فى الطريق إلى النادى الدبلوماسى، «موعد اللقاء»، كانت حرارة الأجواء السياسية أكثر لهباً من شمس صيف القاهرة، مع المليونية الرافضة للإعلان الدستورى المكمل فى ميدان التحرير، وتتزاحم الأخبار والمعلومات عن السباق الرئاسى أكثر من زحام السيارات، والمشهد فى مجمله لم يقل عشوائية عن البضاعة الجائلة التى افترشت الأرض أمام إحدى قلاع الارستقراطية منذ عهد أسرة محمد على، وهناك التقت «الوطن» بالسفير محمد العرابى وزير الخارجية السابق، عن جميع البنود المدرجة على الأجندة المصرية داخلياً وخارجياً فى هذا التوقيت، خصوصاً فى ظل الحملة الإعلامية الإسرائيلية الشرسة على سيناء، وتقييمه للأداء الدبلوماسى خلال المرحلة الانتقالية والتحديات القادمة على مسرح السياسة الخارجية، التى اعتبرها مرحلة تكسير عظام واستعادة أرض، كما كشف عن أسرار وآراء لشخصيات عالمية تلقاها منهم مباشرة بينهم هنرى كيسنجر الذى أبلغه قبل 9 أشهر بأن «الإخوان قادمون»، وإلى تفاصيل الحوار.. * منذ أيام قليلة صدر قرار بإنشاء مجلس للدفاع الوطنى، فى رأيك ما جدوى وأهمية مثل هذا المجلس الآن ونحن نستعد لتسليم السلطة لرئيس منتخب؟ - أولا الفكرة ليست جديدة وكانت قائمة منذ فترة طويلة، وأعتقد أنها منذ عهد الرئيس جمال عبدالناصر، لكن لم تكن بالشكل المؤسسى كما هو الحال الآن، وحتى فى عهد الرئيس السابق حسنى مبارك كان هناك مجلس للدفاع الوطنى، وأحياناً كان يجتمع ولكن غابت عنه فكرة المؤسسية، والهدف منه مناقشة كل ما يتعلق بالأمن القومى، لذا أراه أمراً جيداً، بأننا وضعنا إطاراً مؤسسياً لهذا الجهاز، وأرجو أن ينظر إليه الناس باعتباره إضافة لمؤسسات الدولة، ومثلاً فى السابق كان يوجد حديث عن تنازع اختصاص بين وزارة الخارجية والمخابرات العامة، ومن ثم فإن مجلس الدفاع الوطنى سيكون من مهمته التنسيق بشكل مؤسسى بين الأجهزة المعنية بالأمن القومى، والتحركات الاستراتيجية فى الخارج، ومن الممكن أن يكون التشكيل الحالى استحدث وجود قادة الأفرع الرئيسية فى القوات المسلحة داخل المجلس، وليس فقط وزير الدفاع ومدير المخابرات العامة ووزيرى الخارجية والداخلية. * تردد أن هذه الفكرة كانت نابعة من وزارة الخارجية بعد ثورة 25 يناير، فما حقيقة الأمر؟ - حقيقة الأمر أنه بعد ثورة يناير، طالب الدكتور نبيل العربى بإعادة إحياء هذا الجهاز، ولم تلق هذه الفكرة قبولاً فى حينها، وعندما توليت منصب وزير الخارجية طالبت بإعادة إحيائها واقترحت أن يكون مدير إدارة التخطيط السياسى فى وزارة الخارجية الأمين العام لهذا المجلس، وفى التشكيل المعلن للمجلس الآن أصبح أمين عام وزارة الدفاع أميناً عاماً، والتمثيل الزائد للقوات المسلحة أعتبره أمراً جيداً، لأن مصر فى الفترة القادمة ستدخل فى تحديات كبيرة جداً داخلياً وخارجياً وحدودياً أيضاً، لذا فالتشكيل الحالى يتناسب جداً مع الفترة المقبلة. * ما تفسيرك إذن بأن قطاعاً ليس قليلاً فى الشارع لم يستقبل هذا القرار باستحسان واعتبره شكلاً جديداً من الوصاية العسكرية على الرئيس المقبل؟ - أندهش بشدة من الأحكام التلقائية دون دراسة، التى تتنافى مع المطالب التى سمعنا بها قبل الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية عندما كان هناك 13 مرشحاً، وكان الجميع يتحدث عن ضرورة تقليص صلاحيات الرئيس حتى ننهى مسألة الرئيس الفرعون وأن ننتقل إلى مرحلة دولة المؤسسات فعلياً، الآن انتهى هذا الكلام وأصبحنا نتحدث عن عدم المساس باختصاصات رئيس الجمهورية، هذا غير صحيح لأن الرئيس أياً كان ومهما كانت قدراته عندما ينظر إلى قرار استراتيجى يمس دولة كبرى فى المنطقة بحجم مصر كان سيضطر إلى الاجتماع بهؤلاء المسئولين لكى يتخذ قراراً سليماً وعلمياً ومبنياً على دراية، ولم يكن هناك إطار مؤسسى الآن أصبح هناك مؤسسة ستساعد رئيس الجمهورية وستنزع عنه صفة الفرعونية حتى لا يتفرد باتخاذ قرارات مصيرية فى حق هذه الأمة، ومن ثم لماذا نغضب؟. وفى نهاية الأمر هو رئيس الجمهورية وهذا الأمر ليس بدعة، ولكنه معمول به فى جميع الدول الديمقراطية، ومثل هذه المؤسسة تمثل الواقع والخبرة والإمكانات الفعلية للدولة قبل أن يتخذ الرئيس قراراً مبنياً على أحلامه وخياله أو وعود انتخابية ليس لها سند فعلى فى القدرات الاستراتيجية للدولة، وأيضاً للتسجيل وللتاريخ، فستجد مثلاً محاضر مجلس الأمن القومى فى عهد الرئيس الراحل أنور السادات سجلت بدقة كيف خرجت القرارات المصيرية للدولة، وهذا لم يكن موجوداً فى العهد السابق الذى اعتمد بشكل مباشر على وجود سكرتير معلومات للرئيس فقط، دون وجود مؤسسة قائمة بذاتها. * ذكرت أن مصر مقبلة على تحديات داخلية وخارجية وحدودية، كيف تراقب إذن المحاولات الإسرائيلية الهادفة لبناء رأى عام دولى بأن سيناء خارج السيطرة المصرية؟ - أعتقد أن حدود مصر الشرقية وأمن سيناء والعلاقة مع إسرائيل ستكون فى طليعة اجتماعات مجلس الدفاع الوطنى مع الرئيس المقبل، وبالطبع ما تفعله إسرائيل إعلامياً فى هذا الخصوص أمر بالغ الخطورة، وإسرائيل تدرك أن الوضع اختلف فى مصر، ولديها مخاوف كبيرة لأننا على طريق الديمقراطية، والشعب استرد سيادته وقدرته على اتخاذ القرار، ولذلك أرى أن شكل العلاقة القادمة معها سيقررها الشعب وليس الرئيس بمفرده، وعلينا أن نتوقع فى الفترة القادمة عدداً من الاختبارات الإسرائيلية لنظام الحكم الجديد فى مصر، لكى تتعرف على شكل هذا النظام وقدرته على رد الفعل. * هل تقصد تصعيداً عسكرياً؟ - ليس هذا المقصود بشكل مباشر، والقوات المسلحة لن تترك البلاد تتعرض لأى خطر جسيم من أى نوع، ولكن نحن أيضاً علينا كدولة وكشعب أن ننظر إلى أمننا الاستراتيجى فى ظل بناء دولة ديمقراطية، وأن نتوقف عن التحزب والانقسامات والتجاذبات حتى لا ندفع ضريبة ذلك من أمننا القومى، ولكن ما أعنيه أنه سيكون هناك حالة من الشد والجذب مع إسرائيل لأنها تريد استكشاف إمكانيات القدرات الخاصة للنظام الجديد. * سأتوقف عند هذه النقطة من واقع درايتك بالنمط الإسرائيلى فى التفكير عندما عملت نائباً للسفير المصرى فى تل أبيب، كيف ستكون بالونات الاختبار الإسرائيلية للرئيس الجديد، طالما أنك ربطت السيناريو العسكرى فقط فى حالة وقوع مصر فى الفوضى؟ - أكرر ما قلته وأستبعد أن يكون لدى إسرائيل غباء سياسى يدفعها للدخول فى عمل عسكرى مع مصر، ولكن علينا أن نقى بلدنا من الغرق فى الفوضى لأنها ستكون الخراب الأكبر، وعلينا كشعب أن ندرك أن هذا البلد يستحق منا الكثير، ولكن بالونات الاختبار الإسرائيلية ستكون سياسية على شاكلة أن يخرج عضو فى الكنيست يطالب الرئيس الجديد بزيارة إسرائيل، أو يأتى رئيس وزرائهم ويطلب الحضور إلى القاهرة، وهكذا، وسينتظرون رد الفعل، وعليه سيستكشف طبيعة العلاقة مع الإدارة الجديدة. * إذن ما مصلحة إسرائيل فى بناء حالة إعلامية مستمرة حول سيناء بتصريحات مباشرة وصريحة من قِبل مسئوليها، وكيف تنظر إلى الصمت الدبلوماسى المصرى تجاه هذه الحملة المنظمة؟ - إسرائيل تدرك جيداً أنها أصبحت تعيش الآن فى محيط استراتيجى جديد، لذا تتحرك سياسياً أو تمارس ضغوطاً على بعض الدول الغربية، لتضغط بدورها على مصر فى اتجاه ما، ولديهم مخاوف من أن يسود التيار الإسلامى فى دول الجوار لها، أضف إلى ذلك حلقة الاتصال بين حماس فى غزة وقوى الإسلام السياسى فى المنطقة، لذا تعيد إسرائيل صياغة حساباتها وحسابات وجودها فى المنطقة العربية، ومن ثم تستدعى كل حلفائها لكى يكون لها تأييد، خصوصاً أنها دائماً تعيش فى فكرة الخطر الأمنى الجسيم، وأمنهم دائماً مرتبط من وجهة نظرهم بالجغرافيا والسياسة فى الدول المحيطة. * أكرر السؤال بوضوح هل لو كنت فى موقعك السابق وزيراً للخارجية هل كنت ستلتزم الصمت تجاه حرب التصريحات الإسرائيلية؟ - مصر ليست فى حاجة إلى أن تطلق تطمينات لأحد لأنها تعيد تشكيل سياستها، ولكن لو كنت فى موقعى السابق مؤكد أننى كنت سأرد مباشرة، خصوصاً أننى أعلم التفكير الإسرائيلى جيداً، فهو يحتاج إلى رد حازم وقاطع حتى لا تذهب هذه التصريحات فى مجراها وتسير فى إطار حملة تشنها على مصر، وكنت سأقطع عليهم هذا الطريق لأنهم يخططون لبناء مواقف ضدنا فى الخارج، بأن سيناء أصبحت مفتوحة وبها عناصر متطرفة، وكلام على هذا الشكل، وأكبر دليل على كذب هذه الادعاءات، الانتخابات الرئاسية نفسها، لأنه كانت هناك لجان فى مختلف مناطق سيناء وجرت الانتخابات فى أمان تام وسيطرة كاملة على جميع التراب الوطنى، وإذا كان الأمن المصرى غير موجود هناك لم تكن لهذه الانتخابات أن تكتمل، ملخص القول إننا مقبلون على مرحلة تكسير عظام وعلينا أن نكون جاهزين لها. * فيما يخص القادم، هناك وجهتا نظر الأولى أن مصر ستدخل مرحلة الانطلاق مع تولى الرئيس، والثانية تذهب إلى أن المرحلة الانتقالية الحقيقية ستبدأ مع انتخاب الرئيس، فما رأيك؟ - أميل لوجهة النظر الثانية، لأن المرحلة الانتقالية التى عشناها، كان مبالغاً فيها وكان يمكن أن تختصر، ومن ثم نحن مقبلون بالفعل على مرحلة صعبة وانتقالية أيضاً، فنسب الأصوات التى حصل عليها المرشحون فى جولة الإعادة متقاربة جداً، أى أن هناك فريقين كل منهما اختار طريقاً مختلفاً عن الآخر، وأياً كان الرئيس القادم فهو يدرك أن مصر لا تمتلك «رفاهية الفشل»، وليس فى إمكانها أن تضيع سنوات أخرى فى عبث لأن الاقتصاد والشكل الخارجى سينهار، ومن ثم تأثيرنا فى المنطقة سيتلاشى، وعلينا أن نستثمر كل الفترة المقبلة فى عمل جاد، وأتمنى أن يدرك الشعب أن دوره يجب أن يختلف فى المرحلة المقبلة أياً كان الرئيس، من مرحلة التظاهر سواء مع أو ضد إلى مرحلة الإنتاج؛ لأننا مقبلون على مرحلة صعبة. * ما الأخطاء التى وقعت فيها السياسة الخارجية أثناء المرحلة الانتقالية؟ - الأخطاء على الصعيد الداخلى تكون منها البداية، بمعنى أننا الآن نبدأ من النقطة صفر بإعداد الدستور، وكان يفترض أن نكون أنهيناها منذ عام مثلاً وهكذا، لكن فى السياسة الخارجية لن أقول إن هناك أخطاء ولكن وزير الخارجية عليه ألا يعمل لشعبيته، ولكن لمصلحة البلد وأمنها القومى، وبعد ثورة يناير ربما كان هناك محاولات لاسترضاء الشارع فى بعض الأمور، وهذا أمر خاطئ. * مثل؟ - بأن تقول إنك ستفتح المعابر مع غزة بصفة مطلقة، ولكن يجب أن يكون هناك قواعد تحكم هذا الأمر، وهذا لا يتنافى مع أننا لن نكون أبداً شركاء فى حصار غزة إطلاقاً، كذلك جعل العلاقات مع إيران وكأنها أحد أهداف ثورة 25 يناير، نعم العلاقات معها مهمة، ولكن يجب أن تظل محكومة بالأمن القومى، وأرى أن استمرار السياسة الخارجية فى العمل تحت ضغوط الرأى العام، أمر غير صحيح ولا يؤدى إلى سياسة خارجية رصينة، كذلك انغمسنا داخلياً أكثر من اللازم وأهدرنا وجوداً مناسباً فى عمليات إعادة إعمار ليبيا، وأيضاً هذا الانغماس جعل الآخرين ينظرون إليك باعتبارك فى مرحلة انتقالية، وفى انتظار ما ستفسر عنه الأمور، ولكن دعنا نكون صرحاء، فالوضع الداخلى يشكل القوة الخارجية، ولا يمكن أن يكون الوضع الاقتصادى والأمنى متردياً، ثم تدعى أن سياستك الخارجية نشطة ودورك الإقليمى والدولى كما هو، هذا أمر غير صحيح، نحن مطالبون الآن بترتيب البيت الداخلى على أساس اقتصاد وأمن قويين، وسياحة متدفقة، والأخيرة أعتبرها رأياً عاماً شعبياً عالماً مسانداً لنا وليست مجرد أموال تدخل البلد، والمثال البسيط على وضع العالم لمصر فى دائرة الانتظار هو حجم الزيارات الدولية من المسئولين الأجانب، كيف كانت فى بداية الثورة وما هى عليه الآن. * وكيف ترى البوصلة السليمة للسياسة الخارجية بعد انتخاب الرئيس؟ - الدبلوماسية المصرية عليها الآن جهد مضاعف، باستعادة أرضها على الخريطة الدولية، ثم تبنى دورها، أو كما يقولون فى العلوم العسكرية أن تضع موطئ قدم فى الخريطة الدولية، ثم توسع انتشارها، وهناك عمل شاق ينتظر مؤسسات الدولة فى المرحلة المقبلة. * وما الأرض التى فقدتها مصر فى السياسة الدولية خلال الفترة الماضية؟ - بصراحة لم نفعل شيئاً سواء على الإطار العربى أو الأفريقى، وهما المجال الحيوى لنا، ولم نتحرك خطوة واحدة، وتقديرى كمراقب الآن أنه لم يحدث أى تحسن على هذه الأصعدة سوى تحركات غير واضحة تظهر فى مكان ما ثم يحدث أفول فى آخر، وعلينا فوراً التحرك عربياً وأفريقياً، لأن هذا هو المجال الاستراتيجى الذى يستدعى إعادة بناء فورى، ومثل هذه الجولة ستلقى ترحيباً أفريقياً كبيراً واحتفاء كبيراً برئيس مصر الذى تنتظره أفريقيا، وعليهم أن يستشعروا الاهتمام المباشر من الرئيس المنتخب. * وما الأسس التى نبنى عليها سياسة خارجية سليمة فى المرحلة المقبلة؟ - بخلاف ما ذكرته من ثوابت فى التحرك، هناك أيضاً أسس التنمية والبناء ودراسة التجارب التنموية ونقلها إلينا، فنحن بحاجة لأن تكون توجهاتنا الخارجية مرتبطة بهذا، وتكون فى سدة أولوياتها، وسبق وتحدثت مع المهندس خيرت الشاطر حول مشروع النهضة وأبلغنى أنه قائم على محاور علمية بعد الاتصال بتجارب لدول بعينها مثل سنغافورة وجنوب أفريقيا والنرويج فى مجالات مختلفة وهذا أمر جيد، فالسياسة الخارجية يجب أن تسخر من أجل بناء مصر وأن تساعد فى البعد الثقافى وبناء جيل متعلم فى أرقى جامعات العالم، وأن نكون قادرين على صناعة المستقبل الذى يليق بهذه الأمة العريقة. * إذا تحدثنا عن الشرق الأوسط باعتبار مصر ركيزته أو هكذا يجب أن تكون، كان هناك تابوهات فى التحرك نحو المنطقة، ومنها التحالف العضوى مع الرياض، وصداقة لا تخلو من مشاكسات التنافس مع أنقرة، وعدم ارتياح مع الدوحة، وتحفز متبادل مع طهران، هل سيستمر الوضع على ذلك أم أن خريطة تحركاتنا الشرق أوسطية ستختلف من وجهة نظرك؟ - سؤال جيد، أولاً هناك مثلث لقوة أى عمل عربى مشترك وهو القاهرةوالرياض ودمشق، سوريا الآن ابتعدت لظروف خاصة بها مما أثر على العمل العربى المشترك، وأدى لانهياره تقريباً، لم يتبق سوى ضلعين يجب أن يظلا فى أفضل علاقة دائماً وهما «مصر والسعودية»، وذلك فى مصلحة العالم العربى والإسلامى، وكنت حريصاً على هذا البعد عندما كنت وزيراً للخارجية، أما تركيا لها تسلل سلس إلى المنطقة وسيظل وسيزيد فى المرحلة المقبلة، ولا بأس فى ذلك لأنه لا يتعارض مع مصر ودورها فى المنطقة وقيمتها، بل علينا أن نستفيد منه، أما بالنسبة لقطر لا أعتقد أن لمصر مشكلة واضحة معها، ولكن الفكرة أن الدوحة تحاول دائماً البحث عن دور، وهذا حقها حتى وإن لم يكن يكافئ ذلك قدراتها، وأعتقد أننا بحاجة إلى نوع من الاقتراب معها بأسس جديدة وبشكل فيه تأكيد على أننا القوة الدافعة للمنطقة، أما إيران فكان هناك غزل من جانبها تجاهنا للارتقاء بمستوى العلاقات ولا أجد غضاضة فى ذلك. * بعيداً عن الحديث الدبلوماسى حول إيران، لماذا لا ينتهى التوتر معها، وما الملفات المانعة لتطور هذه العلاقة؟ - ليس سراً، مصر لا تطيق أن يعبث أحد بأمنها الداخلى، والعلاقة أساسها التعاون وليس إثارة أى نوع من المشاكل الداخلية، فهذا غير مسموح به، وكذلك إحساسهم بالهيمنة على المنطقة، فدائماً ما نقول لهم إن هذا أمر غير صحيح، هناك ركائز فى هذه المنطقة لا يمكن تجاوزها وهناك خطوط لا يمكن تخطيها أو أننا نتهاون فيها، وفى مقدمتها أمن الخليج، لأننا نعتبره جزءاً من أمننا القومى، وأيضاً ما يتردد من فترة لأخرى عن محاولاتها نشر المذهب الشيعى، ومثل هذه القراءات علينا الانتباه لها، وأنا هنا لا أحفز أحداً ضد إيران ولكن علينا الانتباه. * وماذا عن أمريكا وتفاعلها مع الرئيس القادم فى مصر؟ - هذا التفاعل ألخصه فى حديث جمعنى مع هنرى كيسنجر السياسى والمفكر الأمريكى البارز، قبل 9 أشهر فى اسطنبول، وهذا الرجل له دراية عميقة بالمنطقة، قال لى وقتها «أنا متأكد تماماً أن الإخوان المسلمين سيكون لهم الدور السياسى القادم فى مصر»، فكان طبيعياً أن أسأله كيف ترى الولاياتالمتحدة هذا الصعود، فكان رده أنهم ليس لديهم أى مشكلة على الإطلاق؛ لأن كل ما يهم واشنطن 3 أمور مفصلية، وأنه يتمنى أن يضعها أى رئيس قادم لمصر فى الاعتبار وهى: الالتزام باتفاقية السلام مع إسرائيل، وضمان سلامة الملاحة فى قناة السويس، وأن يظل تسليح الجيش المصرى من الولاياتالمتحدة، أما شكل الحكم فهذا يقرره المصريون، ونتمنى أن يكون فى إطار ديمقراطى.