وما الدنيا إلا مسرح كبير.. تذكرت تلك العبارة، حينما هاتفتنى منذ عدة أيام شخصية أعرف مدى قربها من جماعة الإخوان رغم انفصاله عنها منذ سنوات بعيدة، ولكنه ما زال محافظاً على صلته بهم بشكل جيد جداً، فيلتقى المرشد فى مكتبه ومحمد مرسى فى قصر الرئاسة، ويعلم كل ما ظهر وخفى من أمر هؤلاء، بل إنه لا يتردد فى إسداء النصح لهم فى بعض الأحيان، ووجدته يسألنى عن كيفية الخروج من المأزق الحالى، فقلت سبق السيف العذل، فمن بيده اتخاذ القرار يصر على التسلح بغباء الاستعلاء بالقوة، ظناً أنها ستحميه، ففاجأنى الرجل بالقول إن مرسى فشل عن جدارة ولابد من رحيله لإنقاذ البلد! يا الله.. هكذا إذن يفكرون ويرون أن الحل فى رحيل مرسى واختفائه من الصورة، سيضحون به بأى شكل، فأجبت الرجل أن المشكلة لم تعد فى مرسى لأنه بلا قيمة، هو مجرد واجهة لجماعة من المرتزقة لا تتوانى عن بيع أى شىء لتحقيق مكاسبها، ثم إن الثقة مفقودة منذ أن أخلفوا تنفيذ اتفاق فيرمونت قبل إعلان نتائج انتخابات الرئاسة 2012، فأجابنى الرجل أن اجتماع فيرمونت لم يكن مكتوباً وما سيتم الاتفاق عليه تلك المرة سيتم كتابته ليلتزم به الجميع!!! وهكذا يفكرون الآن فى اتفاق جديد يؤجلون به السقوط ويمنعون الهجوم عليهم وإقصاءهم، كما فعلوا مع الجميع من قبل، ولكنهم لا يعلمون أن الوقت قد فات وأنهم تأخروا جداً فى عرضهم هذا بعد أن فقدوا كل رصيد لهم لدى الناس، سرحت فى مكالمة الرجل وفكرت أن نهايات أى نظام ديكتاتورى، غالباً ما تكون واحدة عبر التخلص من رأس ذلك النظام وإبعاده عن الصورة سواء من قبل مؤيديه فى الداخل أو القوى الداعمة له من الخارج، لأن هذا الرأس اقترب كثيراً وعلم أكثر وبات يتحمل أوزار النظام كله ولذا وجب التخلص منه لتموت معه أسرار كثيرة شهدتها الكواليس وتظل أكثر إثارة وتشويقاً، وهكذا الحال فى موقف محمد مرسى الذى لا يدرك أن النهاية ستأتى لا محالة مهما حاول إطالة مدة بقائه على رأس الصورة، تماماً مثل «عتريس» زعيم عصابة كفر الدهاشنة فى فيلم «شىء من الخوف» -مع فارق القدرات والإمكانيات بالطبع- فعتريس هو صاحب القرار فى الحدوتة، أما مرسى فهو العروس المربوطة فى يد الشاطر يحركها كيفما شاء كالماريونيت، ولكن حينما طفح الكيل بأهل الدهاشنة، تحركوا حاملين المشاعل فى اتجاه بيت «عتريس» لإنقاذ «فؤادة» والانتقام منه.. لكنهم لم يقتلوه ولم يلقوا عليه النار، هم فقط حاصروه لتخرج «فؤادة» وتقف بينهم، بينما ظل هو داخل بيته الذى غادرته عصابته بعد أن أغلقوا عليه الأبواب من الخارج، ثم قاموا بإحراق البيت وبداخله «عتريس» الذى عجز عن الخروج حتى سقط محترقاً بنيران عصابته التى هربت لتبدأ حياتها فى مكان وزمان آخر. وهكذا دائماً لا يموت «عتريس»، وكل «عتريس» على يد من ظلمهم وأذاقهم ويلات الحزن والغيظ بعد ما سلبه من أرواح وحقوق، ولكن على يد عصابته التى نعمت معه بالسلب والنهب، يراودنى ذلك الخاطر الذى أعلنته منذ شهور طويلة حول مصير مرسى ونهايته، ويزداد فى تلك الأيام وأنا أرى تحركات الجماعة التى تفقد كل يوم السيطرة على قلقها من هبّة الناس يوم 30 يونيو، تُرى مَن سيتخلص من عتريس؟ الجماعة فى الداخل، أم أمريكا فى الخارج؟