قال تجار ومهربون فلسطينيون إن التشديدات الأمنية المصرية على الحدود مع قطاع غزة وإغلاق 95% من الأنفاق منذ أسبوع تسبب بتوقف تدفق الأغذية ومواد البناء والوقود بشكل شبه كامل ما أدى إلى ارتفاع أسعار هذه المواد بشكل محدود. وتوقع التجار أن ترتفع الأسعار بشكل هائل إذا ما استمر إغلاق الأنفاق لفترة أطول، مشيرين إلى أن مخزون غزة من المواد التي توقف تدفقها عبر الأنفاق "محدود جداً ولن يستمر أكثر من أسبوعين". وشددت قوات الأمن المصرية منذ عدة أيام إجراءاتها الأمنية على طول الحدود بين قطاع غزة ومصر، وذلك في إطارات استعدادات أمنية مكثفة لمظاهرات متوقعة يوم 30 يونيو تطالب بعزل الرئيس محمد مرسي، وسط مخاوف من اندلاع أعمال عنف مع المؤيدين للرئيس. وكان مصدر بهيئة الحدود والأنفاق التابعة للحكومة الفلسطينية المقالة في غزة قال إن عمل الأنفاق الحدودية تقلص بشكل كبير مُنذ عدة أيام بسبب التشديدات الأمنية المصرية، قبل المظاهرات المتوقعة يوم 30 يونيو الجاري. وأضاف المصدر، الثلاثاء الماضي، إن "كميات البضائع التي يتم تهريبها عبر الأنفاق هذه الأيام قليلة للغاية". وقال مالك أحد أكبر أنفاق تهريب مواد البناء إنّ نحو 95% من الأنفاق توقفت عن العمل بالكامل، وتزداد النسبة المذكورة شيئًا فشيئًا مع تواصل الحملة الأمنية المصرية، والتشديد على النقاط التي يسلكها المهربون لإيصال السلع للأنفاق. ولفت المهرب الفلسطيني، الذي رفض كشف هويته، إلى أن أقل من 10 أنفاق فقط تعمل على الحدود، من بينها أربعة أنفاق تهريب مواد بناء "حصى، حديد، أسمنت"، ونفقين للوقود "بنزين، سولار"، ونفقين آخرين لتهريب المواد الغذائية ك "السكر والدقيق والأرز وغيرها"، وعدد قليل يعمل لتنقل الأفراد من غزة لمصر والعكس، والبقية مغلقة بشكل كامل. وأشار إلى أن معظم أنفاق إدخال مواد البناء توقفت، فكان يعبر قبل عدة أسابيع حوالي "3 ألاف طن من الأسمنت" يوميًا عبر الأنفاق، و3 آلاف طن من حصى البناء، لكن اليوم أصبح لا يهرب أكثر من 100 طن، والأوضاع تتجه نحو الأسوأ". ونوه إلى أن الجيش المصري يشدد من حملته على الأنفاق، ويغلق أي نفق يكتشف أنه يعمل، ويلاحق المهربين، ويصادر الشاحنات التي يتم ضبطها، خاصة التي تخرج من مدينة رفح المصرية والتي تدخل إليها، موضحاً أن التشديدات تمتد على مختلف أنحاء الجمهورية وخاصة شمال سيناء. وبين أن الجيش المصري مازال يواصل هدم الأنفاق عبر إغراقها بالمياه، لافتًا إلى وجود حفار مقابل حي "الشعوت" و"الزعاربة" غربي مدينة رفح الفلسطينية يعمل على البحث عن الأنفاق ويدمرها، مُنذ أسابيع وبشكل شبه يومي. بدوره، أكد مالك أحد أنفاق الوقود، أنّ كميات الوقود التي تدخل القطاع يوميًا تقلصت بشكلٍ كبير خاصة البنزين، موضحاً أن كمية البنزين التي تهرب يوميا إلى غزة ما بين 50 و100 ألف لتر، وهي كميات لا تفي ربع حاجة سكان القطاع، حيث كان يهرب قبل التشديدات ما بين 400 و500 ألف لتر. وأشار إلى أن أنفاق الوقود تتوقف عن العمل أحيانًا بسبب التشديدات من قبل الجيش وحملات التفتيش من قبل المخابرات. وفي السياق ذاته، قال تيسير الصفدي، رئيس اتحاد الصناعات الغذائية في قطاع غزة، إن "تهريب المواد الغذائية إلى قطاع غزة عبر الأنفاق متوقف منذ ثلاثة أو أربعة أيام وهذا أدى لارتفاع أسعار بعض السلع الأساسية مثل الدقيق والقمح والأرز والزيوت النباتية والبقوليات". وتوقع الصفدي ارتفاع أسعار جميع أنواع المواد الغذائية في قطاع غزة بشكل كبير جداً إذا استمر إغلاق الأنفاق لفترة أطول، مشيراً إلى أن مخزون قطاع غزة من المواد الغذائية يكفيها لأسبوعين فقط. وأوضح أن السوق في قطاع غزة يعاني منذ ثلاثة أيام من شح كبير في كميات الدقيق لأنها تدخل عبر الأنفاق وتستهلك بشكل يومي ولا يتم تخزينها، مرجحاً ارتفاع أسعار الدقيق بشكل كبير خلال الأيام القادمة. وبين أن قطاع غزة يستهلك ما بين 450 و500 طن يوميا من الدقيق يتم ادخال 200 طن منها عبر الأنفاق و150 طنا يصنع محليا والباقي يتم شراءه من التجار الإسرائيليين ويورد إلى غزة عبر معبر كرم أبو سالم. بينما تستهلك غزة 170 طنا من السكر يدخل 70% منها عبر الأنفاق و30% يتم توريده عبر معبر كرم أبو سالم، وفق الصفدي. ويحتاج القطاع إلى 100 طن يومياً من الأرز، فيما يحتاج إلى 70 طنا من الزيوت النباتية يتم توريد 70% منها عبر الأنفاق و30% يتم شراءه من الأسواق الإسرائيلية وتوريده لغزة عبر معبر كرم أبو سالم. من جانبه قال ناهض العمصي، وهو تاجر مواد بناء، إن إغلاق الأنفاق تسبب بشح الأسمنت، وحصى البناء في الأسواق، ما أدى إلى ارتفاع أسعارها بشكل كبير، مبيناً أن سعر الطن الواحد من الأسمنت ارتفع من 380 شيكل إلى 700 شيكل. وأضاف العمصي أن جميع احتياجات قطاع غزة من مواد البناء يتم تهريبها عبر الأنفاق حيث لا تسمح إسرائيل بتوريد مواد بناء لغزة "إلا لصالح المشاريع التي تشرف على تنفيذها مؤسسات دولية". وبدأ قطاع غزة يعتمد بشكل شبه كامل على الأنفاق، عقب تشديد إسرائيل للحصار على القطاع في يونيو 2007، حيث قلصت السلطات الإسرائيلية توريد كميات البضائع والوقود الداخل للقطاع بشكل كبير ما تسبب في أزمة كبيرة.