ذكر التقرير النهائي لمؤشرات جولة الاعادة لوحدة الانتخابات الرئاسية للمجلس القومي لحقوق الانسان أن جولة الإعادة شهدت جملة من الظواهر الانتخابية غير المسبوقة، بدأ التهديد بالعنف والترويع في تصريحات علانية او مبطنة، وغاب احترام القانون بكسر الصمت الانتخابي، واستمرار الدعاية الانتخابية، دون إبداء الاحترام للقواعد القانونية المنظمة للعملية الانتخابية. وأشار التقرير إلى أنه من أخطر الظواهر تجاوز المعسكرين المتنافسين لسقف الإنفاق الانتخابي بمراحل كبيرة، والخروج بالدعاية من مقتضى القواعد المنظمة إلى ما يسمى "الدعاية القذرة" بتبادل الاتهامات والإدانة في جرائم يعاقب عليها القانون دون تقديم دليل واحد عليها وكان الهدف منها الإساءة للمنافس، فضلا عن الدعايا المهددة والمروعة للمجتمع باستخدام العنف. وأوضح أنه كان هناك تدخل من أئمة المساجد واستخدام منابر بيوت الله في الترويج والدعاية واستخدمت أنواعًا من الدعاية أظهرت مصر وكأنها في معركة من أجل الدين، وفي صراع بين الدولة الدينية والدولة المدنية، أو كأنها في حرب بين أنصار الإسلام من جانب وأعدائه من جانب آخر، أو بين الثوار من جانب ضد النظام السابق وأعوانه من جانب آخر، وتبادل كلا الطرفين الاتهامات حول استخدام الرشاوى الانتخابية لشراء أصوات الناخبين. وأوضح التقرير أن أجواء الانتخابات الرئاسية في جولة الإعادة انقسمت إلى مرحلتين: الأولى، حتي انتهاء عملية الاقتراع، وشهدت الظواهر السلبية والمخالفات والخروقات المعتادة، منها إلى جانب الدعاية السلبية وخرق الصمت الانتخابي، عدم التزام رؤساء لجان بالمهام الملقاة على عاتقهم، وإشراك أمناء اللجان في ممارسة هذه المهام، مما نتج عنه حدوث عدد من التجاوزات لكنها لم ترق إلى العمومية أو الشمولية، وصلت إلى أقصاها عندما ورد بلاغ عن تدخل رئيس لجنة للتسويد لصالح مرشح، أو للاطلاع على بطاقات إبداء الرأي واشتملت قاعدة بيانات الناخبين على أخطاء في عدد من المناطق. وكان لارتفاع درجات الحرارة في يومي الانتخاب أثره السلبي على أعداد الناخبين المشاركين في العملية الانتخابية، وأوضحت العديد من الدلائل انخفاض كبير في نسب المشاركة في جولة الإعادة عنها في الجولة الأولى، وهو ما وضع العديد من علامات الاستفهام حول الأرقام التي أعلنتها مؤشرات النتائج الأولية المزعومة، خاصة مع ورود شكاوى من منع ناخبين أقباط من الوصول إلى مقار الاقتراع، فضلا عن بلاغات عن اعتداءات على ناخبين أقباط. وتعد مخالفتا البطاقات "سابقة التأشير" وأقلام "الحبر السري" الأبرز في جولة الإعادة حيث تم ضبط البطاقات قبل إيداعها بصندوق الاقتراع، أما الأقلام فقد ألزم القضاة الناخبون بالتصويت بأقلام موجودة أصلا داخل مقار الاقتراع. وظهر في يومي الاقتراع بطاقات إبداء الرأي تم التأشير فيها لصالح المرشحين، وإن كانت بكثافة أعلى لمرشح منهما، وهي آلية بدا منها أنها تستهدف تزوير أو تسويد بطاقات إبداء الرأي، فقد تم التأشير عليها قبل وصولها للجان الفرعية، ومن غير المنطقي أن تمر عبر أيدي رؤساء اللجان، ومن بعدهم الناخبين، دون ملاحظاتها. وأكدت لجنة الانتخابات الرئاسية من اليوم الأول سيطرتها على هذه الظاهرة، وأنها لم تمرر إلى الصناديق، وكان لهذه الظاهرة أثرها السيء على سمعة عملية الاقتراع، ومن