجموعة أخرى من التحديات أبدأها بقبول وجود معارضة ديمقراطية تراقب أفعاله ونتائجها وتتعاون وتنقد وتقوِّم وترفض وفقا لمقتضيات الأحوال وأن يحرص على الانفتاح على المعارضة هذه ولا يتقوقع فى دوائر المؤيدين والموالين فقط. ويزيد من أهمية هذا التحدى الثالث حقيقة أن الرئيس المنتخب لم يحقق فوزا ساحقا فى الانتخابات، بل جاء بأغلبية ضئيلة فى ظل امتناع نصف الهيئة الناخبة المصرية عن الإدلاء بأصواتهم (شارك تقريبا 25 مليون ناخبة وناخب ولم يشارك 25 مليونا). ويزيد من أهميته أيضاً كون الشعب المصرى، على اختلاف قناعات المواطن السياسية، يعانى مصاعب اقتصادية واجتماعية بالغة الخطورة تقتضى المعالجة ولا تحتمل التأجيل. وتحدٍّ آخر هو الحفاظ على علاقة مباشرة وشفافة مع المواطنات والمواطنين من مؤيد إلى معارض دون تمييز. عانت مصر طويلا رؤساء لم نعرف عنهم وعن مبادئهم وأفكارهم ورؤيتهم للسياسة والمجتمع الشىء الكثير. وإن كان مثل هذا التعتيم والغموض واصطفاء الخاصة فقط (فى نخبة الحكم والقريبين منها) بالمعلومات من أعراف النظم الاستبدادية، فهو لا محل له فى مصر التى تريد إدارة تحولها الديمقراطى بنجاح والتأسيس لرئاسة موقعها فى المجتمع وبين المواطنين وليس فوقهم. أما التحدى الأخير فهو إدارة العلاقة مع جماعة الإخوان المسلمين وحزب الحرية والعدالة وتيارات الإسلام السياسى على نحو يطمئن لإمكانية الممارسة الديمقراطية واحترام القانون. بالأمس أشرت إلى ضرورة إصدار تشريعات تضمن استقلالية وحيادية مؤسسات الدولة وأجهزتها وتحول دون سيطرة حزبية (إخوانية) عليها، وهنا الدكتور مرسى فى موقع المسئولية لضمان ذلك. نعم سيأتى بفريقه وحكومته وينفذ سياساته، إلا أن المؤسسات والأجهزة التنفيذية فى الدول الديمقراطية دوما تتمتع بالاستقلالية وتحيل من ثَمَّ واقعاً مبدأ الخدمة العامة المحايدة. على الرئيس أيضاً أن يتقدم باستقالته من حزب الحرية والعدالة كرئيس له، وأتمنى أن يتقدم باستقالته أيضاً من جماعة الإخوان. نعم فى الكثير من الديمقراطيات نكون مع رؤساء كوبيين ولا يغادرون مواقعهم الحزبية، إلا أن السياسة المصرية فى مرحلتها الراهنة تستدعى فصلاً بيناً بين الرئيس الإخوانى والجماعة. كذلك على الدكتور مرسى أن يضغط على الجماعة بغية تقنين أوضاعها كجمعية أهلية أو مؤسسة لكى تتحول تنفيذيا وإداريا وماليا من السر (أو الرمادية) إلى العلن بالمعنى القانونى. أتمنى للدكتور مرسى التوفيق فى مهامه، وأتمنى للمعارضة الديمقراطية، التى سأكون بين صفوفها، العمل بدأب وبمثابرة وبعقلانية لمصلحة الوطن.