لا يزال تهريب المواد البترولية وأسطوانات الغاز هو السبب الأول فى أزمة الوقود التى تعانيها مصر، حسبما تذهب الحكومة، وكشفت مصادر فى وزارة البترول الطريقة التى يتم بها التهريب. قالت المصادر رفضت ذكر أسمائها إن ميناء دمياطالجديدة وميناء الأتكة بالسويس، يعدان أكبر الموانئ التى يتم منها تهريب المواد البترولية، حيث تخرج باعتبارها تموينا للسفن المصرية ومراكب الصيد، فى حين يتم بيعها للأجانب للاستفادة من فارق السعر، خاصة أن سعر السولار يباع محليا ب 110 قروش، وتشتريه المراكب الأجنبية بحوالى دولار ليحقق المهرِّب مكسبا يتجاوز 400%.
ووفقا للمصادر نفسها، تبدأ عملية التهريب بتواطؤ من مديرى محطات الوقود، وأصحاب المراكب وعمال الموانئ، وأحيانا يقوم طرف واحد أو طرفان بالعملية، حيث يتم تحميل براميل داخل سفن الصيد المصرية ويتم بيعها فى عرض البحر.
وشددت المصادر على أن «الأمر الذى لا يردع المهربين هو عدم وجود غرامات، حيث يقتصر التهمة على مصادرة الكميات وتحرير جنحة يستطيع أن يستأنفها ويخرج خلال يومين، وأحيانا يتحجج أصحاب المركب بالمكوث وقتا طويلا فى البحر وبالتالى يحق لهم قانونا أن يأخذوا معهم تموين شهر كامل من السولار».
وبالنسبة للبنزين 80 فإنه يتم تهريبه للمناطق الصناعية التى تستخدمه كمذيبات، لأنه يقبل إضافة مواد كيماوية، وفى الوقت نفسه ارخص من أسعار المذيبات الرسمية.
وفى هذا الصدد يكون المتهم الرئيسى فى الموضوع أصحاب محطات البنزين، حيث يهربون البنزين ليلا إلى المدن الصناعية بالاتفاق مع أصحاب المصانع هناك، ويوفر هذا التهريب لصاحب المصنع أكثر من 5 جنيهات، حيث يتم إضافة مواد كيماوية لمعالجة البنزين ليأخذ نفس خصائص المذيبات التى تباع بأسعار مرتفعة تصل بعضها إلى 30 جنيها للتر المذيب، وبذلك يوفر مبالغ ضخمة، وفى الوقت نفسه يربح صاحب محطة الوقود الذى يبيع اللتر للمصنع بأسعار تتراوح بين 1.5 و2 جنيه.
أما عن البوتاجاز فيتم تهريب معظم الاسطوانات إلى مزارع الدواجن، وقمائن الطوب والمحال التجارية بأسعار تتراوح بين 15 و20 جنيها للاسطوانة الصغيرة، المخصصة فى الأصل للأغراض المنزلية، وتفتق ذهن أصحاب المستودعات عن فكرة جهنمية، عبارة عن «توليد الاسطوانات» حيث يقوم أصحاب المستودعات بتفريغ كل اسطوانتين فى ثلاث اسطوانات ويزيد فى حجم ربحه.
وأضافت المصادر أن الكميات التى تم ضبها خلال الأيام الماضية، تم تهريب أضعاف أضعافها.
من ناحيته، قال مدير الإدارة العامة لمباحث التموين اللواء أحمد موافى ل«الشروق» إن مباحث التموين تكثف جهودها على المهربين، واستطاعت بالفعل ضبط كميات كبيرة جدا كانت فى طريقها للتهريب سواء محليا فى السوق السوداء او خارجيا فى المياه الإقليمية.
وأضاف أن عمليات التهريب تتم بنسب كبيرة، والحكومة تحاول جاهدة منعها، موضحا أن سلطة مباحث التموين تمتد فقد داخل الأراضى المصرية، لكن ليس لها سلطة على السلع التى يتم تهريبها بحرا، لافتا فى الوقت نفسه النظر إلى أن مسئولية ذلك تقع على عاتق شرطة حرس الحدود أو حرس الموانئ.
وأضاف موافى أن ما يشجع المهربين هو ضعف العقوبة والغرامة التى تتراوح بين 500 و1000 جنيه، ومصادرة الكميات وعمل جنحة.
وأرجعت مصادر حكومية أسباب الأزمة إلى تخوف أصحاب محطات البنزين ومستودعات الغاز من أحداث 25 يناير المقبل، الذى قد يتسبب فى تحجيم مكاسبهم غير المشروعة، وبالتالى فإنهم يصطنعون الأزمات لتحقيق اكبر ربح ممكن فى ظل غياب الدولة.
وكانت وزارة البترول قد أعلنت أن الإنتاج المطروح بالأسواق يكفى الاستهلاك ويفيض، ورغم ذلك تضخ كميات جديدة، وبالتالى فحجة نقص الكميات عارية تماما من الصحة.