المؤكد أن التحقيقات التي تجريها لجنة الانتخابات الرئاسية، والنيابة العامة ستوضح الجوانب الغامضة في هذه الظاهرة. ولم تتعد شكاوى تسويد البطاقات، وفقا لما ورد لغرفة العمليات، حالات فردية، ومرت مرحلة الفرز دون أن ترد شكاوى لغرفة العمليات - إلا حالة واحدة تتعلق بمنع مندوب من حضور الفرز، كما لم تتداول وسائل الإعلام أية عوائق لهذه المرحلة، وقد تمت بحضور المندوبين ومراقبي المجتمع المدني ووسائل الإعلام. لقد كانت الانتهاكات والمخالفات الحاصلة في مرحلتي الدعاية والاقتراع بجولة الإعادة ذات تواجد محدود وغير ممنهج، ولم تؤثر على إرادة الناخبين، فهي لم تستهدف إعاقة الناخبين ومنعهم من التصويت، ولم يمارس عليهم عنفًا أو ترويعًا أمام مقار الاقتراع، ولم يتم رصد ظواهر متكررة ومنتشرة لتسويد بطاقات الاقتراع، وتزييف إرادة الناخبين، كما جاءت القوانين رغم ثغراتها، ونواقصها خالية من سياسات ممنهجة تستهدف التأثير والانحياز لصالح مرشح معين، ولم ينص القانون الانتخابي على قيود في شأن الدعاية الانتخابية ووسائلها أو على حركة المرشحين واتصالهم بالناخبين، أو حق الناخبين في تلقي المعلومات بمختلف الوسائل، ولم تفرض قيودًا علي حق الاجتماع العام والتظاهر و التجمع . الثانية خلال مرحلتي الطعون وإعلان النتائج يمكن القول أن مراحل ما بعد الفرز في المقار الفرعية هي الأسوأ في تاريخ الانتخابات المصرية، فقد فرضت تصرفات بعض المعسكرات المتنافسة أجواء من فقدان المصداقية والثقة، كما فرضت علي المشهد الانتخابي أجواء وتوقعات بالتزوير، ومثلت تلك الإجراءات قيودًا وعوائق في طريق الإعلان الرسمي للنتيجة. إن ما تم عقب انتهاء مرحلة الفرز من جانب أنصار مرشح حزب الحرية والعدالة باستباق لجنة الانتخابات الرئاسية في إعلان النتيجة النهائية للانتخابات، كان له أثره السيئ على مجمل العملية الانتخابية، وفرض مناخا من المخاوف بتفجر أعمال عنف في البلاد، وقد أعقب ذلك لإعلان المعسكرالمنافس فوز مرشحهم وفقا لتقديراتهم الانتخابية، وهي خطوة تمثل انتهاكا للقانون الذي منح مندوبي المرشحين حق الحصول علي نتائج الاقتراع دون إعلانها، حيث قصر هذا الحق علي لجنة الانتخابات الرئاسية دون غيرها. وكرر هذا الخطأ جماعة مهنية تدعى "قضاة من أجل مصر"، حيث أعلنت أيضا نتائج مشابهة خلال مؤتمر صحفي، علما أنها جماعة مهنية لا مندوبين لها في مقار الاقتراع للحصول على نسخة من محاضر الفرز والنتائج. لقد تسبب هذا الاعلان المبكر غير الرسمي للنتائج في انقسام حاد داخل المجتمع، وفرض أجواء وأحاديث عن تزوير متوقع لنتائج الانتخابات، خصوصا وأن هذا الأسلوب غير القانوني كرس مفهوم فوز مرشح وأنه الرئيس الشرعي للبلاد قبل انتهاء مرحلة الطعون الانتخابية على النتائج وقبل إعلان النتائج الرسمية من لجنة الانتخابات الرئاسية، فقد علت موجات التشكيك، على الرغم من عدم انتهاء مرحلة الطعون والنظر فيها، وبدأ كل طرف من المتنافسين في توجيه الرأي العام تجاه نتائج يذيعها على الملأ دون احترام حق لجنة الانتخابات الرئاسية في إعلان النتيجة الرسمية، وهو ما أهدر قيمة النتيجة الرسمية لدى الناخبين، ومهد الطريق أمام رفض النتيجة الرسمية من كلا المتنافسين وتشكك الرأي العام في نتيجة الانتخابات. لقد جاءت هذه التصرفات والسياسات