الجلوس على مائدة الحوار واللجوء إلى التهدئة، حله الأمثل لعبور الأزمات، حتى ولو جاءت مواقفه مؤيدة لقرارات رئيس الجمهورية على حساب زملاء المنصة، الدعوة إلى استقلال القضاء وتعزيز إصدار قانون السلطة القضائية تصريحه الأوحد الذى يواجه به غضب القضاة، والركون إلى الصمت ورفض الحديث، الحل الأخير لامتصاص غضب من حوله. المستشار محمد ممتاز متولى، الذى تولى منصب رئيس القضاء الأعلى خلفاً للمستشار حسام الغريانى، قرر العودة مرة أخرى إلى صفوف القضاة وأعلن تعليق الأعمال التحضيرية لمؤتمر العدالة الذى دعا إليه رئيس الجمهورية بعد اجتماعه برؤساء الهيئات القضائية والتنسيق معهم، ورفض عقد المؤتمر فى ظل استمرار مجلس الشورى فى مناقشة تعديلات قانون السلطة القضائية المقترحة من بعض نواب أحزاب التيار الإسلامى «الحرية والعدالة والوسط». لم يكتفِ هذه المرة بإصدار بيان أو الدعوة إلى التعقل للوصول إلى حل وسط، وقرر أن يتخذ قراراً ينصف به زملاء مهنته ويوحد صفهم، فأصدر قراراً مذيلاً بتوقيعه وخمسة من أعضاء المجلس الأعلى، يتضمن تعليق الأعمال التحضيرية لمؤتمر العدالة بعد تشاور واتصال مع رؤساء الهيئات القضائية «المحكمة الدستورية العليا، مجلس الدولة، هيئة قضايا الدولة، هيئة النيابة الإدارية». أزمات متلاحقة كان «رئيس القضاء الأعلى» طرفاً أصيلاً فيها، تارة مع الجمعية التأسيسية للدستور بشأن الوضع الدستورى للسلطة القضائية، وأخرى مع رئاسة الجمهورية بسبب إقالة النائب العام وتعيينه سفيراً لدولة الفاتيكان، وتارة ثالثة بإعلان دستورى يهدر سلطة القضاء، وأخيراً أزمة تعديلات قانون السلطة القضائية التى يجريها مجلس الشورى بالمخالفة لمقتضيات ما تم الاتفاق عليه بين القضاة ومؤسسة الرئاسة من عقد مؤتمر ثانٍ للعدالة لمناقشة كافة مشاكل القضاء ومنظومة العدالة بما فى ذلك إجراء تعديلات على قوانين الهيئات القضائية، وفى كل مرة كان لرئيس مجلس القضاء الأعلى موقف، يراه القضاة «غير كافٍ لمواجهة الأزمة» وأنه يشق الصف وينال من وحدتهم، كما أن بيانات «القضاء الأعلى» يراها القضاة كذلك أنها تشق صفّهم وتنال من وحدتهم، ولا تحل الأزمة إطلاقاً، ويتخذ المجلس الأعلى طريق المفاوضات دائماً ويرفض التصعيد وهو على خلاف دائم مع القضاة ونادى القضاة، لدرجة أن الجمعية العمومية الوحيدة التى حضرها أعضاء المجلس بكامل تشكيله لرفض مسودة الدستور، خرج بعدها «متولى» ليعلن عدم التزامه بما أصدرته الجمعية من قرارات، وأنه ملتزم فقط بما يصدر من مجلس القضاء الأعلى.