التهريب كلمة السر فى أزمة الوقود، الأزمة ليست فى نقص الكميات ولكن فى نقص الضمائر. خريطة التهريب تمتد من السويسوالإسماعيليةودمياط حتى سيناء، نهر الوقود المهرب يجرى ليروى عطش المراكب السورية والتركية فى عرض البحر، وقطاع غزة عبر الأنفاق، ويترك المصريين يبيتون ليلهم أمام محطات الوقود يتشاجرون ويسقطون ضحايا والمهربون يمرحون ويحققون المكاسب الحرام. التهريب تشترك فيه الجهات المسئولة عن التوزيع بسوء تخطيطها، عندما تقرر توزيع كميات كبيرة فى مناطق ذات كثافة سكانية قليلة مثل سيناء لا بد أن يتم تهريب الفائض. وتعتبر منطقة وسط سيناء الممر الرئيسى لعمليات التهريب، حيث تحصل 4 محطات فقط على مليون لتر بنزين 92 بخلاف 450 ألف لتر بنزين 90، وقرابة 500ألف لتر بنزين 80 فيما ترتفع كمية السولار إلى مليون و800 ألف لتر شهريا، وبالطبع تهرب معظم هذه الكميات، فى الوقت الذى تتكدس فيه السيارات أمام محطات الوقود فى باقى محافظات مصر. يقول «ح . م» أحد مهربى الوقود فى وسط سيناء: «نشترى الوقود من الشركات والمحطات بسعر جنيه وعشرة قروش للتر البنزين، وتنقله سيارات الشحن الخاصة إلى أماكن نخصصها لهم وبعد ذلك ننقله عبر الأنفاق فى رفح». وكشف فتحى راشد مدير عام التموين فى شمال سيناء عن أن المحافظة تحصل على كميات الوقود الخاصة بها بانتظام ولكن عمليات التهريب متزايدة، وتتم عبر الأنفاق إلى غزة. أيضا تزايدت عمليات تهريب الوقود عبر البحر خاصة فى السويسوالإسماعيليةودمياط. من جهة أخرى يقول مصدر رفيع فى مخابرات حرس الحدود فى السويس -رفض ذكر اسمه «99% من عمليات تهريب الوقود المنظمة تتم الآن عبر البحر، رغم مواجهة قوات حرس الحدود لهذه العمليات بحسم»، وأضاف أن المشكلة الرئيسية تكمن فى بعض أصحاب الضمائر الخربة داخل مديريات التموين، حيث يتفق هؤلاء مع بعض المدنيين، لاستخراج فواتير، وتصاريح بكميات من السولار، أو البنزين، لغرض تشغيل فرن، أو ماكينات حصد القمح وخلافه، وبالفعل يحصلون على كميات كبيرة بالتصريح الصادر لهم من التموين، وفى حالة ضبطهم، يستندون على هذا التصريح، ويفرج عنهم دون إدانة. وقال «ضبطت القوات أحد المهربين، وبحوزته 30 ألف لتر سولار، وبعد تحرير محضر له وعرضه على النيابة، فوجئنا باثنين من موظفى التموين يتسابقان فى النيابة، لإبراز التصريح الخاص بالكمية». وأوضح أن السبب الرئيسى فى انتشار تهريب السولار والبنزين فى عرض البحر، يرجع إلى عدم قيام الجهات المنوط بها مراقبة توزيع السولار والبنزين بواجبها على أكمل وجه للحد من الظاهرة، لذلك تقرر تكليف قوات حرس الحدود فى السويس، وسيناء، بمتابعة عمليات التهريب عبر البحر، والبر، وقررنا غلق محطات الوقود الثلاث فى ميناء «الأتكة» فى السويس بعد انتهاء موسم الصيد، حتى لا تستغل فى التهريب، على أن يعاد فتحها مع بداية موسم الصيد أول سبتمبر المقبل. وكشف المصدر أن الوضع السياسى الذى تمر به مصر حالياً سبب رئيسى فى أزمة السولار والبنزين، بعد تعمد