المقصود منها تشكيك الرأي العام في نتيجة الانتخابات بالمخالفة للقوانين التي تحظر أي محاولة للتأثير على نتائج الانتخابات، ومنها نص المادة 48 من قانون مباشرة الحقوق السياسية والتي تعاقب بالحبس من سنة إلى خمس سنوات وغرامة من 10 آلاف جنيها إلى 100 ألف جنيها لكل من نشر وأذاع أقوالاً أو أخبارًا عن موضوع الانتخابات أو الاستفتاء بهدف التاثير في نتيجته، كما جاء مخالفا للمادة رقم 47 من قانون الانتخابات الرئاسية الذي يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنتين لكل من استخدم ايا من وسائل الترويع او التخويف بقصد التاثير في سلامة سير انتخاب رئيس الجمهورية ولم يبلغ مقصده، فإذا بلغ مقصده تكون العقوبة الحبس لا يقل عن سنتين ولا يزيد عن خمس سنوات. الشكاوى الواردة لغرفة العمليات ورد لغرفة العمليات المركزية بوحدة دعم الانتخابات بالمجلس القومي لحقوق الإنسان عدد 169 شكوى على مدار يومي الانتخاب في جولة الإعادة، تم حفظ 49 شكوى للتكرار أو عدم الاختصاص أو لعدم وجود انتهاك بالشكوى أو لعدم وضوح البيانات بها أو نقصها، وتم التعامل مع 120 شكوى، وحررت لها بلاغات تم إرسالها للجنة العليا للانتخابات منها 22 شكوى عاجلة. واحتوت هذه الشكاوى على 160 مخالفة وانتهاك، كان في مقدمتهم التأثير على إرادة الناخبين أو توجيهها، بعدد 35 شكوى، وتناولت هذه الشكاوى أنصار المرشحين خارج اللجان، ومندوبيهم داخل اللجان، وكذلك موظفي ورؤساء اللجان الفرعية، وإن كانت بنسبة أقل من غيرهم. ويليها استمرار الدعاية الانتخابية والتي تكررت بعدد 31 شكوى. وفي المرتبة الثالثة كانت شكاوى تتعلق بإدارة اللجان الفرعية ب 14 شكوى، وشملت تضرر المواطنين من سوء المعاملة، وعدم مباشرة رؤساء اللجان الفرعية لدورهم، وقيام الموظفين بدور رؤساء اللجان. وفي المرتبة الرابعة شكاوى تتعلق بأعمال الشغب والعنف أمام اللجان ومقار الاقتراع بين أنصار المرشحين، وتعطيل سير العملة الانتخابية نتاج هذه الأعمال. وفي المرتبة الخامسة كانت الشكاوى من منع الناخبين من الإدلاء بأصواتهم بعدد 9 شكاوى، وبنفس العدد كانت الشكاوى من منع وكلاء ومندوبي المرشحين، وكذلك المراقبين، وممن منعوا من المراقبين وفد المجلس القومي لحقوق الإنسان والذي شمل كل من د.عمرو حمزاوي، والأستاذ، جورج إسحاق. وفي المرتبة السادسة كانت 8 شكاوى من تدخل قوات التأمين بفرعيها (العسكري والمدني) في سير العملية الانتخابية، بالتواجد داخل اللجان الفرعية ومنع ناخبين من التصويت، وتوجيه إرادتهم تجاه مرشح بعينه. وفي المرتبة السابعة كانت الشكاوى من وجود أخطاء في قاعدة بيانات الناخبين بعدد 6 شكاوى، بوجود أسماء متوفين في الكشوف، أو رفع أسماء ناخبين من الكشوف لهم الحق في الانتخاب. وفي المرتبة الثامنة كانت 5 شكاوى عن انتهاك سرية التصويت، من خلال التصويت الجماعي باللجان الفرعية، أو قيام الناخب بتصوير بطاقة الاقتراع بعد الإدلاء بصوته فيها، أو تدخل المتواجدين باللجنة لمعرفة اختيار الناخب. وفي المرتبة التاسعة تساوت الشكاوى من الرشاوى الانتخابية، مع شكاوى تسويد بطاقات الاقتراع. وفي المرتبة العاشرة تساوت أعداد الشكاوى من عدم وجود حبر فسفوري، والشكاوى من غلق اللجان أثناء يوم الاقتراع، والشكاوى المتعلقة بالبطاقات المؤشر فيها مسبقاً.