سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
د. محمد غنيم ل"مرسي": قوة الرئاسة لا تستمد من كلمة "أنا الرئيس".. وحشود 30 يونيو ستجبرك علي الرحيل «تمرد» تستعيد «ثورة يناير».. واستمرار حشود 30 يونيو سيجبر «مرسى» على الرحيل
توقع العالم الدكتور محمد غنيم أن تجبر الحشود الشعبية فى ميادين مصر يوم 30 يونيو وما بعده الرئيس مرسى على الرحيل من السلطة، والدعوة إلى انتخابات رئاسية مبكرة. وقال عضو جبهة الإنقاذ فى حوار ل«الوطن»، إن شرعية الرئيس محمد مرسى سقطت على كل المستويات، وأعتبر مظاهرات 30 يونيو التى دعت إليها حملة «تمرد» بداية استعادة ثورة 25 يناير، بإسقاط حكم تنظيم الإخوان. وطالب «غنيم» المصريين بكل طوائفهم وفئاتهم بالاستمرار فى التظاهر لمدة طويلة، وعدم الاكتفاء بالخروج ليوم أو يومين، مستبعداً تعرض البلاد لحرب أهلية بسبب قوة الجيش ووطنية جهاز الشرطة.. إلى نص الحوار: * بمَ تعلق على الخطاب الأخير للرئيس محمد مرسى؟ - لا يستحق التعليق، الناس كانت تنتظر أن يقدم رئيس الدولة حلولاً وأفكاراً وإبداعات لحل الأزمة الراهنة، والإجابة عن تساؤلات كثيرة لدى الناس، وهو ما لم يحدث على الإطلاق، فالرئيس لم يضع على سبيل المثال فى خطابه قرار تغيير الحكومة أو الدعوة إلى حكومة «تكنوقراط»، وأتصور أن جماعة الإخوان فى انتظار قوة الضغط الذى سيمارسه الشعب بدءاً من 30 يونيو وما سيسفر عنه من نتائج، لأن مقدار الضغط هو ما سيولد النتائج. * لماذا شدد الرئيس فى خطابه على توجيه رسائل تحية خاصة للجيش والشرطة؟ - الرسائل التى أطلقها مرسى للجيش والشرطة تشير إلى وجود إحساس بما يطرح فى وسائل الإعلام هذه الأيام من أن هناك سوء تفاهم وتوتراً فى العلاقة بين مؤسسة الرئاسة والمؤسسة العسكرية، ولذلك أعطى رسالتين يشكر فيهما الجيش والشرطة بشكل مفرط، وكرر التذكير بأنه القائد الأعلى للقوات المسلحة والرئيس الأعلى للشرطة، وهو لا يعلم أن قوة الرئاسة لا تستمد فقط من «كلمة أنا الرئيس»، فوحدها لا تعنى القوة والسيطرة، فالقوة مستمدة من رضا غالبية أفراد الشعب، ومن الإنجاز والقدرة على الإنجاز وإدارة الدولة وصناعة القرار، فشرعية الرئيس مستمدة من رضاء المحكوم على الحاكم، فمن انتخبوا الرئيس مرسى هم من يستطيعون سحب الثقة منه. والمطالبة بإجراء انتخابات مبكرة هو مطلب شرعى، وأنا أطالب وألح على إجراء انتخابات رئاسية مبكرة، وهو يدخل ضمن الآليات الشرعية فى أى نظام ديمقراطى. * كيف ترى حملة تمرد؟ وهل هى خطوة جديدة لإعادة شباب الثورة مرة أخرى إلى الشارع؟ - أنا أعتبر أن حملة تمرد أكثر نضجاً من شباب الثورة فى 25 يناير، الذى انقسم بعد الثورة إلى مجموعة من التيارات والحركات، وكثير من الشعب المصرى أيد «تمرد»، والدليل هو عدد التوقيعات التى تم جمعها وتجاوزت 15 مليون توقيع، ف«تمرد» أعادت الشباب مرة أخرى إلى الشارع، واستطاعت أن تقتل حالة الإحباط واليأس التى كانت موجودة خلال الفترة الماضية. وأرى أن أعضاء حملة تمرد هم المسئولون من حيث الفكرة عن يوم 30 يونيو، وأريد أن أؤكد أنه لا يجب أن يصاب الناس بالإحباط واليأس لأنه لا يوجد ثورة فى العالم حققت أهدافها فى وقت قصير، فجميع الثورات تمر بمراحل من الارتباك، والثورة المصرية تم اغتصابها يوم استفتاء 19 مارس، والتاريخ سوف يحاسب كل من شارك فى تنفيذ هذه التعديلات، لكن الآن الثورة تعود مرة أخرى إلى مسارها الصحيح لتحقيق أهدافها. * كيف قرأت بيان الفريق أول عبدالفتاح السيسى؟ - البيان يتضمن شيئين مهمين؛ أولهما أنه أكد أن الجيش سيقف فى صف الشعب وهذا أمر جيد، وأيضاً التأكيد على أنه لا يوجد أحد يستطيع الوقوف أمام إرادة الشعب، لكن ما يهمنى أكثر هو موقف الشعب نفسه. * هل نزول الجيش إلى الشارع أمر يقلق مؤسسة الرئاسة وتنظيم الإخوان؟ - واضح من المشهد أنه لا يوجد اتفاق سابق بين مؤسسة الرئاسة والجيش، وأن نزول الجيش إلى الشارع هو مبادرة من الجيش للمحافظة على المنشآت العامة والحيوية، لأنه متوقع أن يحدث اعتداء على المنشآت العامة وبعض الأماكن الحيوية ومدينة الإنتاج الإعلامى، وهناك شىء مهم منذ مبادرات د. على السلمى فى المبادئ فوق الدستورية والحديث بلغة ما يعرف ب«حمّام الدم»، وهذا أسلوب مرفوض تكرر قبل إعلان نتائج الانتخابات الرئاسية، بعبارة «إذا لم يُعلن مرسى رئيساً سيكون هناك حمّام دم»، وهو المصطلح الذى يهدد به تنظيم الإخوان كل من يقف أمام أهدافه، لذلك من الممكن أن المؤسسة العسكرية استشعرت تخوفاً ما وأن شيئاً ممكن أن يحدث، ولذلك أخذت مبادرة النزول إلى الشارع فى هذا التوقيت. * متى انتهت شرعية الرئيس مرسى لدى الشارع؟ - هذه عملية مركبة، ذلك يتوقف على نوع الشرعية، فالشرعية الدستورية انتهت عندما قام بإصدار الإعلان الدستورى فى 21 نوفمبر الماضى، وهناك شرعية معنوية وهى الحنث باليمين والوعود، والشرعية السياسية فى عدم القدرة على تقديم حلول فى ملفات غاية فى الأهمية، بل والعبث بها يهدد الأمن القومى المصرى، وهو ما شهدناه خلال الأسابيع القليلة الماضية، وعلى سبيل المثال جلسة بحث مشكلة سد النهضة الإثيوبى فى الرئاسة، وتناول القضية الخطيرة بهذا الاستخفاف، وقضية سوريا وهو ملف مهم جداً وتناوله مرسى بمنتهى العبث، فإذا أردت أن أكون وسيطا فى هذا الملف لا أقطع علاقات أو أعلن الجهاد، فقضية سوريا تحولت من ثورة إلى حرب أهلية، وهنا لا أدافع عن نظام بشار الأسد، ولكنها تحولت حرباً أهلية بفعل فاعل وأيادٍ خارجية، كما تم مع أفريقيا فى قضية إثيوبيا، وكما كان سيحدث مع أوروبا بعد حركة المحافظين وتعيين محافظ الأقصر وتصريحات «ميركل» حول هذا التغيير. * كيف ترى حالة التخبط الموجودة فى الشارع والحديث الدائم من قبل التيارات الدينية وربط الشريعة بالشرعية وكأن الخلاف عقائدى؟ - علينا أن نؤكد أولاً أنه يوجد إدارة فى هذه الدولة، فعندما تتكلم عن المشروع الإسلامى يبدو الخلاف بين المعارضة والحكم وكأنه خلاف عقائدى، والأمر غير ذلك فالخلاف سياسى ولا يوجد له أى علاقة بالشريعة، نحن نتكلم على مشاكل اقتصادية ومشاكل فى التعليم، وملف المياه، وعن أمن سيناء، ملفات ليس لها أى علاقة بمعتقدات إسلامية أو بالشريعة، هذا الحكم أو هذا الأسلوب فى إدارة الدولة لا يقسمها فقط إلى مسلمين ومسيحيين، فالآن أصبح «شيعة وسنة»، و«كمان السنة بقوا ليبراليين وملاحدة»، فهو لا يعلم معنى الليبرالية أو العلمانية، والناس التى تقول هذا الكلام هم مجموعة من أنصاف المتعلمين، ويريدون إثارة غضب