بعض رجال الأعمال من أصحاب المصانع الكبرى شراء كميات كبيرة من البنزين والسولار بحجة استخدامها فى مصانعهم، ثم يلقون بالحمولة فى الصحراء، لخلق الأزمات، ولم تتم معاقبتهم رغم ضبط عدد كبير من هذه الحالات. ويقول حسين السواحلى مدير عام بشركة النصر للبترول إن التهريب هو السبب الحقيقى فى أزمة الوقود، موضحا أن ميناء الأتكة فى السويس، يضم 3 محطات لتموين مراكب الصيد بالسولار، وبعض أصحاب هذه المراكب تركوا مهنة الصيد، واتجهوا إلى تهريب السولار لتحقيق الربح السريع، حيث يحقق كل مركب من 150 ألفا إلى 200 ألف جنيه خلال أسبوع واحد من حصيلة بيع السولار المهرب فى عرض البحر، يحصلون على السولار من المحطات بسعر مدعم يصل إلى 1100 جنيه للطن، فى حين يباع بسعر ألف دولار للطن، للمراكب السورية والتركية فى عرض البحر. وكشف السواحلى أن منطقة العزبة فى دمياط وبعض منافذ كفرالشيخ ورأس سدر فى سيناء هى الأخطر فى تهريب منتجات البترول، مطالبا التفتيش البحرى فى الموانئ وإدارات التموين بتشديد الرقابة، والاستعانة بقوات حرس الحدود لوقف هذه المهزلة. من جانبه يقول أسامة على الدين رئيس اللجنة النقابية لمدن القناة فى شركة مصر للبترول، التى تعتبر من أكبر شركات التوزيع «سبب المشكلة الرئيسى يرجع إلى استمرار عمليات التهريب التى زادت بصورة مرعبة عقب ثورة يناير، فى ظل الغياب الأمنى، وبعض محطات التموين تتعمد إخفاء كميات كبيرة من السولار والبنزين لبيعها فى السوق السوداء، فى ظل تقاعس مديريات التموين المنوط بها مراقبة عمليات البيع فى المحطات، والتأكد من بيع كل الكمية، وتحرير محاضر ضد المخالفين». وكشف على الدين عن أن هناك بعض المقاولين من أصحاب محطات التموين فى المناطق النائية الموجودة على الحدود تصرف لهم كميات كبيرة من البنزين والسولار، مع أن هذه المحطات لاتعمل ومتوقفة تماماً، وهذا ما جعل شركة مصر للبترول توقف التعامل مع أحد المقاولين بعد أن اكتشفت أن المحطة معطلة ولا تعمل رغم صرفه كميات كبيرة يومياً. وأضاف أن عقوبة تهريب الوقود لا ترقى إلى مستوى الجريمة التى تمس الأمن القومى، حيث يضبط المهرب، ويحرر ضده محضر، وبتحويله للنيابة يسدد غرامة مالية، ويفرج عنه، ويعاود مرة أخرى نشاطه التهريبى لعدم وجود قانون رادع يمنعه من ذلك. وقال محمد خضير مدير مركز العدالة الحقوقى فى الإسماعيلية «خاطبنا الحاكم العسكرى، بعد أن رصد المركز مشكلة تهريب المواد البترولية عبر موانئ الصيد، باعتبارها تجارة رابحة». وقال محمود أبوعلى عضو نقابة الصيادين «أزمة تهريب الوقود يتأثر بها الصيادون الصغار لأنهم لا يستطيعون الحصول على السولار اللازم لتشغيل مراكب الصيد الخاصة بهم، فى حين يحصل الصيادون الكبار على ما يحتاجونه من السولار وأكثر، ولا نعرف ماذا يفعلون بالكميات التى تزيد على احتياجاتهم». من جانبه كشف أبوبكر النواح مدير عام إدارة التجارة الداخلية فى دمياط عن أن الأجهزة الرقابية ضبطت 239 ألف لتر سولار مهرب هذا العام.