الملايين يتألمون من بشاعة العمليات الإرهابية التي يرتكبها ذلك التنظيم الإرهابي، فتتعالى الصيحات مطالبة بحكم قاطع بعدم انتماء هؤلاء القتلة للدين الإسلامي، فيهب "الأزهر الشريف" رافضًا تكفير "داعش"، غير أن ذلك الموقف تغير، فجأة، على لسان أمين الدعوى بالمؤسسة الذي رضخ، أخيرا، لما أراده ملايين المفكرين خلال الفترة الماضية. المحك الأول لمؤسسة "الأزهر" مع مسألة تكفير "داعش"، كان عبر بيان رسمي أصدرته "الأزهر الشريف" في ديسمبر عام 2014، نفى خلاله تهمة تكفير "داعش" عن الشيخ إبراهيم صالح الحسيني، مفتى نيجيريا، الذي ألقى كلمة بمؤتمر الأزهر الشريف لمواجهة العنف والتطرف، وأنه لم يكفر "داعش" أو غيرهم بل وصف أفعالهم بأنها أفعال لا تتناسب مع أهل الإسلام، وأنه لم ينعتهم بغير "المبتدعة الجدد"، قبل أن يصرح الأزهر ذاته برأيه قائلا: "لا تكفير لمؤمن مهما بلغت ذنوبه". لا يزال الأزهر على موقفه، ولكن المصرّح، هذه المرة، رأس المؤسسة الدكتور أحمد الطيب، الذي أعلن رفضه لتكفير "داعش"، خلال لقائه برؤساء تحرير الصحف المصرية في يناير عام 2015، ليأتي الدكتور محيي الدين عفيفي، أمين عام مجمع البحوث الإسلامية، ليصدّق على كلام شيخه ويشدد على عدم جواز تكفير أي مسلم مهما كانت ذنوبه. تراجع طفيف طرأ على موقف المؤسسة الدينية الأعرق بعد الحادثين الإرهابيين الذين استهدفا كنيسة "مارجرجس"، بطنطا والكنيسة الكاتدرائية المركسية بالإسكندرية، فها هو الدكتور محمد زكي، أمين اللجنة العليا للدعوة بالأزهر الشريف، يؤكد أن الانتحاري يكون كافرا إذا فجّر نفسه واستحل ما يقوم به، وأن الانتحاري الذي فجر الكنيسة يكون كافرا إذا ما اعتقد أن ما يفعله هو أمر شرعي مأمور به، ومات على ذلك بعد أن ارتكب فعلته، وأن "الأزهر لا يكفر أي شخص إلا بشروط وضوابط". الدكتور سالم عبدالجليل، العالم الأزهري ووكيل وزارة الأوقاف الأسبق، أكد أن الكفر، حكم شرعي لا يتم إطلاقه سوى على شخص أنكر ركن من أنكار الدين، وهم 11 ركنا للإيمان والإسلام ومن يجاهر بإنكارهم صراحة، يحق عليه لفظة "الكفر" شرعا، مشددا، في الوقت نفسه على أن من يقتل متعمدا لا يمكن أن يوصف بأنه "متدين". تصريحات الأزهر الشريف وفقا ل"عبدالجليل" ينقصها وصف تنظيم "داعش" بأنهم "غير مسلمين حقا"، لأن أعضاء التنظيم الإرهابي، يمكن أن نعتبرهم مسلمين نظريًا لأنهم أقروا بالإسلام، ولكن أفعالهم تجعلهم بعيدين كل البعد عن الإسلام من الناحية العملية، وذلك مصداقا لقول النبي، صلى الله عليه وسلم، في حديثه: "المسلم من سلم الناس من لسانه ويده"، وهذا يعني أن من يفعل أي شيء يؤذي غيره فهو ليس في الإسلام من شيء.