واستنفار غالبية الناس، فالإخوان «فكرتهم» أنهم هم جماعة المسلمين وليسوا جماعة من المسلمين، وأن من يختلف معهم سياسياً يعتبر من الخوارج، أى أصبح من خارج الأمة الإسلامية، وأنهم يمتلكون الحقيقة وحدهم من وجهة نظرهم. * هناك مخاوف لدى الكثيرين من اشتعال حرب أهلية فى الشوارع، كما رأينا فى المنصورة منذ أيام. - لا أعتقد أن تدخل مصر فى حرب أهلية، لأن المعارضة غير مسلحة، والمعارضة آخرها شوية حجارة وعصيان، والأمر المهم أن الجيش المصرى ما زال متماسكا، ودعائم الدولة الرئيسية هى وجود القضاء والجيش والشرطة، وحتى موقف الشرطة الآن أصبح موقفاً وطنياً، وأنا لا يهمنى قيادات الشرطة «بتقول إيه» ولكن جسم الشرطة كجهاز هو جهاز وطنى، والدليل على ذلك اجتماع نادى الشرطة، وأنا أرى أن الشرطة تعلمت كثيراً من الدرس السابق، وأصبح ضباط الشرطة يدركون تماماً أنهم لا يجب أن يتم استخدامهم من قبل أى نظام، فهو مهمته الرئيسية أن يحمى الشعب. * هل أصبح لديك الشعور بأن هذا النظام فقد رصيده فى الشارع؟ - أتمنى أن يتم تغيير هذا النظام سريعاً، لأنه ساعد فى خلق حالة انقسام حقيقية فى الشارع المصرى، وتغييره سيكون من أجل إعادة صياغة العلاقات الاجتماعية داخل المجتمع المصرى التى فقدناها مثل السماحة والمصالحة العامة، علينا أن نستفيد من درس جنوب أفريقيا؛ ما حدث بين الأفارقة السود والبيض لا يتصوره أحد، ولا تقل لى إنك كنت فى السجن، فنيلسون مانديلا ظل فى السجن 27 عاما، ولكن عندما خرج من السجن فهم أن أهم ما يمكن أن يعيد عليه بناء دولته هو المصالحة العامة، وهو ما لم يعد موجوداً فى الفترة الحالية فى مصر. * إذا رحل النظام فى مصر فمن يستطيع إدارة المرحلة المقبلة؟ - هناك أكْفاء كثيرون، لو تحدثنا مثلاً عن الاقتراحات الموجودة فهناك د. محمد البرادعى، مع أنه يتقدم خطوة ويرجع أخرى، وأيضاً حمدين صباحى إذا تخلى عن الخطاب الشعبوى. ولكنى أرشح فى حالة حدوث تغيير الدكتور جودة عبدالخالق رئيساً للوزراء، لأنه إنسان مثقف وينحاز إلى غالبية الشعب وهم الفقراء، وله خبرة فى دواليب الإدارة المصرية لأنه تولى الوزارة من قبل، وشخصية تفرض الاحترام، فهناك تشكيل للوزارة كان مقترحاً دائماً، ألّا يكون بعدد كبير، وعلى سبيل المثال هناك رئيس وزراء ويعمل تحته نائب رئيس الوزراء للشئون الاقتصادية، ونائب رئيس الوزراء للشئون الاجتماعية، ويكون مسئولاً عن التموين وغيره، ونائب لشئون التعليم... وهكذا. وهناك عدد كبير لهم خبرة جيدة لإدارة البلد، ولو تحدثنا عن الاقتصاد على سبيل المثال فهناك فاروق العقدة وطارق عامر، فلهما خبرة كبيرة، ولكن المشكلة التى أراها أن عملية «التجريف» التى حدثت خلال حكم مبارك لعدد كبير من القيادات الوسطى، جعلتها غير ظاهرة للرأى العام. * ما الخطوات العاجلة التى يجب اتخاذها بعد رحيل مرسى؟ - هناك خطوات يجب أن تتم بدقة وشفافية لمصلحة مصر، وهذا ما غاب عن مصر عقب الثورة من يوم 12 فبراير عقب تنحى مبارك؛ من الممكن تأسيس مجلس رئاسى مدنى أو أن يتولى رئيس المحكمة الدستورية، وهذا شكل بروتوكولى، وعقب ذلك تأسيس جمعية تأسيسية لوضع دستور للبلاد، فكل دساتير مصر منذ عام 1923 تمت من خلال تأسيس جمعيات تأسيسية تضم فقهاء دستوريين ونقابات عمالية وغيرها من العقلاء، فيجب أن يشارك عقلاء الأمة فى الدستور، ويتم إجراء حوار عليه بعد ذلك يستغرق وقتا مناسبا، وليس أسبوعين كما تم مع الدستور الحالى، وبعد ذلك يتم عرضه للاستفتاء على الشعب. * هل من الممكن إجراء مصالحة وطنية فى ظل هذا النظام؟ - كل شىء ممكن، ولكن كل وقت وله ظروفه، «دلوقتى الموضوع مبقاش خلاف سياسى»، فالنظام الحالى أثبت أنه غير قادر على إدارة الدولة، وهذه نقطة مهمة يجب توضيحها، والحوار مع هذا النظام غير مفيد، والحوار أيام المجلس العسكرى فى عدد من القضايا كان «الإخوان» يشاركون فيه ولكن لا يلتزمون بنتائجه. بعد فوز الرئيس مرسى أصبح له شكل أغرب، يتخذ القرار فيصبح هناك غضب ووقتها يدعو إلى الحوار، ويقول إن الحوار ضم 18 تياراً وحزباً وهو عدد ليس له قيمة، ولكن إذا كانت هناك إمكانية لوجود حوار وهو غير مطروح الآن، فيجب أن يكون هناك 5 شروط مهمة لعمل حوار؛ من أطراف الحوار؟ الأجندة وما يتضمنه الحوار، الوقت، علانية الحوار، وأخيراً التزام الأطراف بنتائج الحوار وإلا يصبح الحوار بلا فائدة. * وكيف ترى 30 يونيو؟ - أرى أن الحشد القوى للمظاهرات ولفترة طويلة سيسفر عن نتائج مهمة، وهى تتوقف على القدرة على الحشد، ولكن الحشد لو كان يوماً أو اثنين لن يحقق أى نتائج، ولكن لو استمرت الحشود فترة أطول ستكون هناك نتائح متوسطة وهكذا، نتائج يوم 30 يونيو تتوقف على القدرة على الحشد وسلمية الحشد والاستمرار فى الحشد ومشاركة طوائف العمال، فأنا أرى أنه لو نسبة 15% من الذين تم جمعهم فى حملة تمرد وُجدوا على الأرض سيكون العدد «كويس»، وأن يكون ذلك فى جميع المحافظات، وأرجو أن يستمر الضغط لفترة كبيرة، وأنا أتوقع أن يكون هناك ضغط خاصة مع ازدياد حالة الغضب الموجودة لدى الشعب الآن، وأن هناك مطلباً عاجلاً للتغيير. * ما أكبر المخاطر التى تهدد مصر حالياً من وجهة نظرك؟ - أخطر ما يهدد مصر ليس الاقتصاد والماء فكل هذا ممكن أن يحل، ولكن أكثر ما يضر مصر هو حالة الانقسام الحالية والعنف والعنف المتبادل وانقسامه إلى فصائل، فتاريخ الشعب المصرى أنه شعب مسالم، وشارع آمن جداً، والتكافل والاحترام موجودان بين أطياف الشعب، وأتصور أننا لم نصل إلى هذا المدى، وهذا لا يعنى أن نقضى على جماعة الإخوان ونضعهم فى السجن، ولكن يمارسون السياسة عن طريق حزبهم السياسى والناس تنتخبهم وتحاسبهم بعد كدا. * وما تعليقك على حادث مقتل عدد من المسلمين الشيعة خلال الأسبوع الماضى؟ - هذا موضوع له مقدمات، فقبل مقتل الشيعة كان هناك تحريض مباشر عليهم فى مؤتمر دعم سوريا فى استاد القاهرة أمام الجميع، «وبعدين أنا مش فاهم إيه المشكلة فى وجود سياح من إيران؟ يعنى مثلاً ممكن نمنع السياحة الروسية لأنهم ملاحدة وبعضهم يؤمن بالماركسية، ونمنع السياحة من ألمانيا لأنهم مسيحيون «بروتستانت» ومن الممكن أن ينشروا المسيحية البروتستانتية، فما شهدناه كان نتيجة للشحن والاستعداء، فيوم مؤتمر سوريا حاولوا أن يخلقوا حالة من الاستفزاز، ويوضحوا أن هؤلاء من الخوارج ويجب أن «نخلص عليهم»، فمثل هذا النوع من الخطاب الدينى المتشدد ولّد حدثاً غير مسبوق فى أن يُقتل مصريون ويسحلون وهم أموات، وهذا عمل غير إنسانى وغير أخلاقى إطلاقاً.