كلما طفا على السطح مصطلح صادر عن رموز تيارات اليمين الدينى المتطرف، يرصد المتابع أنه يصب فى مخطط «تجريد» مصر من مؤسساتها، من قضاء لجيش لإعلام لسلطات تشريعية وكذلك تجريدها من قوتها الناعمة، التى حققت لها مكانة فريدة فى الوجدان العربى والعالمى. وبهذه القوة الناعمة أسسنا علاقات وثيقة مع القارة الأفريقية ما زلنا نعيش على بقاياها. تحمل معظم دول القارة السمراء جميل مصر، التى لم تعتبر مساعداتها منا، ووصل التعاون المصرى حتى جنوب أفريقيا التى وصف زعيمها نلسون مانديلا الزعيم جمال عبدالناصر بأنه زعيم رؤساء أفريقيا.. ولكن بدلاً من أن يبنى من جاء بعد عبدالناصر، فوق ما هو قائم وماثل للعيان، أدار الرئيس السادات ظهره لأفريقيا ووصل الأمر بالرئيس مبارك إلى حد المقاطعة، خاصة بعد محاولة الاغتيال التى تعرض لها فى أديس أبابا، ثم قامت فى مصر ثورة على الأوضاع المتردية مجتمعة، من داخلية إلى خارجية، وقفزت تيارات الإسلام السياسى إلى سدة الحكم، فكان ما نراه ونعيشه الآن من ارتباك ومهانة على الساحة الدولية، ويكفى دليلاً على الوضع العبثى الذى نعيشه، مشهد ما سمى بالحوار الوطنى، الذى أذيع على الهواء مباشرة، حيث لم نر مظاهر غضب أو استنكار على وجه الرئيس «المؤمن» عندما اقترح بعض المشاركين فى المهزلة، مرة رشوة زعماء قبائل أفريقية ومرة أخرى إطلاق شائعات عسكرية. وكما يبدو فإن أحدا من أطراف الحوار لم يقدم حلاً عملياً بعيداً عن الأساليب المدانة، حتى فى الدول التى يصفها أصحاب اللحى بالكافرة، فما بالك بأناس خدعوك فقالوا إنهم يطبقون الشرع وما شرعوا فيه حتى الآن هو المزيد من تقزيم مصر ويكفى لذلك جلسة الحوار الوطنى، التى لم ينبه أحد ما الرئاسة أنها مذاعة على الهواء، إلا عندما اقترب متحدث من قدس الأقداس، أمريكا وإسرائيل!!! وحيث الهدف هو تجريد مصر من قوتها الناعمة فقد صرخت حناجر المتأسلمين بضرورة إلغاء فن الباليه لأنه يحرض على الفسق! متصورين أننا جميعاً مثلهم، يقتصر تفكيرنا على النصف الأسفل. ومن الباليه إلى بقية صنوف الإبداع الذى يكنون له كراهية عميقة ويعتبرون الحرب ضده حرباً مقدسة بحيث تتقلص مصر إلى «دويلة»على مقاس كتالوج الخلافة، ويؤكد ما نراه بصدد أزمة سد النهضة الإثيوبى أن مصر التى فى خاطرنا ليست فى خاطرهم بالمرة. لكننا لن نسمح لهذا المخطط بالمرور.